كلايد راسل*
بقيت واردات آسيا من النفط الخام عند مستويات قوية نسبياً، في مارس/ آذار الماضي، حيث عوضت التدفقات القوية إلى عملاقي الاستيراد «الصين والهند»، ضعف الطلب عند بعض المشترين الآخرين.
وبلغة الأرقام، قدرت أبحاث «رفينيتيف» إجمالي واردات النفط الخام لآسيا، الشهر الماضي، بنحو 116.73 مليون طن، أي ما يعادل 27.6 مليون برميل يومياً. وهي كمية أعلى بنسبة 4% تقريباً من 112.32 مليون طن في فبراير/ شباط، لكنها أقل ب 6.1% على أساس يومي من 29.4 مليون برميل يومياً للشهر ذاته. وأقل أيضاً من 29.13 مليون برميل يومياً في يناير/ كانون الثاني.
ومع ذلك، كانت أرقام الأشهر الثلاثة الأولى من عام 2023 أقوى من تلك المسجلة في أي شهر، العام الماضي، باستثناء نوفمبر/ تشرين الثاني، عندما بلغت واردات آسيا من الخام 29.10 مليون برميل في اليوم.
وعلى الرغم من انخفاض واردات آسيا اليومية من النفط في مارس/ آذار، إلا أنه يمكن اعتبارها بداية قوية للعام الجديد، حيث شهد الربع الأول تدفق 28.67 مليون برميل يومياً، بزيادة 6.3% عن 26.96 مليون في الربع الرابع من عام 2022.
وتدعم هذه التفاصيل بعض التوقعات الصعودية في أسواق النفط، والتي ركزت على انتعاش قوي في الطلب من الصين، أكبر مستورد للخام في العالم، والتي أعادت فتح اقتصادها بعد إنهاء سياسة «كوفيد» الصارمة، في نهاية العام الماضي.
وبحسب «رفينيتيف»، بلغت واردات الصين من النفط الخام في مارس/ أعلى أعلى مستوى خلال أربعة أشهر، عند 49.26 مليون طن، (أي ما يعادل 11.65 مليون برميل يومياً)، ما يزيد بنحو مليون برميل يومياً عن 10.66 مليون في فبراير/ شباط.
واستعادت المملكة العربية السعودية مكانتها كأكبر مورد للصين ب 8.08 مليون طن، أو ما يعادل 16.4% من الإجمالي، متفوقة على روسيا ب 7.95 مليون طن، أو 16.1% من الإجمالي. ويأتي هذا التنافس على المركز الأول بين روسيا والسعودية منذ أن أدت الحرب الروسية في أوكرانيا إلى منح مُصدري النفط الروس خصومات كبيرة للمشترين الآسيويين، بعد أن جفت أسواقهم في أوروبا نتيجة للعقوبات المفروضة على موسكو.
وبينما لا تزال أحجام واردات الخام الروسي إلى الصين مرتفعة، وفقاً لمعايير ما قبل الحرب، تُظهر بيانات «رفينيتيف» وجود تنافس آخر بين الهند والصين على الشحنات الروسية التي يجري إفراغها في موانئ المحيط الهادئ.
ورفعت الهند وارداتها من النفط الخام للمرة السادسة على التوالي، إلى أعلى مستوى لها في 11 شهراً عند 21.23 مليون طن (نحو 5.02 مليون برميل يومياً) في مارس، 34% منها (أو 7.29 مليون طن) قادمة من روسيا.
يأتي ذلك في وقت تحولت فيه الهند إلى النفط الروسي الرخيص، حيث اشترت في شهر ديسمبر/ كانون الأول الماضي 1.82 مليون برميل من مزيج «فاراندي بلند» المستخرج من القطب الشمالي، في إطار خطط تستهدف احتواء وارداتها على أنواع الخام المختلفة. ومع ذلك فالهند مستمرة أيضاً في شراء خام «الأورال»، الذي يتم تحميله في الموانئ الغربية لروسيا، ثم يُنقل عبر قناة السويس أو حول إفريقيا، وصولاً إليها.
واشترت الهند أيضاً نحو 400 ألف طن من خام «إسبو» الروسي في مارس، ما دفع الصين إلى استيراد 1.56 مليون طن من الأورال، وهو حجم قياسي مرتفع من هذا الصنف.
وهنا تجدر الإشارة إلى أن روسيا تنتج أنواعاً مختلفة من النفط، أبرزها خام «الأورال» الرئيسي، إلى جانب مزيج شرق سيبيريا والمحيط الهادئ (إسبو)، ومزيج «فاراندي بلند»، وخام «سوكول»، و«سخالين».
بشكل عام، تواصل الصين والهند دفع واردات آسيا من النفط الخام، لكن الحصة المتزايدة من النفط الروسي تثير تساؤلات حول التأثير في الموردين الآخرين، وما إذا كانوا يشهدون انخفاضاً في الطلب.
وهنا تتكشف بعض التفاصيل المثيرة للقلق في واردات آسيا من الخام، منها استحواذ اليابان، ثالث أكبر مشتر في المنطقة، على 10.67 مليون طن فقط، في مارس، أو (نحو 2.52 مليون برميل يومياً)، في أدنى مستوى لها منذ يونيو/ حزيران 2022.
وبالنظر إلى المستوردين الرئيسيين الآخرين، قفزت واردات كوريا الجنوبية من الخام إلى مستوى قياسي بلغ 3.33 مليون برميل يومياً، كما حققت سنغافورة واردات قوية أيضاً، لشهر مارس/ آذار. في حين انخفضت حصة تايوان.
لكن القلق الرئيسي ينصب حول بقية آسيا، في معظم جنوب شرقها وجنوبها، باستثناء الهند والصين، والمستوردين الأربعة الكبار الآخرين، فقد انخفضت الواردات من الخام إلى 12.87 مليون طن في مارس، من 14.36 مليون في فبراير. ما قد يؤثر في الرواية الإيجابية المتداولة لواردات الصين والهند من الخام الروسي.
* كاتب في (رويترز)