من مثل أمّي

00:01 صباحا
قراءة 3 دقائق

قد تبدو مشاعرنا أحياناً عصيّة على الوصف، عندما يتعلق الأمر بالعواطف والمواقف الإنسانية المؤثرة، وهو ما أراني فيه بعد اختياري واحدة من النساء اللواتي كُرّمن في إطار مبادرة صاحب السموّ الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، «مَن مثل أمّي»، بمناسبة اليوم العالمي للمرأة، يوم الأم، لتكريم أمّهات إماراتيات صاحبات تضحيات استثنائية.

فهذه المبادرة بمقدار ما تحمله من نبل وقيم إنسانية عميقة، فإنها تأتي لتضيء على اللواتي يتركن أثراً استثنائياً في المجتمع والوطن الإماراتيَّين؛ فعندما نتحدث عن المرأة صاحبة التضحيات الاستثنائية، لا نتحدث عنها بوصفها الأم فقط، وإنما عن نصف المجتمع الأهمّ، الذي تناط به مهمات كبرى جلّها تربية الأجيال، وغرس القيم الوطنية والأخلاقية في النشء، وهي قيم تبدو في مقدمة الأهداف التي لا بدّ من تحقيقها، والمحافظة عليها، من أجل بناء وطن عزيز بمبادئه وقيمه، قوي بأبنائه وبناته.

 عندما علمت بتكريمي بين النساء اللائي تمّ اختيارهنّ في هذه المبادرة القيّمة، اختلطت في داخلي المشاعر، مزيجاً من الفرح والاعتزاز والفخار، فهو تكريم من قائد كبير، ووطن غالٍ عزيز.

 ولذا اجتاحتني مشاعر حبّ لوطني لا أستطيع وصفها؛ فمن يحب، لا يفكر كيف يقيس حبه، لا يتخيله، ولا يرقب نبض قلبه؛ من يحب يذوب في حبه، ويكون غارقاً في متاهات المشاعر، يلاحق قلبه الذي لا يتوقف عن الجري خلف المحبوب، وأيّ محبوب أحقّ بالحب من الوطن.

 إن هذا التكريم اعتراف بما قدمته من دون مقابل، لوطن تربّيت فيه، وعشقته كما يعشق الوليد أمه. هذا التكريم لم يكن لأنني أم فقط، وإنما بسبب تلك التحديات التي واجهتها في حياتي، وجعلتُ منها فرصاً للنجاح، ومدخلاً للعطاء، بوقوفي مع أبنائي، وصديقاتي اللواتي يشاركنني ردّ الجميل لهذا الوطن المعطاء، وقيامي بدوري أمّاً ومدرّسةً لأطفالي، عبر اهتمامي بفتح باب الحوار بيني وبين المدرسة، التي واظبت على التواصل معها دائماً، للنهوض بمسؤولية تأسيس الأرضية الصلبة لأبنائنا لبناء مستقبلهم، ووقوفي ومساندتي لكل امرأة تشاركني تلك المسؤوليات الجسام في تربية النشء، وزرع بذور المبادئ الوطنية والقيم الأخلاقية في نفوس أبنائنا، الذين يعوّل عليهم في بناء مستقبل مشرق لوطننا الذي غمرَنا حبّه وعطاؤه، فضلاً عن القدرة على التوفيق بين العمل والعلم والهوايات المختلفة، إلى جانب تربية الأبناء، وإعدادهم ليكونوا ذخراً لوطن تنبض قلوبنا بحبه، الذي يسري في شراييننا كالدماء.

 كلمات كثيرة أجدني أبحث عنها، علّني أستطيع بها التعبير عمّا يجيش في نفسي من مشاعر عصيّة على الوصف، حملتني على أجنحة ذاكرتي إلى ذلك اليوم الذي حملت فيه وسام الوطن لكوني أرملة شهيد. وذلك التكريم الذي أحاطت به قيادتنا المخلصة والوطنية، أسر شهداء الوطن من رعاية واهتمام.

 فإذا كانت مسؤولياتنا، نحن النساء، كبيرة ومهمة في جميع مناحي الحياة، فإن هذا التكريم لا بدّ أن يزيد حجم هذه المسؤوليات، لنكون قدوة لغيرنا من النساء، اللواتي يراد لهنّ أن يكنّ استثنائيات أيضاً، في وطن استثنائي، وأن نكون تلك القوة الحانية التي تزيل الصخور من دروب الوطن، فنكون صادقات ومخلصات في حبنا للوطن والقيادة التي آثرت أن تكون في المقدمة دائماً، وأنموذجاً يحتذى في الوطنية والإخلاص للشعب والوطن.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/2p8kert9

عن الكاتب

كاتبة وأديبة إماراتية

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"