عادي

مفاوضات عاجلة للانتهاء من أزمة سد النهضة خلال 4 أشهر.. هل ينهي لقاء السيسي وآبي أحمد أزمة عمرها 13 عاماً؟

20:00 مساء
قراءة 8 دقائق

مفاجأة من العيار الثقيل، حملتها زيارة رئيس الوزراء الإثيوبي، آبي أحمد، الأربعاء، إلى القاهرة، إذ تباحث الجانبان حول سبل تسوية الأزمة في السودان، وتعزيز العلاقات الثنائية بين مصر وإثيوبيا، وقضية سد النهضة، فبعد 13 عاماً من المفاوضات والوساطات المتعثرة وغير المجدية، يبدو أن أزمة سد النهضة بين إثيوبيا ومصر والسودان وصلت إلى منعطف خطير.

4 أشهر، هي المدة الزمنية التي اتفق الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، مع آبي أحمد للانتهاء من مفاوضات سد النهضة، حيث اتفقا على الشروع في مفاوضات عاجلة للانتهاء من الاتفاق بين مصر وإثيوبيا والسودان لملء سد النهضة، وقواعد تشغيله، وبذل جميع الجهود الضرورية للانتهاء منه.

ومن جانبها، أكدت إثيوبيا التزامها، أثناء ملء السد خلال العام الهيدرولوجي 2023-2024، بعدم إلحاق ضرر ذي شأن بمصر والسودان، بما يوفر الاحتياجات المائية لكلا البلدين.

خطوة طال انتظارها

الدكتورعباس شراقي، أستاذ الموارد المائية بجامعة القاهرة، قال إنه في خطوة طال انتظارها منذ عدة سنوات، تم الاتفاق على استئناف المفاوضات للوصول إلى اتفاق، مشيراً إلى أن تحديد مدة زمنية «4 أشهر» كاف في حالة توفر الإرادة، بحسب «صدى البلد».

وأضاف شراقي ل«صدى البلد» أنه تم تحديد مدة زمنية قدرها 4 أشهر وهي فترة كافية في حالة توفر الإرادة السياسية لدى الطرف الإثيوبي، وأن مصر كانت قد وقعت بالفعل على مسودة اتفاق واشنطن في 20 فبراير 2020، مما يؤكد حسن النوايا والرغبة في الوصول إلى اتفاق.

وأشار إلى أن التزام إثيوبيا بعدم إلحاق ضرر ذي شأن خلال العام المائي 2024/2023، وتوفير الاحتياجات المائية لمصر والسودان، دبلوماسي أكثر منه واقعي، لأن إثيوبيا لا تستطيع سوى فتح بوابتي التصريف لإمرار حوالي 100 مليون م3/يوم بعد انتهاء موسم الفيضان، حيث إن التوربينين لا يعملان بانتظام، وقد تزيد هذه الكمية في حالة واحدة إذا تم تركيب بعض التوربينات الأخرى وتشغيلها.

وكانت هذه القضية الشائكة مرت بمراحل توتر شائكة منذ إعلان أديس أبابا تدشين السد على الرافد الرئيسي لنهر النيل بمصر.

بدايات أزمة سد النهضة

منذ أن دشنت إثيوبيا الأعمال الإنشائية لسد النهضة عام 2011، دخلت مصر وإثيوبيا والسودان في دوامة من المفاوضات، وطوال السنوات الماضية ظلت جولات التفاوض، على كثرتها، تدور في حلقات مفرغة، من دون أن تحقق هدفها المنشود، والمتمثل في اتفاق ملزم يضع آلية واضحة لحل المنازعات وإدارة السد في المستقبل، واقتصرت نتائج تلك الجهود الدبلوماسية على وثيقة مبادئ ونقاط توافق.

وفي 5 أكتوبر 2019 أعلنت وزارة الموارد المائية والري المصرية أن مفاوضات سد النهضة الإثيوبي قد وصلت إلى طريق مسدود نتيجة لتشدد الجانب الإثيوبي.

وهكذا، أخذ النزاع منحنى تصاعدياً خطيراً، أعاد للأذهان تحذيرات سابقة مما يطلق عليه «حروب المياه».

الالتزام العربي بحماية الحقوق

وفي مارس الماضي، اعتمد مجلس وزراء الجامعة العربية قراراً يؤكد «الالتزام العربي بحماية حقوق دول المصبّ لنهر النيل»، ويتضمن دعوة الجانب الإثيوبي ل«التفاعل الإيجابي وإبداء المرونة» في هذا الملف، مع طرحه كبند دائم على جدول أعمال مجلس الجامعة. وهو ما أثار غضب أديس أبابا التي دعت ل«وقف تمرير» الملف إلى مجلس الأمن أو الجامعة العربية، وحلّه عبر «الآليات الإفريقية».

وإمعاناً في التضامن العربي، شدد الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط على تأثير سد النهضة «سلبياً على الأمن المائي في مصر والسودان»، مطالباً بالإسراع في «معالجة القضية»، بحسب صحيفة «الشرق الأوسط».

أبرز النقاط الخلافية

تعد تعبئة خزان السد، الذي تصل قدرته الاستيعابية إلى 74 مليار متر مكعب من المياه، بين أبرز النقاط الخلافية.

وأشار الدكتور مفيد شهاب، أستاذ القانون الدولي والوزير المصري السابق، في تصريحات للشرق الأوسط، إلى أن حصة مصر من مياه النيل يحميها كثير من الاتفاقيات والمواثيق الدولية، وأن مصر ملتزمة بكل الإجراءات الدبلوماسية للحفاظ على حقوقها.

ويضع الخبير القانوني بدائل أمام القاهرة، منوهاً بأن إشراك وسطاء دوليين جدد أمر مطروح، وكذلك الاستعانة بمنظمات إقليمية، يعقبها طرح المسألة على الجمعية العمومية للأمم المتحدة.

ويقول شهاب إن الدبلوماسية المصرية تدرس كل البدائل للوصول إلى حل، وعلى المستوى نفسه تدرس إمكانية ترشيد استغلال مياه النيل، مؤكداً أن نهر النيل يعد نهراً دولياً يمر ب11 دولة، ما يجعل استغلال مياهه مشروطاً بمصالح باقي الدول. ويتابع أن المفاوضات تنجح في علاج 90% من النزاعات الدولية، يليها تدخل القوى الإقليمية، ثم التحكيم أو القضاء الدولي الذي يصدر حكماً نهائياً مُلزماً للأطراف.

ومن جانب آخر «تستطيع إثيوبيا تسوية الخلاف فوراً، إذا ما قررت التخلي عن تعنتها، ووقعت على الاتفاق، بينما لا تملك مصر تقديم أي تنازلات أخرى»، بحسب الدكتور نصر الدين علام، وزير الموارد المائية والري المصري الأسبق. وأضاف علام، الذي تحدث ل«الشرق الأوسط»، أن أديس أبابا حصلت بالفعل على اعتراف مصر بالسد بسعته الكبيرة، وكذلك تحمل أضرار الملء، لكنها ما زالت تطمع في الحصول على حصة مائية من «النيل الأزرق» (الرافد الرئيسي لنهر النيل في مصر)، لتوسعات زراعية مستقبلية، وبناء مزيد من السدود، وهو الأمر الذي يمثل خطاً أحمر للمفاوض المصري الذي لا يمكنه التخلي عن موارد الشعب من المياه.

ومن جانبها، تدافع إثيوبيا عن السد، باعتباره بالنسبة لها، «ضرورة وجودية»، فتشغيله بكامل طاقته، سيكون المحطة الكبرى على مستوى القارة السمراء لتوليد الكهرباء، بحيث سيُوفرها ل 65 مليون إثيوبي.

الدبلوماسية الشعبية

منذ أن بدأت إثيوبيا إنشاء سد النهضة على نهر النيل الأزرق، بدأت رحلة التفاوض بين أطراف القضية، سواء كانت بشكل رسمي حكومي أو حتى على مستوى غير رسمي، كما حدث في شهر مايو عام 2011، حينما زار وفد مصري أُطلق عليه «وفد الدبلوماسية الشعبية»، وضم قيادات حزبية وشخصيات عامة، إثيوبيا والسودان، والتقى عدداً من مسؤولي البلدين.

واقترحت إثيوبيا، في وقت لاحق خلال العام نفسه، تشكيل لجنة فنية تتضمن وزراء المياه في الدول الثلاث، للتوصل إلى رؤية مشتركة، وبحث آلية تشغيل السد، واتفاق يكون بمثابة صيغة مُرضية لكل الأطراف.

وعقدت تلك اللجنة الفنية سلسلة من المحادثات استغرقت أشهراً، غير أنها تعثرت، وشهدت ما وصفته الهيئة العامة للاستعلامات، وهي مؤسسة حكومية مصرية، بأنه «شد وتعنت إثيوبي»، لتنتهي المحادثات بالاحتكام إلى خبراء دوليين، مهمتهم تقييم السد وتحديد آثاره وتداعياته.

وتشكلت لجنة الخبراء من مصريين اثنين، ومثلهما من السودان، و4 خبراء دوليين من ألمانيا وفرنسا وجنوب إفريقيا.

وفي مايو 2012، بدأت اللجنة أعمالها بفحص الدراسات الهندسية الإثيوبية، ومدى التأثير المحتمل للسد على مصر والسودان، وفي الشهر ذاته من العام 2013، أصدرت اللجنة تقريرها، بضرورة إجراء دراسات تقييم لآثار السد على دولتي المصب.

ومع اتساع الهوة، إثر إعلان إثيوبيا زيادة سعة السد من 14 مليار متر مكعب عام 2011، إلى 74 مليار متر مكعب، رفضت مصر تشكيل لجنة فنية من دون خبراء أجانب، وفي ضوء ذلك، كان من الصعب استمرار المفاوضات.

استمرت أزمة النهضة في خطها التصاعدي، من دون أي أفق للتقارب بين أطرافها، وهو ما دفع إدارة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترمب، التي كانت تفضل النأي بنفسها عن مثل هذه الخلافات، بالتدخل واستضافة الأطراف الثلاثة في نوفمبر 2019.

وفي حضور وزير الخزانة الأمريكي، ورئيس البنك الدولي للمرة الأولى، صدر بيان مشترك جاء فيه أنه «تقرر عقد 4 اجتماعات عاجلة للدول الثلاث، على مستوى وزراء الموارد المائية، وبمشاركة ممثلي الولايات المتحدة والبنك الدولي، تنتهي بالتوصل إلى اتفاق حول ملء وتشغيل سد النهضة خلال شهرين، بحلول منتصف يناير 2020

انعقدت الاجتماعات الأربعة على مدار 3 أشهر، انتهت في يناير 2020، من دون التوصل لاتفاق، أعقب ذلك جولة محادثات في واشنطن لتقييم الاجتماعات السابقة، وخرجت بتوافق مبدئي على إعداد خارطة طريق، تتضمن 6 بنود، أهمها تنظيم ملء السد خلال فترات الجفاف، والجفاف الممتد.

وعادت الوفود الثلاثة إلى واشنطن مرة أخرى نهاية يناير، وكادت المفاوضات تصل إلى اتفاق نهائي، إلا أن إثيوبيا تغيبت عن إرسال وفد إلى جولة المحادثات الأخيرة، ووقعت مصر على وثيقة واشنطن من طرف واحد، بعد أن امتنعت السودان عن مشاركتها في الخطوة.

وفي سبتمبر، أعلنت إدارة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترمب تعليق مساعدات بقيمة 272 مليون دولار مخصصة لإثيوبيا، وذلك على خلفية عدم قبولها بالحل الأمريكي في المفاوضات، إلا أن إدارة الرئيس الحالي جو بايدن ألغت هذا القرار في فبراير الماضي.

مجلس الأمن

وبعد استنفاد الحلول من خلال المفاوضات المباشرة والوساطات، وصلت أزمة سد النهضة إلى مجلس الأمن، بعد أن طلبت مصر ذلك من أجل استئناف المحادثات، لكنها لم تخرج بنتائج ملموسة سوى شد وجذب بين ممثلي مصر وإثيوبيا، بحسب «الشرق».

ولكن الخطوة الأخيرة، من خلال لقاء الرئيس المصري مع رئيس الوزراء الإثيوبي لمناقشة أزمة السودان، باتت تعطي بصيص أمل في حل أزمة سد النهضة، خاصة في ظل الإصرار على حلها في غضون 4 أشهر.

وبعد 10 سنوات من المفاوضات والوساطات المتعثرة وغير المجدية، يبدو أن أزمة سد النهضة بين إثيوبيا ومصر والسودان وصلت إلى منعطف خطير.

ولعل آخر ملامح التوتر في مسار هذه القضية الشائكة تمثّل في تصريحات الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي الأخيرة، والتي حذر خلالها من المساس بحق مصر في مياه النيل، مهدداً بأنه «خط أحمر»، وسيكون له تأثير على استقرار المنطقة بكاملها.

اللهجة الحازمة التي استخدمها السيسي، تأتي في ظل إصرار إثيوبيا على التمسك بما تعتبره «حقها» في الشروع بالملء الثاني للسد في يوليو المقبل، بغض النظر عن التوصل لاتفاق.

بدايات أزمة سد النهضة

منذ أن دشنت إثيوبيا الأعمال الإنشائية لسد النهضة عام 2011، دخلت مصر وإثيوبيا والسودان في دوامة من المفاوضات التي لم تفضِ حتى الآن، إلى اتفاق ملزم.

وطوال السنوات الماضية ظلت جولات التفاوض، على كثرتها، تدور في حلقات مفرغة، كما وصفها مسؤول مصري العام الماضي، من دون أن تحقق هدفها المنشود، والمتمثل في اتفاق ملزم يضع آلية واضحة لحل المنازعات وإدارة السد في المستقبل، واقتصرت نتائج تلك الجهود الدبلوماسية على وثيقة مبادئ ونقاط توافق.

وتتفق مصر والسودان على ضرورة التوصل إلى الاتفاق الملزم قبل بدء إثيوبيا الملء الثاني لسد النهضة المقرر صيف هذا العام. لكن أديس أبابا تُعارض تلك الخطوة، وترفض كذلك إضافة وسطاء إلى عملية التفاوض القائمة، والتي يقودها الاتحاد الإفريقي.

وتدافع إثيوبيا عن السد، باعتباره بالنسبة لها «ضرورة وجودية»، فتشغيله بكامل طاقته، سيكون المحطة الكبرى على مستوى القارة السمراء لتوليد الكهرباء، بحيث سيُوفرها ل 65 مليون إثيوبي.

الدبلوماسية الشعبية واللجنة الفنية

منذ أن بدأت إثيوبيا إنشاء سد النهضة على نهر النيل الأزرق، بدأت رحلة التفاوض بين أطراف القضية، سواء كانت بشكل رسمي حكومي أو حتى على مستوى غير رسمي، كما حدث في شهر مايو عام 2011، حينما زار وفد مصري أُطلق عليه «وفد الدبلوماسية الشعبية» وضم قيادات حزبية وشخصيات عامة، إثيوبيا والسودان، والتقى عدداً من مسؤولي البلدين.

ولعل آخر ملامح التوتر في مسار هذه القضية الشائكة تمثّل في تصريحات الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي الأخيرة، والتي حذر خلالها من المساس بحق مصر في مياه النيل، مهدداً بأنه «خط أحمر» وسيكون له تأثير على استقرار المنطقة بكاملها.

ثم اتخذت الأزمة منحى أكثر خطورة، مع تصريحات إعلامية منسوبة لرئيس الوزراء آبي أحمد أمام البرلمان الإثيوبي، يقول فيها إنه «يستطيع حشد الملايين على الحدود».

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/yck2rcjd

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"