عادي

حكم قراءة سورة الضحى عند ضياع الأشياء

19:39 مساء
قراءة 4 دقائق

تداول بعض المسلمين على مر السنوات، نصيحة قراءة سورة الضحى، عند ضياع شيء، بنية العثور عليه.

وأصبحت تلك النصيحة المتداولة دون سند ديني واضح، خاصة أن بعض الأشخاص ينصح بقراءة آيات أخرى من سور القرآن الكريم، باعتبار أن لها الفضل في العثور على الأشياء الضائعة.

وسورة الضحى، هي السورة رقم 93 في القرآن الكريم، ونزلت آياتها على رسول الله صلى الله عليه وسلم في مكة، لتثبيت فؤاده، بعدما مرض ولم يستطع قيام ليلة أو ليلتين، فأتت امرأة من المشركين لتقول له إن الله سبحانه وتعالى قد تخلى عنه.

وفسر بعض الناس قراءة سورة الضحى عند ضياع الأشياء، ووجود إحدى آياتها «ووجدك ضالاً فهدى»، بأنها يقصد بها العثور على الضالة المفقودة، لكن تفسير الآية الكريمة يتحدث عن رسول الله، عليه أفضل الصلاة والسلام، وبحسب تفسير القرطبي، فالمقصود هو «وجدك الله غافلاً عن ما يراد بك من أمر النبوة، فأرشدك»، وهناك تفسير آخر هو «ضالاً في شعاب مكة، فهداك الله وردك إلى جدك عبدالمطلب».

وعبّر بعض المسلمين عن رفضهم لتلك النصائح، ومنهم من رجّح أن تلك الأمور بدعة يجب الابتعاد عنها، وعدم ربط سورة الضحى بالبحث عن الأشياء الضائعة.

من قرأ القرآن فليسأل

وأكدت دار الإفتاء المصرية، حول حكم قراءة سورة «الضحى» عند فقدان الأشياء، أنه يجوز قراءة القرآن الكريم عامة بأي نية بها خير.

واستندت فتوى دار الإفتاء المصرية ل«الخليج»، إلى ما ورد عن عمران بن حصين، رضي الله عنه، أنه مر على قارئ يقرأ، ثم سأل فاسترجع، ثم قال سمعت رسول الله، صلى الله عليه وسلم، يقول «من قرأ القرآن فليسأل الله به، فإنه سيجيء أقوام يقرؤون القرآن يسألون به الناس» أخرجه الترمذي في سننه.

وأضافت الفتوى أن العلامة المباركفوري، قال في تحفة الأحوذي «من قرأ القرآن فليسأل الله به»، أي فليطلب من الله تعالى بالقرآن ما شاء من أمور الدنيا والآخرة.

الأحاديث الصحيحة

فيما كان الدكتور عارف الشيخ، قد ذكر من قبل، خلال أحد مقالاته ل«الخليج»، «لا أقول لمن يقرأ سورة الضحى عندما يضيع منه شيء ويرجو بذلك الحصول على ضالته، لا تقرأ القرآن، ولكني أقول له: لا يجوز لك أن تفعل ذلك وتنسبه إلى الرسول صلى الله عليه وسلم، إذ لم يرد عنه أنه فعل ذلك، ولو فعل لورد حتماً في حديث من أحاديثه القولية أو الفعلية الصحيحة».

وأضاف: «يقول صاحب هذه البدعة: قرأت سورة الضحى، وعندما وصلت إلى قوله تعالى: (ولسوف يعطيك ربك فترضى)، وجلست أكررها مراراً وتكراراً، وما إن انتهيت من المرة الأخيرة، وجدت باب منزلي يطرق، فإذا بشنطتي التي ضاعت مني وفيها ما كنت أبحث عنه وما لقيته».

ولم يكتف صاحبنا بهذا القول بل قال: «ومع الشيء في الشنطة رسالة ترضية من اللص يقول لي: أنت رائع أتمنى لك التوفيق».

وبعض آخر يقول: «إذا ضاع شيء منك فقدته أو سرقه منك أحد، فما عليك إلا أن تصلي ركعتين لله ثم تجلس في اتجاه القبلة وتقرأ قوله تعالى: «يا بني إنها إن تك مثقال حبة من خردل فتكن في صخرة أو في السماوات أو في الأرض يأت بها الله إن الله لطيف خبير». (الآية 16 من سورة لقمان)

ويقول: «تقرأ هذه الآية 129 مرة ثم تنام مباشرة، لترى في منامك كل شيء».

وذكر بعضهم حديثاً عن الرسول صلى الله عليه وسلم، أنه قال: «إذا أضل أحدكم شيئاً أو أراد أحدكم غوثاً وهو بأرض ليس بها أنيس فليقل: يا عباد الله أغيثوني، يا عباد الله أغيثوني، فإن لله عباداً لا يراهم أحد» (رواه أبويعلي وابن السني والطبراني في الكبير عن عتبة بن غزوان).

وفي مصنف ابن أبي شيبة والطبراني، أن من ضاع له شيء فليتوضأ وليصل ركعتين وليتشهد وليقل: «باسم الله يا هادي الضلال، ورادّ الضالة اردد عليّ ضالتي بعزتك وسلطانك، فإنها من عطائك وفضلك». (قال الحاكم: رواته ثقاة).

ويروي الشيخ عبدالرحمن السحيم هذا الدعاء فيقول: روى الطبراني في الأوسط والكبير عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم في الضالة، أنه كان يقول: «اللهم رادّ الضالة وهادي الضلالة أنت تهدي من الضلالة اردد عليّ ضالّتي فإنها من عطائك وفضلك».

ثم يقول: «والطبراني لم يروِ هذا الحديث عن محمد بن عجلان، إلا أن ابن عيينة تفرّد به عبدالرحمن بن يعقوب، ولا يُروى هذا الحديث عن ابن عمر إلا بهذا الإسناد».

وقال الهيثمي: «رواه الطبراني في الصغير والأوسط والكبير وفيه عبدالرحمن بن يعقوب ولم أعرفه، وبقية رجاله ثقات».

ونقل المناوي دعاء «يا جامع الناس ليوم لا ريب فيه اجمع عليّ ضالّتي»، ثم قال: «وقال النووي في بستانه: جرّبته فوجدته نافعاً لوجود الضالّة عن قرب، وقد علّمنيه شيخنا أبو البقاء».

يقول ابن عثيمين: «ما ثبت بالتجربة في الرقية لا بأس به، استناداً إلى فعل الصحابة، رضي الله عنهم، في حديث أبي سعيد الخدري قال: نزلنا منزلاً فأتتنا امرأة فقالت: إن سيد الحي لدغ فهل فيكم من راقٍ» إلى آخر الحديث الوارد في الصحيحين.

إذاً فالمسألة كما رأيت لا حاجة فيها إلى أن ننسب إلى الرسول، صلى الله عليه وسلم، ما لم يثبت عنه أنه قاله، ويصح لنا أن نقرّ بعض التجارب إذا كانت تتفق مع القرآن والسنة.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/ycka92m2

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"