استثمار اليوم يحد من انبعاثات الكربون

22:04 مساء
قراءة 4 دقائق

ساندرا هليل *
في غضون ستة أشهر أو تزيد قليلاً، ستجمع دولة الإمارات المجتمع الدولي معاً لتعزيز التوافق وتقديم حلول حاسمة وعملية للاستدامة لتسريع تقدم العمل المناخي الشامل.

في الفترة من 30 نوفمبر إلى 12 ديسمبر 2023، تستضيف دولة الإمارات الدورة 28 لمؤتمر الأطراف (COP 28) في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ، ستقود الدولة الجهود من أجل اتخاذ إجراءات تحويلية وتحقيق مخرجات قوية من خلال تشجيع التعاون العالمي لمعالجة مشكلة معقدة تؤثر فينا جميعاً.

اليوم، ترتفع درجة حرارة العالم بشكل أسرع من أي وقت مضى في التاريخ المسجل. لقد سلطت الكوارث الطبيعية الأكثر تكراراً وتطرفاً الضوء على آثار الاحتباس الحراري الذي يسببه الإنسان. وفي هذا الإطار، أصبح من الضروري على المجتمع الدولي اتخاذ جميع الإجراءات اللازمة من أجل تجاوز مرحلة تحديد الأهداف لتحقيقها.

كما أنه لبناء عالم يتصدى للتغير المناخي وحيادي الكربون، يجب على الأفراد والمنظمات تحمل مسؤولية جماعية للعمل معاً لتغيير مسار التغير المناخي وتمهيد الطريق لغد أكثر استدامة.

ويمثل التحول إلى عالم أكثر استدامة فرصة تاريخية للاستثمار في الحلول المبتكرة والطاقة المتجددة والمشاريع ذات الحياد المناخي. مع اكتساب الطريق إلى «COP28» الزخم، فإن السؤال الذي نسعى إلى الإجابة عنه هو: «ما الدور الذي يمكن أن نلعبه اليوم لإحداث تأثير سريع في بصمتنا الكربونية مستقبلاً؟ وما هي القرارات الاستثمارية التي ينبغي اتخاذها اليوم لنحقق نتائج أفضل على المديين المتوسط والبعيد؟». ويعكس هذا النهج الحاجة إلى تطبيق تقنيات مجربة من شأنها تقليل المستوى الحالي للانبعاثات الكربونية، بالتزامن مع العمل على حفز التقنيات المتطورة التي ستدعم إزالة الكربون بمستويات أعلى في المستقبل.

نحن نعلم أنه لا يمكن حل مشكلة التغير المناخي دون إحراز تقدم كبير في التكنولوجيا، وأنه لتقليل الانبعاثات بسرعة، يجب علينا توسيع نطاق تقنيات الطاقة المتقدمة عبر القطاعات.

في مجال الطيران، على سبيل المثال، يمكن لشركات الطيران اعتماد البرمجيات التحليلية لمساعدة الطيارين على تعزيز إجراءات السلامة واتخاذ القرارات التشغيلية، فضلاً عن تحقيق وفورات في استهلاك الوقود. وتسهم حلول الصيانة المبتكرة أيضاً في التقليل من الانبعاثات، مثل تقنية غسيل المحركات بالرغوة «360 Foam Wash»، الهادفة إلى الحد من استهلاك المحركات للوقود وتقليل الانبعاثات الكربونية. وما هذه سوى نماذج لاستثمارات قادرة على تحقيق نتائج مجزية وفورية.

وفي الوقت نفسه، تعد الاستثمارات الكبيرة في التقنيات النظيفة التي ستُحدث تأثيراً في المديين المتوسط والبعيد أمراً بالغ الأهمية للمضي قدماً. وتشمل هذه التقنيات التكنولوجيا الداعمة لاستخدام وقود الطائرات المستدام، وهو حل بارز يدعم القطاع في تحقيق أهدافه للوصول إلى الحياد المناخي. وشهد القطاع تحقيق علامة فارقة في سعيه إلى الوصول إلى هذا الهدف في وقت سابق من هذا العام عندما قامت طيران الإمارات في يناير بتسيير أول رحلة تجريبية في منطقة الشرق الأوسط وإفريقيا بمحرك يعمل بوقود مستدام بنسبة 100%. وأسهم هذا الاختبار بشكل مباشر في مجموعة بيانات القطاع والأبحاث المتعلقة بزيادة نسب مزج الوقود المستدام، ودعم الجهود المبذولة لتوحيد المعايير وهدف نيل الموافقة على اعتماد وقود الطائرات المستدام بنسبة 100% كبديل لوقود الطائرات التقليدي.

وسواء كان الأمر يتعلق برحلات كهربائية هجينة وتكنولوجيا نووية متطورة، فإن الاستثمار في التقنيات طويلة المدى يمكن أن يقلل من استهلاك الوقود وانبعاثات ثاني أكسيد الكربون ويضمن التوافق بنسبة 100% مع مصادر الطاقة البديلة مثل وقود الطائرات المستدام.

وفي مجال الطاقة، هناك آفاق غير محدودة للإجراءات والتقنيات والحلول التي يمكن للبلدان والمرافق الخدمية والشركات الصناعية اليوم اتخاذها لتقليل بصمتها الكربونية. وهذا يشمل إجراء تحسينات على الخدمة وتحديث التقنيات المعتمدة في محطات توليد الطاقة التي تعمل بالغاز، فضلاً عن الانتقال من نظام الدورة البسيطة إلى نظام الدورة المركبة. في حين تشمل الإجراءات على المدى الأبعد التحول من الفحم إلى الغاز، إضافة إلى استخدام مصادر الطاقة المتجددة مثل الطاقة الشمسية، وطاقة الرياح البرية والبحرية، والطاقة الكهرومائية، وتخزين البطاريات، والأنظمة الهجينة.

ويمكن تحسين كفاءة الأصول الحالية بالاستفادة من خدمات المراقبة والتشخيص التي تقوم بتحليل أداء الأصول في الوقت الفعلي، واقتراح إجراء الصيانة الوقائية والتغييرات التشغيلية التي تخفض التكاليف وتحسن وقت التشغيل وتعزز كفاءة استهلاك الوقود.

وعلى المدى البعيد، يزود نشر المفاعلات النووية المعيارية صغيرة الحجم «إس إم آر»، التي تبلغ قدرتها الإنتاجية 300 ميجاواط عموماً، الشبكات بكهرباء خالية من الكربون قابلة للتوزيع وفق منظومة يمكن نشرها بشكل أسرع مقارنة بالمفاعلات التقليدية، عدا عن كونها أقل كلفة.

هناك أيضاً الاستثمار في تطوير تقنيات عمليات ما قبل وبعد الاحتراق للتوربينات الغازية، بما في ذلك تهيئة التوربينات للعمل على الهيدروجين بنسبة 100%، ودراسة بناء محطات جديدة لتوليد الطاقة بالغاز، أو إجراء تعديلات على المحطات الحالية، وذلك لدمج تقنيات احتجاز الكربون واستخدامه وتخزينه بكفاءة.

وإلى جانب توليد الطاقة، نطمح أيضاً إلى تمويل استثمارات قصيرة وطويلة الأمد في أنظمة الشبكات؛ إذ يمكن لمشغّلي الشبكات اليوم نشر أجهزة وتطبيق برمجيات لمواكبة نموّ قدرة مصادر الطاقة المتجددة على الشبكات من أجل الموازنة بين مستويي الإنتاج والطلب، وتحسين مرونة الشبكة، وتعزيز كفاءة الطاقة. وعلى المدى البعيد، نعمل على تطوير أجهزة وبرمجيات تمكّن مشغلي الشبكات من إدارة قاعدة أصول لتوليد الطاقة تتكون في غالبيتها من مصادر الطاقة المتجددة المتقطعة والموزّعة.

* مدير الاتصال الحكومي والاستدامة بشركة «جنرال إلكتريك»

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/yvpfae3m

عن الكاتب

مدير الاتصال الحكومي والاستدامة بشركة «جنرال إلكتريك»

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"