إحباط غربي في أوكرانيا

00:34 صباحا
قراءة دقيقتين

مفتاح شعيب

عندما يعلن الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، عزمه إمداد أوكرانيا بصواريخ بعيدة المدى، بعد أيام من قرار نظيره الأمريكي، جو بايدن، تزويد كييف بذخائر عنقودية، يكون التوتر بين الغرب وروسيا بلغ درجة الغليان الفعلي، وأن الوضع مرشح لمزيد من التصعيد، وربما الاحتكاك الخطر، في ضوء توسع حلف شمال الأطلسي، والتهديد الروسي باتخاذ إجراءات عملية مضادة.

وبعيداً عمّا يروجه الإعلام حول مجريات الحرب في أوكرانيا، يبدو الغرب محبطاً وقلقاً من احتمال ألا يكسب هذا الصراع، ويفشل في إلحاق هزيمة بروسيا، ويبدو أيضاً أن المساعدات العسكرية المكلفة بمئات المليارات إلى كييف قد ذهبت هباء، ولم تغير شيئاً جوهرياً في المعادلة العسكرية، وأن الهجوم الأوكراني المضاد لم يكن بحجم الرهان عليه، فهو بطيء وغير فعال، ومفتوح على المجهول، حتى أن خبيراً أمريكياً استنتج أن أوكرانيا ربما ستحتاج إلى 117 عاماً لاستعادة كل أراضيها الخاضعة للسيطرة الروسية، بما يعني أن المعركة، بوتيرتها الحالية، ميؤوس من نجاحها، لذلك جاءت القرارات الغربية الأخيرة بإمداد كييف بالصواريخ بعيدة المدى، والأسلحة المحرمة، كالقنابل العنقودية والمقاتلات المتطورة. وبالنظر إلى ميدان المعارك وجغرافيته القريبة من الأراضي الروسية، ليست هناك ضمانات بأن تحدث الأسلحة الجديدة اختراقات، وأن تدفع روسيا إلى التقهقر إلى ما وراء حدودها التاريخية.

القوى الغربية، بقيادة الولايات المتحدة، تراهن على أن ترى الكرملين يرفع المنديل الأبيض، ويعلن الاستسلام، وهذا ضرب من المستحيل. كما أن التعويل على هزيمة من داخل روسيا، مثلما توهم البعض ذلك أثناء تمرد «فاغنر»، فذلك أمر قد انطوى، بل إن الوحدة الوطنية الروسية الآن تبدو أقوى من السابق. وتوسع حلف «الناتو» بانضمام السويد وزيادة تمدده نحو الشرق وطمعه في ضم أوكرانيا أيضاً، يثير حفيظة جميع الروس، وليس الكرملين والقيادات العسكرية فحسب. ومثلما تجعل هذه الخطوات الحلف أكثر قوة واستعداداً لحماية أمن أعضائه، تجعل روسيا أيضاً أكثر اتحاداً وجاهزية، وتمنحها مشروعية اتخاذ إجراءات لم يتم اتخاذها إلى الآن. ألم يكن هدف الهجوم على أوكرانيا منع توسع الحلف الأطلسي؟.

لا شك في أن قمة «الناتو» في فيلنيوس ستؤرخ لبداية مرحلة مختلفة في أوروبا، وما بعدها سيكون مثيراً للقلق والتشاؤم، فكل الخطوات التي تم اتخاذها ضد روسيا كانت فاشلة والعقوبات غير المسبوقة لم تحقق نتائجها المرجوة، ولم تصبح روسيا معزولة، بل إنها بدأت مع قوى أخرى مثل الصين ودول مجموعة «بريكس»، في بناء فضاءات دولية وتحالفات، وعلى الغرب ألا يستهين كثيراً بالقوى الأخرى، فالصين مثلا تعرف أن الدور سيكون عليها إذا سقطت روسيا، وهذه قناعة لا تحتاج إلى أدلة، ويعرفها حتى البسطاء.

 حمّى تسليح أوكرانيا بأعتى الأسلحة أصبحت الشغل الشاغل لكل القوى الغربية. والهدف الأساسي إلحاق هزيمة استراتيجية بروسيا، لكن ماذا لو انتصرت موسكو، وصعدت هجماتها؟، فهذه القوة يجب عدم الاستهانة بها، إذ مازال في جعبتها الكثير من الأسلحة والقدرة والتكتيكات، والغرب يعرف ذلك جيداً، بإصراره على تصعيد العداء لروسيا ما يقرب أوروبا والعالم من نقطة حاسمة قد تغير مجرى التاريخ كله.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/33eyh4mu

عن الكاتب

إعلامي

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"