«متجر أمازون» البريطاني

00:42 صباحا
قراءة دقيقتين

يونس السيد

كشفت تصريحات وزير الدفاع البريطاني بن والاس، على هامش قمة فيلنيوس لحلف «الناتو» مؤخراً، عن حجم الهوة بين المواقف المعلنة الداعمة لأوكرانيا، وحقيقة المعاناة التي تعانيها بريطانيا والغرب عموماً، جراء إفراغ مخزوناتها العسكرية لصالح إمداد أوكرانيا بالسلاح.

وسواء جاءت تصريحات بن والاس عن قصد أو غير قصد، فإن مجرد تذكيره زيلينسكي بأن بريطانيا ليست خدمة توصيل «متجر أمازون» عبر الإنترنت، رداً على طلبات الرئيس الأوكراني المتكررة بالمزيد من السلاح، يظهر إلى العلن انزعاج لندن، من هذه الطلبات التي لا نهاية لها. ويكشف، على الأرجح، عن خلافات داخل التحالف الغربي، وما كان هذا التحالف يحاول إخفاءه طوال الوقت، حتى لا يقدّم هدايا مجانية لموسكو التي تنتظر سماع مثل هذه التصريحات بفارغ الصبر.

لا أحد يشك في أن بريطانيا، كانت ولا تزال، من أكثر دول «الناتو» حماساً لمساعدة أوكرانيا حتى قبل أن تبدأ عملية روسيا العسكرية، بسبب العلاقات المتردية أصلاً بين لندن وموسكو. وبعد بدء العملية الروسية، كانت بريطانيا من أوائل الدول التي سارعت إلى تقديم الدعم اللوجستي والاستخباراتي والمستشارين العسكريين وتوفير التغطية الإعلامية لأوكرانيا، قبل أن تتحول إلى تقديم الدعم العملي والميداني بإرسال أحدث ما في ترسانتها العسكرية من دبابات «تشالينجر» إلى صواريخ «ستورم شادو»، وغيرها من الأسلحة والذخائر والقذائف الصاروخية والمدفعية. 

وبالتالي فعندما يلح زيلينسكي على إرسال المزيد من الأسلحة المتطورة باعتباره خط الدفاع الأول عن أوروبا، كما يقول، فهو يحاول الضغط للحصول على المزيد، مستغلاً عدم تحديد جدول زمني لانضمام أوكرانيا إلى حلف «الناتو»، كما لو أنه يحاول المقايضة أو تعويض هذه بتلك. وربما هذا ما دفع بن والاس إلى مطالبة زيلينسكي بإظهار «الامتنان»، على الأقل، لبريطانيا بعد كل ما قدمته. ومع أن الجميع في لندن أو كييف نفى وجود خلافات بينهما، إلا أن رد فعل زيلينسكي الغاضب، خلال مؤتمر صحفي عقده على هامش القمة، يشي بالكثير، خصوصاً عندما طلب من وزير دفاعه الاتصال فوراً بنظيره البريطاني وتقديم «الامتنان» له.

 ولا يقتصر هذا الخلاف على لندن وكييف، فالكثير من دول «الناتو»، أبدت قلقها من نفاد مخزوناتها العسكرية، حتى أن واشنطن قررت إرسال «القنابل العنقودية» المحظورة والمحرمة دولياً وأخلاقياً، والتي تملك منها مخزوناً ضخماً، بدلاً من القذائف التقليدية، بذريعة نفاد ذخائر كييف التقليدية، وعلى أمل إحداث تغيير جذري في مجرى الهجوم الأوكراني المضاد لصالح كييف. 

وقد تتضح الصورة أكثر عندما نرى مجموعة من البرلمانيين البريطانيين تنتقد نظام المشتريات العسكرية لبلادها، وتقدّم، بحسب صحيفة «فايننشال تايمز»، مجموعة من التوصيات لوزارة الدفاع لإصلاح منظومة العمل الحالية، التي تعتبرها فاشلة وتعرض القوات البريطانية للخطر في حال اندلاع النزاع مع روسيا. بهذا المعنى، يبدو أن مسألة تسليح أوكرانيا بدأت تتحول إلى عبء ثقيل على دول «الناتو»، وأن ما تلفّظ به بن والاس لم يكن سوى بداية الإفصاح عن مكنونات ما يخبئه الآخرون.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/4xbef92u

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"