دردشة في التوازن الإعلامي

00:04 صباحا
قراءة دقيقتين

ما الذي حدث للكثير من وسائط الإعلام الغربية، التي لها أصوات وأصداء؟ أسماء رنّانة طنّانة، لم تترك شيئاً لا لمسيلمة ولا لجوبلز. الحديث ليس عن صحافة الحائط والزقاق، وإنما عن «لوموند»، التي كان للجنرال ديجول دور في تأسيسها، عن القناة التلفزيونية الفرنسية الرسمية. شرّ الأكاذيب الإعلامية ما يثير سخرية المتلقي إلى حدّ رثائه لحال الصحيفة أو القناة، لفرط الاستغباء. في الإمبراطورية تختلف المقاييس، فهنالك تُضاف الألعاب السحرية الهوليووديّة، تغدو أكذوبة القِدر العملاقة والباذنجان الأسطوري، لعب أطفال. الكذبة هنالك شهود الزور فيها مجلس الأمن ومنظمة الأمم المتحدة، وصاحب دور البطولة كولن باول وما أدراك ما كولن باول، رئيس أركان القوة العظمى والقطب الأوحد، ووزير الخارجية، وفوقها قنطار شهادات. هل نسي العالم تلك القارورة التي لوّح بها، وقال إنها البرهان القاطع على أسلحة الدمار الشامل العراقية؟ ببساطة، أحلّ مجلس الأمن دم قلعة الرشيد. بعد ذلك أحلّوا دم صدام حسين في يوم عيد الأضحى، احتراماً لمشاعر المسلمين.
بديهيّ أن من حق وسائط الإعلام اختيار المقال المناسب للمقام المناسب، سلماً أو حرباً، فالإعلام، شئنا أم أبينا سلاح. في الجاهلية وفي العصور الإسلامية، كان الشاعر يلعب أدواراً إعلاميةً متنوعة، من فخر وهجاء وحماسة. لكن من العمل المهني الاحترافي المتميز، أن يضع الإعلام في الحسبان بعض الاحتياطات والاحترازات، حفاظاً على توازنه حتى لا يقع في المهاوي التي تبعث على الاستخفاف به، فيسيء إلى الجهة التي ينتمي إليها ويريد أن يسدي إليها خدمات قيّمة. مهمّ أيضاً التحسّب لعواقب قول الشاعر: «ومهما تكنْ عند امرئ من خليقةٍ.. وإن خالها تخفى على الناس تُعلمِ».
الحرب الدائرة في أوكرانيا قسمت الإعلام الفرنسي إلى «فسطاطين»، أحدهما من قبيل «لوموند»، «لوبوان»، القناة الفرنسية الأولى... والآخر يضم مطبوعات وقنوات فردية ويوتيوبية، وإذاعات في مقدمتها «إذاعة الجنوب» (سُود راديو)، وفي القسم الأخير شخصيات لها وزنها، مثل: الفيلسوف ميشيل أونفري، جاك بو، العقيد المتخصص في الاستخبارات والإرهاب، والعقيدة كارولين جالاكتيروس، الخبيرة الإستراتيجية. أطرف من ذلك أن وسائط الإعلام صارت تُفرّخ بنات. «لوموند» مثلاً أصبح لها بودكاست ينشر ما لا تنشر، لكنه في النهاية محسوب عليها. بعد «يا فرحة ما تمّت» في واقعة «فاجنر»، انفلتت مقاليد أعصاب البودكاست، فجاء العنوان: «بوتين، عشرون عاماً من العمى». خلاصة الموضوع هي أن «جريمته» لدى الصحيفة، تتمثّل في سعيه طوال عقدين إلى إحياء روسيا حلماً بإعادة الاتحاد السوفييتي إلى الوجود. لم يذكر البودكاست أن روسيا اليوم لم تعد روسيا أيّام يلتسين. لم يلمّح إلى أن نظاماً عالميّاً جديداً يبزغ. المهمّ ألاّ يصاب الإعلام بعمى البصيرة.
لزوم ما يلزم: النتيجة العجبية: ماذا كان يفعل لو كان في العقدين بصيرا؟
[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/22fywc3b

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"