ممارسة مجتمعية مستدامة

00:25 صباحا
قراءة 3 دقائق

د.باسمة يونس
إن المكونات الأساسية لتعزيز القراءة هي بنوك الكتب ونوادي القراءة وورش العمل للآباء وبرامج لجذب وتحفيز متطوعي القراءة وتعزيز مكتبات المؤسسات بأنواعها، مع دعم صناعة النشر المحلية لملء المكتبة بكتب ذات هوية وطنية وقيم إماراتية أصيلة.

وعلى الرغم من القفزة الكبيرة التي حققتها معدلات القراءة لدى الشباب في الخمسين عاماً الماضية بتوفير هذه المكونات بشكل عام وبحضور مبادرة «تحدي القراءة» غير المسبوقة، فإن القراءة المجتمعية لا تزال تمثل تحدياً كبيراً وتعاني نقصاً كبيراً في التمويل، وتخضع لعدد من المفاهيم الخاطئة التي تجعلها لا تسير بالسرعة الكافية التي نريدها من أجل تحقيق أهداف التنمية المستدامة بحلول عام 2030.

ولا تتعلق القراءة بتحفيز جيل الأطفال على ممارستها فقط؛ بل أظهرت الدراسات، أن القراءة بشكل عام ممارسة مجتمعية للجميع، لكنها تخضع في تعريفها للكثير من المفاهيم الخاطئة التي تحصرها في المدارس، ما يجعلها لا تحظى بكثير من الدعم والتمويل والاهتمام مقارنة بالذي تحصل عليه أدوات وأنشطة الترفيه الأخرى.

وتظهر اليوم حاجتنا إلى نهج شامل لمحو الأمية القرائية لدى البالغين، وخصوصاً النساء لأهمية أدوارهم داخل الأسرة وانعكاسها على بقية الأجيال وما يجعلهم الأقدر على خلق «بيئة تعليمية في المنزل» تعلم الأطفال والكبار القراءة وبلغاتهم الأم.

ومن أجل تحقيق هذا الهدف، من الضروري تضمين القراءة في مشاريع التنمية المجتمعية وجعلها من المهام الأساسية لوزارات الشؤون الاجتماعية وهيئات تنمية المجتمع وتحويل أكبر حصة من استثمارات التعليم إليها، مع ربط معدلات الإلمام بالقراءة بأشخاص أكثر صحة ونمو اقتصادي أكبر ومعدلات توظيف أعلى تزداد فرصها لمن يمتلكون مهارات متقدمة في القراءة لدعمها وتحفيزها.

ويلعب الأجداد أدواراً مهمة نحتاج إلى استعادتها، فهم وإن كان معظمهم غير ملمين بالقراءة لا يزال بإمكانهم رواية القصص الشفوية التي من شأنها غرس القيم التي يحتاج إليها أطفالنا وشبابنا من القصص وزيادة ارتباطهم بالبيئة وتعميق الانتماء.

وكما تزيد مبادرات سرد القصص معدلات القراءة بين الأطفال والكبار، فهي بحاجة إلى مزيد من الاهتمام وتسهيل وصول الآباء الذين لا يجدون وقتاً كافياً للجلوس وللقراءة لأطفالهم إلى الموارد التي تساعدهم على تنمية هدف القراءة في أبنائهم في حضورهم أو غيابهم، وتكفل غرس حب القراءة في حياتهم لتنمو شجرته التي لا ينقطع ثمرها على مر السنين.

ويعد مشروع يسرد فيه المعلمون القصص بشكل يومي على المتعلمين مشروعاً جيداً له آثار إيجابية على المعلمين في المدارس والجامعات أولاً، وعلى من يتعلمون منهم ثانياً، فهم يقرأون يومياً للحصول على القصص ويزيدون مهاراتهم ومعارفهم التي سيسهل عليهم نقلها للآخرين.

والرسالة الرئيسية من مشروع سرد القصص اليومي أنه كلما قرأ المعلم زادت معرفته، وكلما زاد سماع الأطفال والشباب للكلمات وتمكنوا من تجربة الاستماع للقصص وروايتها ومشاركتها فهذا يعني زيادة ممارسة اللغة والمفردات والفهم الذي سيحصلون عليه.

ولا يكفي قيام كثير من الجهات بتوزيع الكتب على المكتبات؛ بل من المهم تدريب متطوعين ضمن برامج تتضمن قيامهم بقراءة هذه الكتب ومشاركتها مع أصحاب المكتبات.

ومن الضروري إنشاء تقييم مبكر يختبر مهارات القراءة الأساسية من سن مبكرة، ويعمل معياراً للكشف عن نجاح المبادرات وما نحن بحاجة إليه منها لتحسين الوضع وتمكين القراءة ممارسةً مجتمعية مستدامة.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/2ktp6jde

عن الكاتب

​كاتبة ومستشارة في تنمية المعرفة. حاصلة على الدكتوراه في القيادة في مجال إدارة وتنمية المواهب وعضو اتحاد كتاب وأدباء الإمارات ورابطة أديبات الإمارات. أصدرت عدة مجموعات في مجالات القصة القصيرة والرواية والمسرح والبرامج الثقافية والأفلام القصيرة وحصلت على عدة جوائز ثقافية.

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"