دبي - الخليج
نجح رائد الفضاء الإماراتي سلطان النيادي في خوض أول مهمة سير في الفضاء بتاريخ العرب خارج محطة الفضاء الدولية، ضمن البعثة 69 ، ليسطر إنجازًا جديداَ يُضاف إلى سجل الإنجازات التي حققها مركز محمد بن راشد للفضاء في مجال استكشاف الفضاء. كما يُضاف هذا الإنجاز التاريخي إلى إسهامات العالم العربي في استكشاف الفضاء الخارجي.
وأكد صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، أن المهمة التي تعد إنجازاً إماراتياً وعربياً في مجال علوم الفضاء جاءت، بعد عمل شاق وجهد وإصرار على مدار ثلاث سنوات،
وقال سموه: "بعد 3 سنوات من التدريب المكثف...رأينا اليوم سلطان النيادي في أول مهمة للسير في الفضاء الخارجي..وتنفيذ مهمات لتركيب أجزاء جديدة وإجراء صيانة في محطة الفضاء الدولية..أول إماراتي..أول عربي..أول مسلم..يسير في الفضاء الخارجي..فخورين بذلك".
وأضاف سموه: "يقولون أن ثلثي نجوم السماء تحمل أسماءً عربية... العرب قادرون... العرب قادمون... العرب مبدعون إذا قررنا التركيز على العلم... والاستثمار في الشباب... والابتعاد عن الخلافات".
واستمرت مهمة السير في الفضاء التي خاضها النيادي، ورائد الفضاء ستيفن بوين، على مدار 7 ساعات ودقيقة واحدة، حيث كان من بين أحد الأهداف الأساسية لهذه المهمة، العمل على سلسلة مهام تحضيرية لتركيب ألواح شمسية، وهو ما تم تحقيقه بنجاح. وستركب الألواح خلال مهمة لاحقة في يونيو/ حزيران المقبل، حيث تسهل هذه التحضيرات على رواد الفضاء العمل خلال المهمة المقبلة؛ وتقوم الألواح الشمسية بدور محوري في تشغيل محطة الفضاء الدولية، وتوفير طاقة نظيفة ومتجددة لدعم التجارب والأنظمة والعمليات اليومية على متنها.
وإلى جانب هذه المهمة كان على رائدي الفضاء تغيير وحدة RFG الخاصة بترددات الراديو، وهي جزء من نظام الاتصالات S-Band الخاص بمحطة الفضاء الدولية، تمهيداً لإعادتها إلى الأرض. ولكن هذه الوحدة ستبقى مثبتة على متن المحطة بسبب صعوبات متعلقة بإزالتها.
وقبل بدء مهمة السير في الفضاء، خضع النيادي وبوين على مدار ساعتين لعملية تنقية أجسادهم من النيتروجين عن طريق استنشاق الأكسجين. وقام وارن هوبورغ وفرانك روبيو بمساعدة رائدا الفضاء في ارتداء بدلاتهم الفضائية، وهي عملية كبيرة في حد ذاتها، حيث استغرق الأمر من النيادي وبوين ساعة إضافية لارتداء بدلاتهما، ومعدات السلامة قبل دخول غرفة معادلة الضغط لتقليل الضغط تدريجياً إلى مستوى آمن، تمهيداً لفتح الفتحة الخارجية.
وعقب الانتهاء من هذه الخطوة، توجه بوين خارج الفتحة التي تربط الكابل الخاص به بالجزء الخارجي من هيكل المحطة، قبل أن يرسو الكابل الخاص بسلطان النيادي بالخارج أيضاً. ثم انفصل النيادي عن الجزء الداخلي من غرفة معادلة الضغط، وشرع في تنفيذ المهام الموكلة إليه.
وتمت متابعة المهام التي قام بها النيادي، خلال مهمة السير في الفضاء من زميله رائد الفضاء هزاع المنصوري، مسؤول متابعة مهمة البعثة 69 على الأرض، من داخل محطة ناسا الأرضية في هيوستن.
- فحوصات السلامة قبل بدء المهمة
وقبل بدء النيادي وبوين مهمة السير في الفضاء، خضع الثنائي إلى مجموعة فحوصات شاملة لضمان سلامتهما، خاصة وأنهما كانا في مواجهة تحديين رئيسيين خلال مهمتهما؛ الإشعاعات، والحرارة المتفاوتة، حيث يمكن أن تصل درجتها خارج محطة الفضاء الدولية إلى 120 درجة مئوية في ضوء الشمس، وتنخفض إلى سالب 150 درجة خلال العمل بعيدًا عن أشعة الشمس. لذلك صممت البدلة المخصصة للسير في الفضاء بدقة شديدة للتعامل مع هذه التحديات.
ومن التحديات الأخرى التي واجهت طاقم المهمة، حتى بعد اتخاذ الاحتياطات اللازمة، هو الحطام الفضائي، والتي تُشكل خطرًا على رواد الفضاء.
- نقلة نوعية
وتعليقًا على هذا الإنجاز التاريخي، قال حمد عبيد المنصوري، رئيس مجلس إدارة مركز محمد بن راشد للفضاء: "مهمة طموح زايد 2 تُجسد العزيمة الإماراتية، والاجتهاد من أجل تحقيق المزيد من النجاحات في قطاع الفضاء، وهي أفضل انعكاس للرؤية الحكيمة لقيادتنا، والتي حملتنا خلال سنوات قليلة إلى تحقيق نقلة نوعية لقطاع الفضاء الإماراتي والعربي. ويعكس هذا الإنجاز التاريخي التزام دولة الإمارات بترسيخ موقعها الرائد في قطاعات الفضاء والعلوم والتكنولوجيا، كما يُعد مصدر إلهام للأجيال القادمة لاستكمال مسيرة استكشاف الفضاء".
- دعم القيادة
من جانبه، قال سالم حميد المري، المدير العام لمركز محمد بن راشد للفضاء: "نالت مهمة رائد الفضاء سلطان النيادي للسير في الفضاء الدعم المستمر من قيادتنا الرشيدة. بينما يجري سلطان تجارب علمية رائدة على متن محطة الفضاء الدولية، تضيف مهمة السير في الفضاء إنجازًا جديدًا لرصيد إنجازات الإمارات في مجال استكشاف الفضاء، حيث تساهم هذه المهمة في عودة محطة الفضاء الدولية إلى قدرتها التشغيلية الكاملة، ما يعزز مكانة الإمارات كمساهم رئيس ورائد في مجتمع الفضاء العالمي ".
- إنجاز غير مسبوق
وأضاف عدنان الريس، مدير مهمة طموح زايد 2، برنامج الإمارات لرواد الفضاء: "تُعد أول مهمة سير في الفضاء بتاريخ العرب، والتي خاضها سلطان النيادي، إنجازًا غير مسبوق لبرنامج الإمارات لرواد الفضاء. ينطلق رواد الفضاء في مهامهم إلى محطة الفضاء الدولية، وهم مؤهلين جيدًا للقيام بالمهمات الموكلة إليهم، لذلك فهم يرتقون لمستوى التحدي بمهارات وعزيمة وتصميم لا مثيل لهم. وبينما نحتفل بهذا الإنجاز التاريخي، نتطلع إلى المستقبل بشغف وطموحات كبيرة، حيث يستعد حالياً رواد فضاء إماراتيون لخوض مهام جديدة لاستكشاف الفضاء في المستقبل، وكلنا ثقة في قدرتهم على إتمام تدريباتهم بنجاح، ما يبرز القدرات المتنامية لدولة الإمارات في مجال استكشاف الفضاء".
- شهران على متن محطة الفضاء الدولية
وسيكمل النيادي شهرين على متن المحطة الدولية، منذ انطلاقه من قاعدة كاب كانافيرال؛ لخوض أطول مهمة فضائية في تاريخ العرب في الثاني من مارس/ آذار الماضي، ضمن طاقم Crew-6 . وعمل النيادي خلال شهره الثاني على متن المحطة الدولية، على تجارب وأبحاث علمية عدة، هي:
جمع عينات الهواء من وحدات مختبر Destiny وColumbus قبل تنظيف مرفق نباتات الفضاء Veggie . وتم تحليل العينات لأغراض البحث.وتم إرسال ما يقرب من 1950 كغ من التجارب العلمية القيمة إلى الأرض عبر مركبة الشحن الفضائية دراغون، والتي هبطت قبالة ساحل تامبا، فلوريدا.
- إعداد الأجهزة لدراسة فيزياء السوائل CapiSorb Visible Systems . وتبحث هذه التجربة في إمكانية استخدام نظام إزالة ثاني أكسيد الكربون القائم على السائل لتعزيز الحلول الفضائية الأكثر كفاءة، والتطبيقات المتقدمة المرتبطة بالأرض.
وأجرى أبحاث على أنسجة القلب، داخل مختبر وحدة "كيبو"، ويساعد البحث الأطباء في علاج أمراض القلب التي قد تحدث في الفضاء، واضطرابات القلب التي يتعرض لها البشر، وكذلك الوقاية منها.
وعمل على اثنين من التجارب التكنولوجية؛ خلال التجربة الأولى ظهر سلطان وهو يستخدم تقنية الطباعة ثلاثية الأبعاد، بينما خلال التجربة الثانية ظهر وهو يستخدم جهاز التبريد المخبري MELFI ، لحفظ العينات التي تمت دراستها في درجة حرارة تصل إلى 100 تحت الصفر قبل إرسالها إلى الأرض ضمن شحنة مركبة دراغون 27 التابعة لسبيس إكس.
يُذكر أن برنامج الإمارات لرواد الفضاء، الذي يتولى إدارته مركز محمد بن راشد للفضاء، يُعدّ أحد المشاريع التي يمولها صندوق تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، التابع لهيئة تنظيم الاتصالات والحكومة الرقمية، ويهدف إلى دعم البحث والتطوير في قطاع تكنولوجيا المعلومات والاتصالات.