عادي
يوفر 67% من استهلاك الطاقة والمياه

بيت زراعي مستدام ينتج 50 صنفاً من الخضروات والفواكه

01:37 صباحا
قراءة 6 دقائق
مزرعة مستدامة في مدينة الذيد  (تصوير: محمد الطاهر)
حمد مصبح متحدثاً ل «الخليج»

الشارقة: محمود محسن
«وفي السماء رزقكم وما توعدون»، كان للذكر الحكيم الأساس الذي استند إليه المهندس حمد مصبح الطنيجي، مدير إدارة نقل الطاقة بهيئة كهرباء ومياه وغاز الشارقة، في إيجاد أحد الابتكارات المستدامة في المجال الزراعي، حيث ألهمته الآية الكريمة للبحث عن طرق بديلة للطاقة في تشغيل البيوت الزراعية الزجاجية، لينجح في دمج مشاريع الطاقة الشمسية مع المشاريع الزراعية من خلال بيت زراعي مستدام متطور يمكنه الحفاظ على ظروف مناخية مناسبة داخل غلاف البيت الزراعي لزراعة العديد من أنواع الخضروات وأشجار الفاكهة تصل إلى 50 نوعاً، مع تحقيق توفير كبير في استهلاك الطاقة والمياه بنسبة 67 % لكليهما، مع انخفاض كبير في تكلفة التشغيل، وزيادة في الإنتاجية والجودة والتنوع، وتحقيق العائد الاقتصادي المجدي، مع الحفاظ على البيئة وتحقيق الأمن الغذائي المرجو.

14
حمد مصبح الطنيجي

يقول المهندس حمد الطنيجي، الحاصل على عدة جوائز في ابتكارات مستدامة تعتمد على الطاقة الشمسية، آخرها جائزة الشيخ منصور بن زايد للتميز الزراعي 2023، عن فئة الابتكار الزراعي النباتي، ممثلاً في مشروع إضافة أنظمة الطاقة الشمسية على التطبيقات الزراعية لتشغيل المزرعة بالكامل على الطاقة الشمسية، إضافة إلى الحل النموذجي لتصميم البيوت الزراعية التي تعمل بكفاءة في المناطق الصحراوية وتشتغل بالطاقة الشمسية: «نجح المشروع من خلال تطبيقه على بيت زراعي بمساحة 16م في 32م ما يعادل بيتين زراعيين، بمزرعتي الخاصة في مدينة الذيد، حيث أثبتت التطبيقات كفاءته التشغيلية وجدواه الاقتصادية، ويأتي تنفيذ المشروع انسجاماً مع توجهات القيادة الرشيدة بالدولة وفي إمارة الشارقة نحو الطاقة المتجددة وإيجاد الحلول التكنولوجية للاستفادة منها على صعيد مختلف المجالات ومنها المجال الزراعي وتحقيق التنمية المستدامة.

وأضاف «أتت الفكرة من المشروع للتغلب على ما يواجهه العالم من تحديات في الطاقة النظيفة والغذاء، فكان للبيوت الزراعية الحل الأمثل لإمكانية تكييف المناخ فيها لزراعة ما نشاء في أي وقت من العام من المحاصيل الزراعية لتحقيق الأمن الغذائي، وبذلك يشترك المشروعان في الأرض كونهما بحاجة إلى مساحة كبيرة لتنفيذهما سوياً، وعليه أمكن الاستفادة من المشروعين على مساحة واحدة تتمثل في البيوت الزراعية من خلال استخدام الأرض للزراعة، والأسقف للألواح الشمسية، أما فكرة عمل أسقف البيوت الزراعية، فعبارة عن منظومة طاقة شمسية متطورة، وينفذ الضوء بقدر الذي يحتاج اليه النبات، والجزء الأكبر من الضوء يتحول إلى طاقة كهربائية للاستفادة منها وعليه يمكن تفعيل الحلين معاً، كما يمكن الاستفادة من الألواح الشمسية للتظليل على النبات فيتحسن معدل نموه، وتقليل نسبة تبخر المياه، كما أن عمل المبردات بداخل البيت الزراعي من شأنه تبريد الألواح الشمسية ما يعني الزيادة في إنتاج الطاقة، ويشترك المشروعان في الأرض وفي الهيكل الحديدي، في الخدمات كالماء والكهرباء، فتنقسم تكلفة المشروع بنسبة 50%، ويصبح كل مشروع ذا جدوى اقتصادية عالية، خاصة أن احتياج المشروع من طاقة الألواح الشمسية يتمثل في 20% من إنتاجه، أما النسبة المتبقية فيمكن الاستفادة من الفائض والبالغ نسبته نحو 70% لتغذية احتياجات الدولة من الطاقة».

ويعتمد المشروع بشكل كامل على الطاقة الشمسية في استخراج وتوزيع المياه، كذلك في توفير الطاقة لمساكن العمال، إضافة إلى كونه مقراً لأبحاث ونماذج البيوت الزراعية المستدامة التي تقوم بتكييف المناخ داخلها من حيث درجة الحرارة والرطوبة وسرعة الهواء ودرجة الإشعاع الشمسي لتحقيق مناخ مثالي لزراعة مختلف أنواع الخضروات وأشجار الفواكه، والتي لا يمكنها النمو في المناخ الخارجي الحار والجاف، علماً بأن البيت الزراعي شهد تطورات على مدى سنوات لتحقيق أفضل أداء وباستهلاك منخفض جداً من الطاقة والمياه للتبريد ويتم تغطية احتياجات الطاقة المنخفضة باستخدام تقنيات الطاقة الشمسية، بتقنيات سهلة التشغيل وتكاليف غير بعيدة عن حدود البيوت الزراعية التقليدية. ولكن الفرق الجوهري يتمثل في المردود العالي الذي يظهر في زيادة الإنتاجية وزيادة التنوع الزراعي وإمكانية الزراعة بكفاءة طوال العام، وبالتالي يمكن أن يمثل حلاً فعالاً للصعوبات التي تواجه الزراعة في بلادنا وطريقاً لتحقيق الأمن الغذائي والاكتفاء الذاتي.

1
تثبيت ألواح شمسية متطورة لتغذية المشروع بالطاقة اللازمة

مصفوفة شمسية

يضم المشروع تركيب منظومة طاقة شمسية بطريقة ابتكارية ومتقدمة للعمل على استخراج المياه من الآبار وتوزيعها على المزرعة، حيت تم رفع مستوى ارتفاع المصفوفة لتجنب أي ظلال للأشياء أو الأشجار المحاذية والتي تؤدي إلى تقليل أو تعطل إنتاج الطاقة من المصفوفة الشمسية وبالتالي تقليل أو توقف ضخ المياه إلى الخزان، كما ثبتت هياكل حديدية خاصة تساعد على تقليل عدد الأعمدة الحاملة للمصفوفة الشمسية وبالتالي الاستفادة من المساحة السفلية كمظلة لمعدات ومواد المزرعة لحمايتها من أشعة الشمس، ورُوعيت زاوية ميل خلال تثبيت منظومة الطاقة الشمسية للاستفادة في زيادة إنتاج الطاقة الشمسية خاصة في فصل الصيف، مع زيادة عدد الألواح الشمسية بطريقة تجعل الغطاس (5.5 حصان) يعمل لساعات طويلة في النهار.

كما تم استيراد منظم شمسي» Solar water pumping inverte»، ذي مواصفات وعمر افتراضي طويل، حيث تم تثبيته أسفل المصفوفة الشمسية لتوفير الحماية من أشعة الشمس والمطر وعدم الحاجة إلى بناء غرفة كهرباء، ويعمل المنظم الشمسي على تشغيل الغطاس وضخ المياه أوتوماتيكياً حال توافر قدرة كهربائية من المصفوفة الشمسية تعادل 50% أو أكثر من قدرة الغطاس، ويمكنها تشغيل الغطاس بكامل طاقته من 6 – 8 ساعات يومياً.

بيت زراعي مطور

يقول الطنيجي «وضعت خطة لإنشاء بيوت زراعية ذاتية التحكم في المناخ وتعمل بالطاقة الشمسية، وبدأت رحلتي بالبحث والتطوير قبل 10 سنوات، اعتمدت خلالها على بعض مبادئ التصميم الخاصة لإنشاء حلول مناسبة، وبعد عقد واحد من 2010 – 2020 من جهود البحث والتطوير مع عدد من المشاريع التجريبية، تم إنشاء شركة ابتكار جديدة باسم «إنسكاي قرين تك» وتم ترخيصها بمجمع الشارقة للأبحاث والتكنولوجيا والابتكار بهدف تعزيز الحلول المستدامة. وتم استخدام 3 مبردات كبيرة بمحركات تيار مستمر جديد بمغناطيس دائم وبقدرة 1.2 كيلو واط للمروحة، بمدى 40 متراً، مع إمكانية التحكم في سرعة المروحة، ومن ثم يتغير استهلاك الطاقة وفقاً لذلك، وتساعد التقنيات المضافة على تحقيق تبريد عال للهواء يصل إلى أقل من 20 درجة من فتحة المكيف، وتدفع وحدات التكييف الهواء البارد إلى الداخل بهدوء ويخرج من الطرف المقابل من خلال فتحات تهوية محمية بشبكة، كما أن البيت الزراعي مغلف من الداخل بحيث إن الهواء البارد لا يتلامس مع جدران البيت الزراعي الساخنة، وبالتالي يحافظ على برودته أثناء عبوره، ويوفر البيت الزراعي 3 بيئات، الباردة، والمتوسطة والحارة، لزراعة مختلف أنواع النباتات في البيئات المختلفة، ويضم حساسات من شأنها قياس درجات الحرارة البدائية والنهائية ونسبة الرطوبة.

فيما يتيح المشروع التحكم بالرطوبة عن طريق التحكم بالضخ المتقطع لمياه التبريد في المبدلات الحرارية، عن طريق مؤقت إلكتروني، في حدود 40 - 50 % وفي درجة حرارة حوالي 25 درجة مئوية، مع تدفق هواء معتدل ونسبة أشعة شمس مناسبة داخل البيت الزراعي، ما ساهم في فعالية إيجاد مناخ مناسب لزراعة أكثر أنواع الخضروات والفواكه زراعة مستمرة طوال العام، وبجدوى اقتصادية عالية وحماية للبيئة من آثار التغير المناخي.

كما ساهم في توفير الطاقة العالية بنسبة 67 % نظراً إلى أن البيت الزراعي المستدام والمطور يحتاج إلى 4 كيلوواط للتشغيل بينما يحتاج البيت التقليدي إلى 12 كيلوواط من إمدادات الطاقة لتشغيلها، وبالتالي يقل ثلثا الطاقة المطلوبة، علاوة على ذلك توفير كمية من المياه بنسبة 67%، حيث يستهلك البيت التقليدي من الحجم نفسه من 3000 - 3500 جالون من الماء يومياً خلال فصل الصيف، بينما البيت الزراعي المستدام بحاجة ل 1000 جالون يومياً.

1
زراعة بجودة عالية

سكن عمال مستدام

واعتمد الطنيجي على الألواح الشمسية، ليس فقط في الحصول على الطاقة لمد البيت الزراعي باحتيجاته، بل استغلها أيضاً في تصميم سكن العمال من غرفة نوم رئيسية ومطبخ ودورة مياه مع غرفة غسل إضافة إلى مخزن وغرفة كهرباء، والجدران الخارجية للمسكن والسقف عازلة للحرارة، والسقف مائل بزاوية مع تثبيت منصة حديدية فوقه ليكون مناسباً لتثبيت المصفوفة الشمسية عليه، ونفذ اتجاه المسكن إلى الجنوب لمواجهة الشمس، وتتكون منظومة الطاقة الشمسية لمسكن العمال من مصفوفة شمسية على السقف قدرتها القصوى 6 كيلو واط، تنقل الطاقة إلى منظم شمسي بقدرة 5 كيلوواط بتقنية الليثيوم آيون، تقوم البطارية بتغذية المسكن مساءً وتستطيع المنظومة الشمسية تشغيل المكيفات نهاراً وسيتم رفع سعة البطاريات قبل الصيف لتمكين المكيفات من العمل ليلاً ونهاراً.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/3uxs6mr9

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"