عادي
قصة حب كبيرة جمعته بالإمارات وقادتها

«غروب شمس الرافدين» الشاعر كريم العراقي

18:19 مساء
قراءة 10 دقائق
كريم العراقي
  • اطلع على أمهات كتب التراث وتغنى بالعروبة وبالإنسانية جمعاء
  • أشعاره موشاة برؤية فكرية تتجول بين نصوصه حرة طليقة
  • حمل لواء الأدب كخير سفير للإبداع العراقي والعربي
  • كتب قصائد حب في الدولة ورموزها وشخصياتها

الشارقة: علاء الدين محمود

سيكون الأول من سبتمبر/ أيلول من هذا العام، تاريخاً فارقاً في الساحة الثقافية الشعرية العراقية والعربية بصورة عامة؛ إذ شهد رحيل الشاعر الكبير كريم العراقي، بعد أن أنهك جسده مرض السرطان في مستشفى «كليفلاند» أبوظبي، وبرحيله الفاجع تكون قد طويت صفحة مهمة لواحد من أكبر علامات الشعر في الوقت الراهن، فهو صاحب سجل حافل من القصائد، ولم يتخل عن كتابة القصيدة حتى وهو في أشد ساعات المرض؛ إذ يشار إلى أنه كتب قرابة ال55 نصاً، أُطلق عليها اسم «على سرير الأمل»، لأنها عبرت عن لحظة مهمة، وهي الأمل في الشفاء وقهر المرض، لكن كان للقدر كلمته، فأسلم الروح بعد تلك المسيرة الطويلة والحافلة التي كونت تجربته الشعرية والإنسانية، وجعلت اسمه يلمع في سماء الشعر والثقافة العربية؛ حيث وجد الشاعر اهتماماً كبيراً من كل الدول العربية، وقد احتضنته الإمارات وبادلها حباً بحب، فألف العديد من القصائد التي تعبر عن تلك المشاعر الصادقة في حب الإمارات.

ولد كريم العراقي في محلة الشاكرية في كرادة مريم قرب الكرخ ببغداد، في عام 1955م، وأحب الكتابة منذ وقت باكر في طفولته، وتفجرت مواهبه في المرحلة الابتدائية؛ حيث كانت تلك الفترة بمنزلة مولد إبداعاته؛ إذ كان ينشر ما يكتب في مجلات عراقية عديدة؛ مثل: مجلة «المتفرج»، و«الراصد»، و«الإذاعة والتلفزيون»، و«ابن البلد»، و«وعي العمال» و«الشباب»، وكان ذلك دليل عبقرية ونبوغ، ولم تكن موهبته منذ ذلك الوقت منحصرة في الشعر وحده، فقد طرق الكثير من الأنماط الإبداعية الأخرى، وشملت كتابة الشعر الشعبي والأغنية والأوبريت والمسرحية والمقالة، فضلاً عن اهتمامه بالثقافة والأدب؛ حيث كان قبل ذلك كله قارئاً نهماً، اطلع في وقت باكر على أمهات كتب التراث العربي، فكان أن سرت إبداعات ذلك المنهل العظيم في روحه ودمه، فتغنى بالعروبة وبوطنه العراق كثيراً، وبالإنسانية جمعاء؛ حيث لا تخلو كلماته من ذلك الحس الإنساني الذي ينشد الخير والحب والجمال لكل البشر في جميع أرجاء العالم، فقد كان كريم العراقي ضمن محفل الفن والأدب الذي كان بمنزلة ترياق لأمراض الانغلاق، ومصائب الإرهاب والشر الذي انتشر، فكانت الكلمة المعبرة الرقيقة بمنزلة دواء يسري في جسد البشرية كلها؛ حيث نجد الرؤية الفكرية والفلسفية تتجول بين نصوصه حرة طليقة، ولا عجب في ذلك، فهو حاصل على دبلوم علم النفس وموسيقى الأطفال من معهد المعلمين في بغداد؛ لذلك امتلك مقدرة في قراءة العالم، وتأويله، وتحليله عبر قصائده وأعماله الإبداعية الأخرى، وكذلك بالكتابة الصحفية؛ إذ عمل محرراً فنياً لعدة سنوات في مجلة فنون العراقية، كما عمل محرراً صحفياً أيضاً في عدة مجلات عربية في مصر والسعودية والإمارات، إضافة إلى أنه عضو جمعية المؤلفين وناشري الموسيقى العالمية.

  • ترحال

نسبة لظروف العراق الصعبة من جرّاء التحولات الكبيرة في ذلك البلد العربي العزيز، خاصة في فترة مطلع التسعينات؛ حيث الحرب الضروس والتي غيّرت كثيراً من واقع العراق، فقد غادر الكثير من الأدباء والمثقفين، نحو بلدان عربية وحول العالم، وكان من ضمنهم كريم العراقي الذي اختار أن يتجه صوب تونس، سافر بجسده، وظلت روحه ترفرف في سماء العراق، فكان يكتب الشعر الوطني عن بلاده، إضافة إلى مشاركته في أعمال إبداعية أخرى؛ مثل كتابة المسرحيات، وبعد تجربة تواجده في تونس، غادر نحو بلدان عربية أخرى، وكان يشارك في الحراك الثقافي في كل مكان يحل فيه، فقد كان متفرغاً للأدب، فحمل لواءه كخير سفير للإبداع العراقي، وفي كل تلك البلدان التي حل فيها، صار الناس والنقاد والأدباء يتعرفون إليه وإلى تجربته الإبداعية المختلفة، كونه صاحب لونية وأسلوبية متميزة، قريبة من وجدان الإنسان البسيط، وفي ذات الوقت، تجد الاهتمام من المثقفين والمتعلمين.

  • في الإمارات

استقر المقام بكريم العراقي في الإمارات، التي اختارها ليعيش على أرضها، ويتفاعل مع الحياة الثقافية والفنية فيها؛ حيث جمعته صداقة كبيرة بنجوم الحراك الإبداعي الإماراتي، فكان أن شارك في الأمسيات والمنتديات، وله قصائد حب في الدولة ورموزها وشخصياتها، وفي إحدى المناسبات الإبداعية، ألقى كريم قصيدة يذكر فيها مآثر المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، يقول فيها:

غاب الذي بغيابه أبكانا

وغدا المواطن والمقيم حزانى

من لا يحبك يا حديث بيوتنا

من لا يحب العادل الإنسانا

من لا يصلي ضارعا متطوعا

لله أن يهبَ العزيز جنانا

أنت الذي عاش الجميع بظله

من كل أرض صحبة إخوانا

أنت الذي جعل الرمال حدائقا

والرزق سعيا والحياة أمانا

ولقد بنيت مصانعا ومزارعا

وبنيت قبل بنائها الإنسانا

تلك الملايين التي أنا فردها

هل تستطيع الصبر والسلوانا

فبأهل بيتك سيدي ساويتنا

عوضتنا الأهلين والأوطانا

ولكريم العديد من القصائد الأخرى في حب الإمارات؛ البلد الذي عشقه، ووجد فيه نفسه كإنسان وشاعر، فبعد إعلان إصابته بمرض السرطان، وجّه العراقي الشكر للإمارات وقادتها، خاصة صاحب السموّ الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله، الذي تكفل بعلاجه، لدعمه الفن واستلهام إرث زايد في دعم المبدعين في السراء والضراء، إدراكاً لقيمة الفن والثقافة في نهضة الشعوب وتقدمها، وقال كريم حينها: «تحية بالحب والوفاء على الموقف الكبير لسموّه الذي أثبت من خلاله أننا نعيش في الإمارات في حب وأمان ورعاية دقيقة»، وكل تلك المواقف تحكي عن قصة كريم مع الإمارات وشعبها وقادتها، ومشاعره الفياضة تجاه ما وجده في الدولة؛ إذ كانت تجربته ثرية في الإمارات، وقد التفت إلى ذلك الحب الكبير الذي يحمله الإماراتيون للثقافة والأدب والشعر، وإلى ذلك الحب الكبير الذي تكنه قيادة الإمارات للعراق وبقية الشعوب العربية.

وفي إحدى المناسبات، تحدث كريم عن مآثر صاحب السموّ الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة، رئيس مجلس الوزراء، حاكم دبي، رعاه الله، قائلاً: «عندما فاز الفريق العراقي للشباب بكأس آسيا، بادر سموّه وكعادته بتقديم طائرته الخاصة لكي ينقل الفريق العراقي إلى الإمارات لتكريمه على هذا الإنجاز الكبير رغم كل الظروف الصعبة التي يمر بها العراق، وليس غريباً موقف الإمارات وسموّه، فهو الذي قال في أصعب الظروف التي يعيشها العراق: (إن العراق في قلوبنا وضمائرنا.. ويكفينا فخراً أنه من العراق انطلقت أوزان الشعر العربي)».

وكان كريم قد أهدى قصيدة لصاحب السموّ رئيس الدولة، حفظه الله، وقد تحدث عنها قائلاً: «كتبت قصيدة شكر وتقدير إلى صاحب السموّ رئيس الدولة، حفظه الله، بعنوان (معلقة الذهب – معلقة آل نهيان – المجد العربي والإنساني)، وهي قصيدة مكونة من 100 بيت، وخطت بماء الذهب، ونفذت على نسق وخطى المعلقات العربية السبع التي علقت على أستار الكعبة أيام الجاهلية، هي معلقات لشعراء كبار، أبرزهم الأعشى، وامرؤ القيس، وطرفة بن العبد، وعنترة بن شداد، والحارث بن حلزة اليشكري، وغيرهم، ولعل من أشهر القصائد التي تغنى بها كريم في حب الإمارات تلك التي تحدث فيها شعراً عن حبه لهذه البلاد التي تفيض طيبة وخيراً وأمناً وكرماً، تلك التي أسسها خير قائد وحكيم، وترعاها أيادي قادة أماجد هم عنوان للوفاء والتميز والرفعة»، وتقول القصيدة في بعض من أبياتها:

توسد عرشها صدر السماء

يراها في الخليقة كل رائي

وهل للشمس ند في سناها

وهل للبدر ند في الضياء

لها بينونة شمخت كصقر

كأبراج اتحاد الكبرياء

أحالت رملها روضاً شهياً

فزخي يا غيوم كما تشاء.

فأي حب هذا الذي حمله كريم العراقي للإمارات وأهلها وقادتها وأرضها وترابها؟ وما كانت الحروف والكلمات لتطاوع الشاعر في نظم تلك الدرر، لولا أن وراءها يوجد حب عظيم من شاعر كبير لبلد يستحق أن تنظم فيه الأشعار، فقد كانت حياة العراقي في الإمارات مفعمة بالحب وبالألق الإبداعي، فالشاعر وجد فيها الرعاية والعناية التي جعلته يستكمل مسيرته الإبداعية.

وظل العراقي على الدوام يتحدث بمحبة صادقة عن إقامته في الدولة؛ حيث لفت في إحدى المرات إلى أن الإمارات احتضنته منذ أن قرر الاستقرار بها؛ حيث شعر بالأمان، وعاش مع أولاده الذين ولدوا فيها، ودرسوا في مدارسها وجامعاتها بكل الحب والتقدير والاعتزاز، مشيراً إلى أنه حقق الكثير من الإنجازات الفنية في الإمارات، ويتذكر كريم تلك الشهور الأولى من وجوده في الإمارات؛ عندما تعاون مع مركز راشد لأصحاب الهمم، وقدم العديد من الأوبريتات الفنية، وشارك في الفعاليات والمناسبات العامة؛ إذ ذكر بأنه شارك في الكثير من الأعمال والمناسبات الوطنية الخاصة بالإمارات، والتي قدمها بكل فخر واعتزاز، أبرزها أوبريتات اليوم الوطني، إلى جانب مشاركته في مسرحيات هادفة على مسرح الشارقة، بعضها مع المخرج مرعي الحليان، والمخرج خالد البناي، إلى جانب تنفيذه أوبريت «التسامح» الذي أداه كل من حسين الجسمي وبلقيس، وأغنية «الوفاء»، التي غناها حسين الجسمي وكاظم الساهر.

  • القصيدة المغناة

اشتهر كريم العراقي بالقصيدة المغناة، تلك التي بدأ مسيرته معها منذ وقت باكر في عام 1973، عندما كتب أغنيتين للأطفال هما: «الشميسة»، و«يا خالة يالخياطة»، وكان ذلك عندما كان الشاعر يدرس في المرحلة المتوسطة، بعدها تفجرت قصائده الغنائية؛ حيث قدم العديد من الأعمال الناجحة التي وجدت صدى وقبولاً كبيرين مثل: أغنية «تهانينا يا أيام»، التي تغنى بها المطرب الكبير صلاح عبد الغفور، و«جنة جنة»، للفنان رضا الخياط، و«عمي يبو مركب» لفؤاد سالم و«وي هلة» لأنوار عبد الوهاب و«عرفت روحي أنا» لرياض أحمد و«يا أمي» لسعدون جابر، إضافة إلى ثلاث أغان لحسين نعمة، وغيرها من أغنيات كثيرة احتضنها الجمهور العربي؛ حيث كانت تلك الغنائية هي إحدى السمات الأساسية في قصائد كريم، وقد تميزت تلك القصائد بصورة جلبت لها شعبية كبيرة وواسعة، وهو أمر له أهميته الكبيرة في مجال «ديوان العرب»، فلئن كان هنالك تراجع في الإقبال عليه من قبل الجمهور، فإن تجربة هذا الشاعر الفذ قد أعادت للشعر رونقه وجمهوره.

  • لقاء

من أهم منعطفات كريم العراقي تلك العلاقة الفينة والإبداعية والصداقة التي جمعته بالفنان كاظم الساهر، والتي كان نتاجها سيل من الأغنيات الجميلة؛ حيث كانت بداية ذلك المشوار الفني المشترك، في عام 1987، ويشار إلى أن تلك العلاقة بدايتها في جمهورية مصر العربية؛ إذ كتب كريم للساهر ما يزيد على 70 أغنية منها: «معلم على الصدمات قلبي» و«افرح ولا تحرموني منه»، ومن خلال وجوده في القاهرة تعامل كريم مع الساهر وعدد كبير من الفنانين العرب؛ مثل: الهرم الفني محمد منير، وهاني شاكر، وديانا حداد، وفضل شاكر، وعمر العبدلات، وسميرة سعيد، وأصالة نصري، وصابر الرباعي، إضافة إلى استمراره في التعاون مع المطربين العراقيين خاصة المغتربين منهم أمثال: رضا الخياط، وماجد المهندس، وعادل مختار، ورضا العبد الله، ثم اتجه كريم إلى التوقيع الصوتي، ففي عام 2005، أُنتج له شريط كاسيت كامل بصوته، يحمل العديد من قصائده؛ وذلك عن شركة روتانا، وحمل ذلك الشريط عنوان «دللول»، وهي إحدى القصائد في الشريط، وتوضح حبه للعراق مع عزف منفرد، وتبقى دائماً العلاقة التي جمعته بكاظم الساهر متفردة في معانيها وجوهرها؛ إذ حكت قصة علاقة كبيرة بين المبدعين.

  • الشمس شمسي

لم تكن سيرة الشاعر الكبير كريم العراقي، في الهامش؛ بل سطعت شمسها لتعانق الملايين من معجبيه حول العالم؛ إذ قدم تجربة شعرية مختلفة، فكان أن وجدت صدى كبيراً على مستوى النخبة وكذلك على المستوى الشعبي، وربما ذلك الأمر هو ما لفت إليه الانتباه؛ حيث تُوجت تلك المسيرة بأكثر من تكريم عربي ودولي منها نيله لقب «أفضل أغنية إنسانية»، الذي منحته منظمة «اليونيسف» عن قصيدته «تذكر»، التي غنّاها كاظم الساهر، كما حصل على جائزة الأمير عبد الله الفيصل لعام 2019، ولعل تلك التكريمات تشير إلى أثره الكبير الباقي في وجدان الناس، وكانت نصوصه الشعرية خير معبرٍ عن العراقيين خلال الظروف الصعبة التي عاشوها، فقد كتب عن أوضاعهم ومعاناتهم، وتناول الحصار الاقتصادي الذي تعرّضت له بغداد في تسعينات القرن الماضي، كما كتب قصائد حماسية من أشهرها «الشمس شمسي»، لأن كريم كان مملوءاً بالمواهب الإبداعية الكثيرة والمتعددة والمتنوعة، فقد طرق الكثير من المجالات الأدبية والفنية، وبعد الحرب انشغل بكتابة روايات للأطفال ومسرحيات، إضافة إلى القصائد الغنائية المميزة، ومن أبرز الكتابات الإبداعية للشاعر مسرحية «يقظة الحراس»، و«يا حوته يا منحوته»، و«عيد وعرس»، و«دنيا عجيبة»، إلى جانب عدد من المسرحيات الأخرى، إضافة إلى كتابة سيناريو وحوار للأفلام السينمائية مثل: «عريس ولكن»، «افترض نفسك سعيداً»، وفيلم الأطفال «الخياط المرح»، وكذلك ألف روايات للأطفال منها: «الخنجر الذهبي»، «الشارع المهاجر»، و«كسل وبغلته الرمادية»، و«ذات مرة»؛ وهي عبارة عن حكاية شعبية، وقصائد شعرية للأطفال مثل: «سالم يا عراق»، كما قام بكتابة مجموعة قصص مسلسلة تلفزيونية بعنوان «مناجاة للواحد الأحد»، عرضها راديو وتلفزيون العرب، وله مجموعة قصصية قصيرة بعنوان «حكايات بغدادية»، إلى جانب عدد من الكتب والإصدارات مثل: «أغاني وحكاياتها»، و«هنا بغداد»، إضافة إلى عدد من الألبومات الصوتية مثل «ها يا حبيبي»، و«شاغل الفتيات»، وغيرها من الكتابات التي تؤكد عبقرية هذا المبدع الكبير الذي ملأ الدنيا وشغل الناس.

ظاهرة

ظلت قصائد العراقي تجد تفاعلاً كبيراً من قبل جمهور الشعر، وظلت مقاطعه الشعرية توظف من قبل الناس، خاصة أن نصوصه مترعة بالحكمة والغزل، كما طرق العديد من الأغراض الشعرية الأخرى، غير أن ما يميز كل تلك النصوص مجتمعة تلك العطرية الخاصة، والأسلوبية التي تميل إلى السهل الممتنع، والتنقل البديع بين القصيدة الفصحى والشعبية؛ حيث يعد فارساً في كل من المضمارين، كما تميزت نصوصه بالمسحة الإنسانية؛ إذ تحدث في العديد من قصائده عن هموم ومشاغل الناس حتى في غير البلدان العربية، ولعل ذلك الاهتمام الكبير الذي وجده يؤكد مكانته الكبيرة كظاهرة شعرية متفردة؛ حيث يرى كثير من النقاد أنه امتداد لجيل الشاعر الكبير نزار قباني، ولعل من أشهر قصائد كريم التي حفظتها قلوب العرب ورددتها حناجرهم، والتي اعتبرت من عيون الشعر العربي، تلك التي يقول في بعض من أبياتها:

لا تشك للناس جرحاً أنت صاحبه

لا يؤلمُ الجرح إلا من به ألم

شكواك للناس منقصة ومن

من الناس صاح ما به سقم

فالهم كالسيل والأمراض زاخرة

حمر الدلائل مهما أهلها كتم

فان شكوت لمن طاب الزمان له

عيناك تغلي ومن تشكو له صنم

وإذا شكوت لمن شكواك تسعده

أضفت جرحاً لجرحك اسمه الندم

هلْ المواساة يوماً حررت وطناً

أم التعازي بديل أن هوى العلم.

لفتة إنسانية

ولعل من أكثر اللفتات الإنسانية التي نزلت على قلب كريم وهو يعاني المرض، برداً وسلاماً، إضافة إلى اهتمام دولة الإمارات به، تلك التي جاءت من بلده العراق، عندما قرّرت الحكومة العراقية إصدار طابع بريدي يحمل صورة كريم العراقي، وأرسلت نسخاً منه إليه وهو على فراش المرض، وهو الأمر الذي أسعده كثيراً قبل رحيله الفاجع، ومنذ الإعلان عن وفاته، ظلت التغريدات والمنشورات في مواقع التواصل الاجتماعي المختلفة تنهمر كالمطر من أصدقاء وأدباء وفنانين وشخصيات مشهورة أوجعها موت شاعر بقامة كريم العراقي.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/5n9byxue

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"