القاطرة والقطار

00:50 صباحا
قراءة 3 دقائق

هل يمكن القول إنّ القمة العربية الأخيرة ستكون نقطة انطلاق قطار الاقتصاد العربي نحو التقدم والازدهار؟ ومن هي الجهة التي يمكن لها أن تقود هذه المرحلة؟
لقد حملت القمة عدة عناوين سياسية شديدة الأهميّة، من بينها الإصرار في خطابات الزعماء على أنّ العالم يعيش مرحلة تغيير جذرية، وأن العرب جزء من هذا العالم وهو ما يفرض عليهم مواكبة التغيير، وإلا وجدوا أنفسهم خارج سياق التاريخ مرّة أخرى. والعنوان السياسي الأبرز الآخر هو المصالحة العربيّة مع سوريا، والاتفاق على ضرورة أن يتم حل مشاكل العرب، عربياً ودون تدخل خارجي، ولكن الأهم من هذه العناوين الأساسيّة هي القضايا الاقتصادية الكبرى والعاجلة التي تم التأكيد عليها في البيان الختامي، بما يحمّل الحكومات العربية مسؤولية جسمية في تنفيذ مخرجات القمة. ولكن السؤال الذي يجب التعمق فيه هو من سيتصدّى لكل هذه الملفات؟ وبعنوان آخر أكثر صراحة: من هي الدولة القادرة اليوم على تحمل هذه المهمات، وتكون قائدة للعرب في هذه المرحلة التاريخية؟
 فكل الدول كانت تدور في فلك تلك القائدة قامت بتشبيك اقتصاداتها، وهكذا استفاد الجميع من العلوم والتكنولوجيا وتحقق التقدم للجميع. وإذا ما اردنا تطبيق هذه النظرية على الوطن العربي فلا تتوفر الصفات المذكورة سابقاً، إلا في دولة الإمارات والمملكة العربية السعودية. فالعرب اليوم يجب أن ينخرطوا في هذا المثال الآسيوي الناجح من خلال جعل الإمارات والسعودية تقودان حتى تتحقق النهضة للجميع. فمن المبادرات المطروحة في القمة العربية آلية توطين التنمية، وهذا هو جوهر الموضوع وأساسه الذي لن تتحقق دونه أي محاولات للتقدم. ويمكن تفصيل هذه النقاط في جملة من الأفكار الآتية.
 إنّ القائد الجديد للعالم ونعني به الصين، يريد مخاطباً وحيداً من العرب يكون ناطقاً باسم المصالح العربية. وهذه القيادة لها أيضاً مسؤوليات جسيمة تجاه الشركاء العرب. فتوطين التنمية، مبادرة تقتضي قيادة استثمارات ضخمة تعود بالنفع على كل الشعوب العربية وهذا أمر بات مستعجلاً جداً لأن هناك دولاً عربية تغرق فعلياً تحت وطأة الديون وضغوط صندوق النقد الدولي، وهذا لا يعني أن دولة عربية واحدة هي من يجب عليها النهوض بهذه المسألة، فهناك دول عربية أخرى من الشرق والغرب لها من الفوائض المالية والصناديق الاستثمارية ما يؤهلها لقيادة استثمارات ضخمة في هذا الفضاء الجغرافي الممتد من العراق حتى موريتانيا. 
وهنا علينا استعادة مقولة نابليون بونابارت الذي وصف الوطن العربي بأنه «قارة وسيطة» لها من الإمكانات ما جعلها قوة اقتصادية عالمية. وحتى لا نكون عاطفيين فإن هناك آليات كثيرة لتتحمل دولة الإمارات والسعودية هذه المسؤولية التاريخية العظيمة. الأولى هي آليات التمويل العربي وهنا لا بدّ تثوير «إدخال ثورة» في مؤسسة صندوق النقد العربي، حتى يكون ذراعاً مالية للعرب في توطين التنمية، والثانية هي الاستثمارات المباشرة وهي التي تساعد على خلق الثروة والاستفادة من الثروات والكفاءات البشرية وتعميم الرخاء الذي فيه مصلحة للجميع. والثالثة هي إنشاء طرق تمويل جديدة ورفع القيود على حركة المواطنين بين الدول العربية وحركة التجارة البينية وإنشاء مشاريع بنية أساسية قوية ومستدامة مثل تمديد الطريق المغاربية لتصل مصر ثم الخليج العربي في مرحلة لاحقة.
[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/4zayabh5

عن الكاتب

كاتب صحفي وباحث في قسم الحضارة بجامعة تونس

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"