عادي
تعقد تحت عنوان «التحولات الهيكلية في الاقتصاد العالمي» 24 إلى 26 الجاري

ندوة «جاكسون هول».. ماذا في جعبة جيروم باول؟

00:04 صباحا
قراءة 4 دقائق
باول وزوجته إليسا ليونارد في اجتماع سابق عام 2022 (أرشيفية)
كتب: المحرر الاقتصادي

الأسواق المالية وعقود الذهب والنفط وحتى العملات، كلها تقف على أهبة الاستعداد، في كل عام بانتظار ندوة «جاكسون هول». هذا العام، سيولي المستثمرون العالميون اهتماماً وثيقاً لخطاب رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول في ندوة جاكسون هول للسياسة الاقتصادية 2023. نظراً للبيئة الاقتصادية المتغيرة التي تشهدها اقتصادات العالم، يمكن أن تكون ندوة جاكسون هول 2023 بمثابة تغيير لقواعد اللعبة.

تعقد الندوة تحت عنوان «التحولات الهيكلية في الاقتصاد العالمي» بين 24 و26 أغسطس بولاية وايومنغ، ومن المتوقع أن يحضر باول ويتحدث في الاجتماع. 
أسقط باول المطرقة في خطاب العام الماضي، محذراً من الألم الاقتصادي مرتين. كان حديثه قصيراً ولكنه لم يكن لطيفاً بشكل خاص. وقال يومها: «في حين أن أسعار الفائدة المرتفعة، والنمو البطيء، وظروف سوق العمل الضعيفة ستؤدي إلى انخفاض التضخم، فإنها ستجلب أيضاً بعض الألم للأسر والشركات».
في العام الماضي، أراد باول أن يذكر الأسواق بأن طريق العودة إلى هدف بنك الاحتياطي الفيدرالي للتضخم بنسبة 2% طويل.

وارتفع مؤشر أسعار المستهلك من الذروة عند حوالي 9% العام الماضي، وتراجع الآن بعد سلسلة من ارتفاعات الفائدة إلى حوالي 3%. فهل يكتفي «الفيدرالي» ويوقف رفع الفائدة في اجتماعه المرتقب في سبتمبر/ أيلول المقبل؟

  • ما أهمية جاكسون هول؟

تعتبر جاكسون هول من أشهر الوجهات السياحية لعشاق التزلج في الولايات المتحدة الأمريكية، حيث تضم 3 منتجعات توفر منحدرات وسط مناظر طبيعية مدهشة، فالتزلج على الجليد ليس كل ما تقدمه جاكسون هول؛ بل وهناك التنزه مشياً على الأقدام.

وبعيداً عن الثلوج وصقيعها، ينعقد صيفاً الاجتماع السنوي الذي يستضيفه الاحتياطي الفيدرالي لمدينة «كانساس»، ليضم محافظي البنوك المركزية الأمريكية، كما تتم دعوة عدد من المحافظين وكبار الاقتصاديين وخبراء المال من حول العالم. يعود تاريخ انعقاد اللقاء إلى عام 1978، كندوة سياسة اقتصادية محلية لمناقشة المواضيع القائمة وانعكاساتها المستقبلية.

وفي عام 1982 انتقل الحدث إلى جاكسون هول، حيث دعا روجر جوفي، رئيس بنك كانساس سيتي الفيدرالي في حينه، رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي في ذلك الوقت بول فولكر لحضور الندوة التي تحمل عنوان «قضايا السياسة النقدية في الثمانينات». قبِل فولكر الدعوة وشارك في الحدث الذي حضره في السنوات التي تلت خلفاء فولكر في الاحتياطي الفيدرالي ومسؤولين من البنوك المركزية حول العالم. ومنذ ذلك الحين تعقد الندوة المغلقة بنهاية الصيف في كل عام، حتى باتت إشارة لبدء موسم جديد وانتهاء استراحة الصيف.

ويتم اختيار عدد محدود جداً من الصحفيين لتغطية فعاليات الندوة، ويدفع جميع المشاركين فيها، بمن فيهم أعضاء الصحافة رسوماً مقابل حضور فعالياتها.

  • آلان جرينسبان

في العام 1989، عرض رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي الشهير، آلان جرينسبان وجهات نظر البنك المركزي إلى جانب ممثلين من عدد من أهم البنوك المركزية في العالم وعلى رأسهم بنك كندا وبوندسبانك الألماني، وكان الحدث تحت عنوان «قضايا السياسة النقدية في التسعينات». كانت تلك هي المرة الأولى التي يلعب فيها رئيس الاحتياطي الفيدرالي دوراً رسمياً في البرنامج، الاتجاه الذي لا يزال مستمراً حتى اليوم.

جرينسبان نفسه كان عنوان ندوة عام 2005، حين اقترب يومها من التقاعد، وحملت نسخة ذلك العام عنوان «عصر جرينسبان: دروس للمستقبل»، وخلصت إلى استنتاجات متضاربة حول إرث أحد الرؤساء الأطول خدمة في تاريخ مجلس الاحتياطي الفيدرالي.

مع مرور الوقت، اكتسب لقاء «جاكسون هول» المزيد من الأهمية، حتى بات ندوة سنوية لترقب التلميحات بشأن السياسات النقدية للبنوك المركزية، فيما لا تخرج عن الاجتماعات أية قرارات.

  • أزمة 2008

لم تحتل الندوة العالمية هذا القدر من اهتمام الأسواق حول العالم حتى الأزمة المالية التي ضربت الاقتصاد العالمي في 2007- 2008. يومها، اعتبر بعض المدعوين للندوة موضوع «الإسكان وتمويل الإسكان والسياسة النقدية» مملاً. ومع ذلك، عندما انطلق الحدث في أغسطس/ آب، انهار سوق الإسكان، ما جعل الموضوع مناسباً وفي الوقت المناسب.

ومع اعتياد المستثمرين إعلان المسؤولين تصريحات قوية خلال تلك الاجتماعات، والتي تؤثر بشكل كبير في الأسواق، يتابع المستثمرون إجراءات الندوة عن كثب، حيث إن تعليقات وملاحظات المسؤولين من شأنها أن تؤثر في أوضاع السوق.

ويُقدم لبنك «كانساس» الأوراق المقرر عرضها في الاجتماع، وينشرها البنك على موقعه وقت تقديمها في الاجتماع، ولا يجوز تقديم أوراق أخرى مثل تعليقات المشاركين، إلا بعد انتهاء الحدث، ولكن يتم نشرها عند توفرها.

  • أبرز التلميحات

لطالما استخدمت ندوة «جاكسون هول» كمنصة للإعلان عن خطط السياسة النقدية في بعض البنوك المركزية. وكان من بين أهم الاجتماعات في صيف عام 2012، حيث كانت تلميحات رئيس الاحتياطي آنذاك بن برنانكي، إلى استعداد الفيدرالي للقيام بدورة ثالثة من التيسير الكمي لتحفيز الاقتصاد، وبالفعل تم بعد شهر الإعلان عن ذلك. قبلها بعامين، أعلن رئيس الاحتياطي خلال الاجتماع عن خطته في اتباع سياسة نقدية تيسيرية، وكان ذلك وقت الأزمة المالية العالمية، وكان من ضمن 5000 كلمة أدلى بها برنانكي في اجتماع 2010، يوجد 2000 كلمة حول مزيد من الخيارات نحو تخفيف السياسة النقدية. وفي اجتماعات 2014، تحدث ماريو دراجي، رئيس الوزراء في الحكومة الإيطالية حالياً، رئيس البنك المركزي الأوروبي في حينه، عن عزم المركزي الأوروبي إغراق الأسواق في برنامج التيسير الكمي، وبالفعل، ارتفعت عوائد السندات الأمريكية والألمانية بمقدار من 20 إلى 30 نقطة، في الأسابيع التي تلت تلك التصريحات، لتستأنف بعد ذلك تراجعها الحاد بفعل برنامج شراء الأصول.
قبل ذلك في عام 1990، ركزت الندوة على «قضايا البنوك المركزية في الاقتصادات الناشئة عن الأسواق الناشئة».

  • التضخم والركود

باتت ندوة جاكسون هول تتمتع بقدر كبير من الأهمية، وفي عام 2020، وفي قلب أزمة تفشي وباء «كورونا» لم يكن إلغاء الفعالية خياراً أمام المنظمين، وبالفعل عقد المنتدى السنوي افتراضياً للمرة الأولى في تاريخه. وبعدما أعلن في 2021، أن ارتفاع الأسعار «مرحليّ»، واجه باول خلال ملتقى 2022 نسبة تضخم كانت من الأعلى في أمريكا منذ 40 سنة، وفي حين تراجعت النسبة بشكل ملحوظ في 2023، غير أن التضخم لا يزال أعلى من المستهدف.
وكما في كلّ سنة، بل أكثر من أي وقت مضى، يترقب الجميع الخطاب الذي يلقيه باول خلال الاجتماع الذي يعقد في جاكسون هول.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/5xarm934

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"