مفارقات سوق النفط.. اضطرابات تسبب استقرار الأسعار

21:21 مساء
قراءة 4 دقائق

كلايد راسل *

الأمر السائد في أسواق النفط الخام هو تضارب الكثير من الروايات المتنافسة وتقاطع العوامل الدافعة، ما يتسبب في تشوش المشهد وجعل المسار في حالة من الضبابية.

ونتيجة لهذا الوضع المبهم، من المرجح أن تظل الأسعار حبيسة النطاق الحالي الضيق نسبياً، والذي ساد خلال معظم العام الجاري؛ حيث ينتظر المشاركون في السوق وضوح الرؤية أو بعضها.

وحتى عندما عقدت صناعة النفط اجتماعها السنوي في آسيا، المنطقة الأكثر استيراداً والمحرك المحتمل للطلب العالمي على النفط الخام في السنوات المقبلة، لم يكن هناك إجماع حول بصمة المؤثرات المختلفة.

فقد ظلت كلمة «عدم اليقين» هي الكلمة الرئيسية المستخدمة في حدث «مؤتمر آسيا والمحيط الهادئ للنفط»، APPEC، الذي استضافته «بلاتس» في سنغافورة، وذهب أحد المتحدثين إلى حدٍّ وصف فيه وضع السوق الحالي بالفوضوي.

وبالسؤال عن قائمة القضايا الرئيسية التي تخيم على سوق النفط الخام، على المدى القصير والطويل، فإن القائمة، بأي حال من الأحوال، لا تشملها جميعاً، وإنما تعكس فقط الضجة التي سادت المؤتمر والإحاطات الإعلامية المصاحبة. ومن ذلك:

* ماذا ستفعل «أوبك بلس» بسياساتها الإنتاجية في 2024؟ وإلى متى تستطيع مجموعة المصدرين الحفاظ على التماسك والتنازل عن حصتها في السوق للمنتجين من خارج النادي، كالولايات المتحدة والبرازيل؟

* ما الذي سيطرأ على الطلب الصيني على النفط؟ وهل في عام 2024 سيشهد أكبر مستورد في العالم الانتعاش المتوقع؟

* تتعلق بالطلب الصيني صادرات البلاد من المنتجات المكررة، فهل ستزداد في ضوء التراجع الواضح في الاستهلاك المحلي، حيث تسعى مصافي التكرير إلى زيادة الإنتاجية إلى الحد الأقصى والاستفادة من بعض هوامش الربح المرتفعة للوقود مثل الديزل؟

* إلى أين يتجه سوق النفط الخام العالمي المنقسم بشكل متزايد في ظل التسعير الموازي وتداول النفط من روسيا وإيران وفنزويلا، وجميعها بلدان تخضع لشكل من أشكال العقوبات الغربية؟

* هل سيتمكن العالم المتقدم من تحقيق الهبوط السلس بالاقتصاد الذي طال انتظاره، والذي يشير التاريخ إلى صعوبة بالغة في تحقيقه؟

* حتى لو كان تحقيق الهبوط السلس أمراً ممكناً، فقد تمتد فترة ارتفاع أسعار الفائدة، وهو ما يصل تأثيره في النهاية إلى تداول النفط الخام ويصبح تمويل التداول على الورق والتداول الحقيقي أكثر كلفة، ويصبح الاحتفاظ بالمخزونات، وخاصة في السوق المتخلفة، أمراً غير منطقي. فهل يعني هذا أن انخفاض مخزونات النفط الخام والمنتجات يرتبط أكثر بقضايا التمويل، أم أنه ناتج عن خفض إنتاج أوبك بلس؟

* كيف يؤثر تغير مؤشر السعر العالمي لخام برنت، القياسي، في التداولات؟ فهل في الواقع أصبح خام برنت مجرد سعر يعكس كلفة خام غرب تكساس الوسيط الذي تم تسليمه إلى روتردام؛ بالنظر إلى أنه منذ إضافة الخام الأمريكي إلى المؤشر القياسي أصبح يهيمن على عمليات التسليم المادية؟

* أدى خفض إنتاج «أوبك بلس» إلى تشويه الأسواق المادية بقدر ما أدى إلى تراجع وفرة النفط الحامض (عالي الكبريت)، وبالتالي تعمل العديد من مصافي التكرير على مزيج خام دون الأمثل من النفط الخام وإنتاج الكثير من النافتا والبنزين، وكميات غير كافية من الديزل ووقود الطائرات.

* أحد المخاوف على المدى الطويل هو التحول إلى كهربة أسطول المركبات، وخاصة في الصين، ومن المرجح أن يؤدي ذلك إلى وفرة إنتاج مصافي التكرير الصينية من البنزين، أكثر بكثير مما هو مطلوب في السوق المحلية، ما قد يؤدي إلى زيادة الصادرات.

تتناقض قائمة المخاوف هذه مع اجتماع العام الماضي الذي هيمنت عليه بالكامل أزمة الطاقة الناجمة عن الأزمة الروسية الأوكرانية.

فهذا العام تم بالكاد ذكر الأزمة وتداعياتها، وإن كان الأمر يستحق المناقشة، فذلك فقط لعكس أن السوق قد تكيفت بشكل عام وأن النفط الخام والمنتجات الروسية لا تزال تجد طريقاً إلى السوق العالمية، وإن كان بشكل أقل وبطريقة أقل فاعلية عن ما كان عليه قبل حرب فبراير 2022.

ومن المثير للاهتمام ملاحظة أن المشاركين في سوق النفط بينما كان من الممكن أن يتفقوا إلى حد كبير على عدد لا يحصى من القضايا التي تواجه الصناعة، فإن اختلافاً حدث في ما يتعلق الأمر بتقييم كل قضية والتأثير المحتمل لها.

ورأى بعضهم أن «أوبك بلس» تحافظ على ثباتها وتبقي على محدودية المعروض من أجل إبقاء سعر «برنت» أقرب إلى 90 دولاراً للبرميل بدلاً من 70 دولاراً.

والصين إما أن تكون منارة قوة للطلب على النفط الخام أو أنها قد تكون أضعف من المتوقع، وأي زيادة في الواردات إما أن تتدفق إلى صهاريج التخزين أو يتم تصديرها كوقود مكرر.

وفي وجود عدم اليقين بشأن التوقعات الاقتصادية العالمية واحتمال تمدد فترة ارتفاع أسعار الفائدة والدولار القوي، يواجه سوق النفط الخام عدداً كبيراً من المشكلات.

ومن المحتمل أن تصبح معظم هذه القضايا أكثر وضوحاً بمرور الوقت وتقييم تأثيرها بشكل أكثر دقة، ولكن في الوقت الحالي يبدو أن فوضى سوق النفط تعني استقرار الأسعار.

* كاتب مختص بأسواق الطاقة في «رويترز»

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/2f6n82um

عن الكاتب

كاتب في رويترز

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"