خواطر في خشية التقدم

00:04 صباحا
قراءة دقيقتين

ما هي حقيقة المخاوف التي تنجم عن التقدم العلمي والتقاني؟ أهي ردود فعل طبيعية تلقائية إزاء الجديد الطارئ؟ أم هي هشاشة في أجهزة استقبال التحولات؟ يمكن القول إن الأمم والشعوب جميعاً كانت عبر التاريخ هكذا، ولا تزال، حتى تلك الدول التي أتت بما لم تستطعه الأوائل من الابتكارات والاختراعات والفلتات الإبداعية. كل تغيير وتطوير وتحوير تقابله المجتمعات بالصدمة الاعتراضية: «إنّا وجدنا آباءنا على أمّة وإنّا على آثارهم مقتدون» (الزخرف 23). ذلك كان عن مجتمعات غابرة. تاريخنا العربي الإسلامي كله، إلى أيّامنا هذه كان حافلاً بصراعات المحافظين الأصوليين الراديكاليين السلفيين من جهة، على الضفة الأخرى، المجددون التطوريّون الإصلاحيون التنويريون.
الآداب والفنون والنظريات الفلسفية والسياسية والاقتصادية، لم يخلُ من نزاعاتها عصر. بل إن الحوادث التي شهدها التاريخ العربي الإسلامي، لا تُعدّ شيئاً مذكوراً إذا قيست على ما جرى في تاريخ أوروبا من مروّعات ومآسٍ قاسية وحماقات. الملك الفرنسي فرانسوا الأوّل، سنة 1535، أغلق المطابع، قائلاً: «إن العالم غير مستعدّ لذلك». قبل ذلك بأكثر من ستة قرون كان الخليفة المتوكل يجادل بمنتهى الحِلم والأريحية ابن الرّاوندي الملحد، في كتابه «الزمردة» سطراً سطراً، علماً بأن فيه سخريات لا علاقة لها بفلسفة أو تحليل أو رأي. المسكين جاليليو جاليلي قال بدوران الأرض، فكادوا يحرقونه. عبدالله بن سبأ، اليهودي اليمني، ألّه الإمام عليّاً، فحكم عليه بالحرق، فقال له: «لقد ازددت إيماناً بألوهيتك، لأنه لا يُحرق بالنار غير الله»، فأمر بنفيه ففرّ إلى مصر. ابن رشد أحرقوا كتبه ونجا هو من الكباب والهباب. حين سمع العقّاد القيثارة الكهربائية في «أنت عمري» قال: «فقدت أمّ كلثوم وقارها».
منذ مطلع الشبكة وتطور المعلوماتية إلى الذكاء الاصطناعي، وصولاً إلى «شات جي.بي.تي»، وستأتي التقانة بما لا تتخيلون، دخلنا عصر«شي يجنّن». لك أن تتصور ما يحدث حين تدمج قدرات «شات جي.بي.تي» بعجائب ميتافيرس. المستقبل مجاهيل في مجاهيل. البشرية أمام روبوت يتقن أكثر من مئة لغة، ولديه موسوعية تفوق كل ما في مخزون «جوجل» من معلومات. المخاوف لا معنى لها إذا اختار العرب أن يجلسوا القرفصاء على رصيف محطة القطارات المستقبلية. عليهم بالشخير، فالقرفصاء متعبة. الأخطر هو أن يؤثروا النوم، بينما تيارات علمية تقانية تنبئ بتحولات نجومية في تاريخ البشر، لكنها تابعة لأفراد في القطاع الخاص. هل يمسي المتخلفون عبيداً لأفراد؟
لزوم ما يلزم: النتيجة الأملية: هل يصحو العرب ويسعون إلى إخراج أرانب من تحت القبعة، أو كمّ السترة قبل فوات الأوان؟ المفاجآت الكبرى، هي ألاّ أحد يعلم ما الذي تخبّئه الصين من عجائب!
[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/4uesandz

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"