عادي

تصميم مبانٍ مقاومة للزلازل

21:16 مساء
قراءة دقيقتين
رؤى وأفكار
رؤى وأفكار

(سيانتفيك أمريكان)

يكتسي كوكبنا بصفائح تكتونية تتحرك ببطء، وتتدافع في ما بينها أو تتداخل ليعتلي بعضها بعضاً في أثناء حركتها عند تلك الحدود الفاصلة بينها المسماة باسم الفوالق، ويتسبب الاحتكاك الناجم عن ذلك أحياناً في التصاق صفيحتين من تلك الصفائح في مناطق معينة على طول الفالق، ومع تفاقم التوتر الناجم عن هذا الالتصاق على مدار سنين أو عقود أو ربما قرون، يتصدع الفالق فجأة، ما يسبب تحرك جانبيْ الصفيحتين وتأرجحهما بمحاذاة بعض، وعندها تحدث الزلازل.

وفي غضون ذلك، تنبعث موجات زلزالية من المكان الذي تصدع عنده الفالق وتنتشر خارجه في جميع الاتجاهات، وعندما تصل هذه الموجات إلى سطح الأرض، تتسبب في اهتزاز المباني أو أي أجسام أخرى، علماً بأن الاهتزاز يكون عنيفاً ومدمراً في حال كان الزلزال قوياً وقريباً بما يكفي من سطح الأرض.

ومن أجل الحفاظ على سلامة المباني في أثناء الزلازل، يجب تصميمها بحيث تكون لديها القدرة على مقاومة قوى القصور الذاتي الأفقية، ويرتبط مدى إمكانية تحقيق ذلك ارتباطاً أساسياً بمواد البناء المستخدمة. دعونا نركز على نوعين من أكثر أنواع مواد البناء شيوعاً، وهما الخرسانة وحديد التسليح.

وتحت الظروف العادية، تعد الخرسانة مادة إنشائية ممتازة من حيث قدرتها على حمل وزن المباني، نظراً إلى أنها تبلي بلاء حسناً في تحمّل ما يسميه المهندسون قوى الضغط.

ومن هنا، يسهل على أي منشأ خرساني الصمود عقوداً طالما كان قادراً على تحمّل وزنه على الأقل، بيد أن قوى القصور الذاتي الناتجة عن الزلازل تجعل الجدران والأعمدة الرأسية تتمايل، ما يعرّض الخرسانة لقوى الشدّ، وهي القوى المعاكسة لقوى الضغط.

ويقول بيري أديبار، المهندس الإنشائي في جامعة بريتيش كولومبيا، إنه على الرغم من أن القوى تحاول تغيير شكل المنشأ الخرساني، فالعناصر الخرسانية لا تستسلم ولا تسمح للمبنى بأن يتحرك؛ بل تحاول الحفاظ على تماسك المبنى عوضاً عن ذلك، ويتولد عنها كمّ هائل من قوى القصور الذاتي، غير أن ذلك قد يؤدي في النهاية إلى تصدّع الأعمدة والحوائط الخرسانية وانهيارها؛ لأنها لم تعد قادرة على تحمّل الوزن الذي كانت تحمله.

ومع ذلك، ما زالت الخرسانة إحدى أكثر مواد البناء استخداماً على مستوى العالم، ويرجع هذا الأمر في جانب منه إلى انخفاض تكلفة الخرسانة ووفرة مكوّناتها وقدرتها على تحمّل وزن المنشأ، ولزيادة ملاءمة الخرسانة للمناطق النشطة زلزالياً، يجمع المهندسون بين الخرسانة والحديد، وهو ما يعد أكثر مرونة من الخرسانة.

ويرجع ذلك إلى أن الحديد يتحرك بمرونة عند تعرّضه لقدر معيّن من الشد، على سبيل المثال، عندما تشد برفق الجزء السفلي من شماعة ملابس مصنوعة من السلك، فإنها تعود إلى شكلها مرة أخرى عندما تطلقها. ويشرح أديبار قائلًا، إن الأمر يختلف عند تعرّض الحديد لقوى شد أكبر كتلك التي تتولد عن زلزال قوي جداً؛ إذ يصير الحديد لدناً ويتشوّه شكله. وتشوّه شكل الحديد بفعل الزلزال يعني أنه قد امتص قوى القصور الذاتي بكفاءة دون فقدان قدرته على تحمّل وزن المبنى.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/4m4z76v2

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"