الإنسان واللغة

01:18 صباحا
قراءة دقيقتين

د.باسمة يونس

هل يملك كل مولود استعداداً فطرياً للكلام وتعلم اللغة؟ هل بدأ الكون بلغة واحدة؟ لماذا تعدّدت اللغات حتى وصلت إلى ما هي عليه اليوم؟

هذه الأسئلة وغيرها حاول ثلاثة من أهم علماء اللغة في العالم الإجابة عنها في كتاب «أجمل قصة عن اللغة» رداً على محاورات يقودها «سيسيل ليستيان» بحثاً عن إجابات عنها.

ورغم أن الكتاب بحواراته عن مصادر اللغة وأسطورة اللغات وولادة الكلام الجديدة لا يعطينا الإجابات الشافية، لكنه يبرهن أكثر على عظمة اللغة وكونها الأكثر شأناً في حياة البشر، منذ اكتشاف تشاطر الإنسان 99% من حمضه النووي مع قردة الشمبانزي، وخوفه من فقدان امتيازاته.

لقد بات اكتشاف طرق الحيوانات في الحصول على الطعام وتعاطفها وتعرفها إلى صورتها في المرآة يخيف الإنسان، لكنه يعوّل على تميزه بدماغ، ولغة يمتلكها حتى الصم والبكم فيهم.

إن أول ما على الطفل تعلمه مع المشي هو اللغة، ما أذهل العلماء طويلاً، وجعلهم يبحثون عما يجعل الأطفال يتعلمونها، ونجحوا في تطوير أدوات الاكتشاف العلمي، من أجل فهم كيف يكتسب الأطفال لغتهم.

ورغم قدرة التصوير الطبي على الإجابة عن كثير من أسئلتهم، لا تزال هناك معجزة مذهلة في قدرة طفل خلال ثلاث سنوات فقط على تمييز صوت والديه عن بقية الأصوات، رغم تعدد أصوات المتكلمين من حوله، وسيطرته على العضلات التي تسمح له باللفظ وسرد الحكايات والإنشاد، واستعمال قواعد اللغة قبل تعلمه أي درس في قواعد النحو.

لقد دفعت معجزة اللغة العالم باسكال بيك للتخلي عن تخصصه في الفيزياء النظرية، والاستغراق في البحث من أجل الإجابة عن الأسئلة المتعلقة بتكوين السلالات، ودراسة تطور أسلاف الإنسان وتكيّفهم، كل ذلك من أجل الحفرية «أوسترالوبيثيكوس أفارينيسيس»، وهي الهيكل العظمي الجزئي المسمى لوسي وعمره ما يقارب (3.2 مليون سنة)، والذي عثر عليه علماء أمريكيون متخصصون في علم دراسة مستحثات أسلاف البشر في شرق إفريقيا.

ورصدت طبيبة الأطفال جيسلان دوهان تجاربها المتعلقة باللغة وتطورها لدى الطفل، وعمدت إلى دراستها وتطبيق تلك التجارب على أبنائها الثلاثة؛ لمعرفة كيف ينمو الطفل الطبيعي لمساعدة الصغار المصابين بمشكلات تصعب عليهم حياتهم مثل عسر القراءة أو الكلام، وهي مشكلات تعتبر أشد صعوبة من أمراض أخرى، بما تسبّبه من اضطرابات للأطفال وعائلاتهم أكثر مما تفعله الأمراض الخطِرة.

وشارك الباحث لوران ساغار المعنيّ بدراسة لغات شرق آسيا بقصته عن نشوء السلالة البشرية وفكرها، ودفاعه عن التعددية اللغوية التي يعتبرها أفضل الأسلحة للمحافظة على تنوع اللغات، وإخبارنا ما نعرفه أو ما زلنا لا نعرفه عنها.

إن الإجابة عن سؤال عن أية لغة تكلمها من سبقونا للعيش على الأرض، وما إذا كانت جميع اللغات المحكية تنحدر من لغة واحدة أمر يستحق البحث، ويدفعنا للإعجاب بكل جهد يبذل لذلك.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/2p8hxc6t

عن الكاتب

​كاتبة ومستشارة في تنمية المعرفة. حاصلة على الدكتوراه في القيادة في مجال إدارة وتنمية المواهب وعضو اتحاد كتاب وأدباء الإمارات ورابطة أديبات الإمارات. أصدرت عدة مجموعات في مجالات القصة القصيرة والرواية والمسرح والبرامج الثقافية والأفلام القصيرة وحصلت على عدة جوائز ثقافية.

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"