عادي

الصمغ العربي.. منتج سوداني مستخدم في سلع عدة بالعالم مهدّد بالحرب

20:20 مساء
قراءة 3 دقائق
شجرة الأكاسيا

قبل الحرب التي اندلعت في منتصف إبريل/ نيسان في السودان، كان خمسة ملايين شخص يعتاشون من الصمغ العربي، المادة الأساسية التي تدخل في تركيبة المشروبات الغازية والعلكة. اليوم، انخفضت أسعار الصمغ في السودان إلى النصف، وغادر الأجانب الذين كانوا يشترونه البلاد، بينما تقع مخازنه في وسط المعارك.

في الأبيض، أحد أبرز أسواق الصمغ العربي على بعد 350 كيلومتراً جنوب الخرطوم، يقول التاجر آدم محمد عيسى: «إنها كارثة حقيقية للمنتجين».

يُستخلص الصمغ من عصارة صلبة مأخوذة من شجرة الأكاسيا، وهو مستحلب ذو أهمية كبيرة يُستخدم في صناعات شتى، من المشروبات الغازية إلى العلكة مروراً بالمستحضرات الصيدلانية.

حزام الصمغ العربي

ويمتد حزام الصمغ العربي في السودان، على مساحة تبلغ حوالى 500 ألف كيلومتر مربع من إقليم دارفور في غرب البلاد على الحدود مع تشاد، إلى ولاية القضارف في شرقها قرب الحدود مع إثيوبيا.

قاوم حزام الصمغ كل التحدّيات في السابق: من الحظر الدولي الذي فرض على السودان في تسعينات القرن الماضي ومطلع القرن الحادي والعشرين، وصولاً إلى الأزمات وأعمال العنف المتكرّرة التي هزّت السودان منذ سقوط الرئيس عمر البشير، إلى التغيّر المناخي.

وكانت الولايات المتحدة استثنت الصمغ العربي من العقوبات التي كانت تفرضها على السودان خلال عهد البشير، لأهميته.

والسودان في صدارة البلدان المنتجة للصمغ، ويستحوذ على حوالى 70% من تجارته العالمية، بحسب الوكالة الفرنسية للتنمية.

ويقول رئيس مجلس الصمغ العربي مصطفى السيد خليل ل «فرانس برس»: «إذا فقدنا حزام الصمغ العربي سيغرق الجميع، نحن كلنا في مركب واحد»، في إشارة إلى انقسام السودانيين.

ويشهد السودان فوضى عارمة منذ اندلاع المعارك في 15 إبريل/ نيسان بين الجيش بقيادة عبد الفتاح البرهان وقوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو المعروف ب«حميدتي».

إنتاج الصمغ

ويتركّز إنتاج الصمغ العربي في الخرطوم حيث المعارك ضارية، ومنها يُصدّر إلى الخارج، لا سيما الولايات المتحدة، ويُنتج جزء آخر منه في إقليم دارفور حيث تدور معارك أيضاً. ولم تصل المعارك إلى القضارف، لكن الأسعار تدهورت بشكل سريع.

ويقول آدم عيسى: «الآن هناك كميات كبيرة معروضة، ولا أحد يريد أن يشتري، لأن أصحاب الشاحنات يخشون المرور، في طريقهم إلى الميناء الواقع في منطقة الحرب في الخرطوم».

ويفيد سكان في الخرطوم أن عدداً كبيراً من الشاحنات دُمّر في القصف، بينما قُتل عدد من سائقي الشاحنات. في الوقت ذاته، تضاعف ثمن الوقود عشرين مرة.

وترى منسّقة مشروع دعم هيكلة قطاع الصمغ العربي بالسودان المموّل من الاتحاد الأوروبي فايزة صديق أن «الأزمة الحالية يمكن أن تؤثر في الصادرات، لأننا نواجه نقصاً في الوقود يجعل النقل مشكلة».

وتضيف «ينقل الصمغ إلى الخرطوم حيث مراكز التجميع، لأن معظم الشركات المصدّرة تقع في الخرطوم».

وأدى عدم الإقبال على شراء الصمغ بسبب الظروف الراهنة إلى تراجع سعره، وفق ما يقول منتج الصمغ أحمد حسين.

ويتابع:«تراجع سعر الطن من 320 ألف جنيه (حوالي 627 دولاراً) في نهاية مارس/ آذار إلى 119 ألف جنيه (حوالي 233 دولاراً) حالياً».

مخزون كاف

ويشير خليل إلى أن صادرات السودان من الصمغ العربي بلغت حوالى 60 ألف طن (40 ألف طن من نوع الطلح و20 ألف طن من نوع الهشاب) في عام 2022. ويصعب، بحسب رأيه، اليوم تحديد كمية الإنتاج أو التصدير.

ويقول: «كنا حتى قبل الحرب، أطلقنا صيحة لإدراك التدهور السريع والمريع لبيئة حزام الصمغ العربي».

ويضرب مثلاً بولاية القضارف التي كانت على رأس قائمة الولايات الأكثر إنتاجاً للصمغ العربي، وباتت «اليوم تأتي في المركز ال13»، مرجعاً السبب إلى ارتفاع أعداد النازحين إليها من الولايات الأخرى.

إلا أن مسؤولاً في هيئة المرافئ السودانية قال لوكالة «فرانس برس»: «إن عمليات الاستيراد والتصدير تتواصل بشكل طبيعي»، لكن عثمان عبد السلام الذي يعمل في أحد مكاتب الشحن البحري يؤكد أن «حركة صادرات البضائع التي تمرّ عبر ولاية الخرطوم من كردفان ودارفور تأثّرت بصورة كبيرة وخصوصاً الصمغ العربي».

وعلى الرغم من الأخطار المحدقة بالصمغ العربي، أكدت الجمعية الدولية للترويج للصمغ التي تتخذ من هامبورغ مقراً في بيان، أن «لا خطراً وشيكاً على الصناعات التي تستخدم الصمغ، لأن الشركات تحتفظ بمخزون كاف من السودان ودول أخرى في مستودعاتها».

وأشارت إلى أن «تشاد ونيجيريا هما دولتان يمكن أن تشكّلا مصدرين بديلين عن السودان في إنتاج الصمغ».

وبسبب قدرته على التأقلم مع الجفاف والتغير المناخي، راهنت دول عدة على الصمغ للتشجير، في عدد من الدول الإفريقية مثلاً. ووُضع مشروع ضخم يقضي بزراعة أشجار الصمغ في حزام يمتد من منطقة الساحل إلى القرن الإفريقي.

(أ ف ب)

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/2p85xyyr

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"