القاهرة - إيمان مندور
أثار أحد الدعاة في مصر حالة من الجدل، عقب إعلانه في مقطع فيديو عن تطبيق أسماه «عمرة البدل»، إذ يعتمر شخص بدلاً من آخرين بمقابل مالي، وهو الأمر الذي اعتبره كثيرون تجارة باسم الدين.
وتصدَّر الداعية، أمير منير، اهتمام رواد مواقع التواصل الاجتماعي بعدما أعلن في بث مباشر عبر حسابه الرسمي على فيسبوك عن ذلك التطبيق.
وأثار الأمر غضباً واسعاً بين المصريين بشأن تحويل الأموال لغرباء، تحت مسمى الأمور الدينية.
وأشار عدد من الدعاة إلى أنه يمكن لأي شخص أن يؤدي العمرة عن غيره، لكن أن يأخذ مقابلاً مادياً لتأدية العمرة فهذا يفتح باباً للتجارة باسم الدين، ومن ثمَّ يجب عدم اللجوء لمثل هذه التطبيقات التي لا يعلم أحد عنها شيئاً.
- كيف بدأت الأزمة؟
بداية القصة تعود إلى فيديو نشره أمير منير عبر حسابه على «فيسبوك»، يتحدث خلاله عن وجود تطبيق عمرة البدل نظير مبلغ 4 آلاف جنيه.
ووفقاً لما قاله منير في الفيديو، فإنه «ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم جواز الوكالة بالعمرة، ولا يُشترط أن يكون قريباً من المتوفى أو العاجز».
وكشف في نهاية الفيديو، أنه بالتعاون والتنسيق مع أصحاب التطبيق استطاع أن يحصل على خصم لكل متابعيه لمن سيقوم بتلك الخطوة عن طريقه، وقال: «نجحت في الحصول لكم على خصم AM35، ويمكن الحصول على خصم 35% لأول 500 يطلبون العمرة بتطبيق عمرة البدل».
- مبررات الداعية الشهير
مع توالي ردود الفعل الغاضبة تجاه الأمر، ظهر أمير منير في فيديو جديد رد خلاله على انتقادات ترويجه لتطبيق العمرة بالإنابة أو ما يعرف ب«عمرة البدل»، مؤكداً أن الوكالة بالعمرة أمر شرعي، بشرط أن تكون عن متوفى أو عاجز.
وأشار إلى أنه حتى لو كانت نيته غير سليمة، فإن ذلك لن يؤثر في ثواب من وكّله بالعمرة، موضحاً أن التطبيق يتبع إحدى الشركات السعودية التي تخضع للمراقبة من الجهات الحكومية.
- موقف دار الإفتاء المصرية
تواصلت «الخليج» مع دار الإفتاء المصرية لمعرفة موقفها من هذه التطبيقات، ومدى جواز العمرة بالإنابة مقابل دفع المال، فأجاب أمين الفتوى بأنه يجوز للإنسان أن يوكّل شخصاً آخر لأداء العمرة عن متوفى، حتى لو لم يكن من أقارب هذا الميت، ويجوز أن يتحمّل نفقات أداء المناسك والانتقالات وغيرها من الأمور المادية، مشيراً إلى أن منح الأموال مقابل أداء العمرة عن شخص آخر جائز ولا مانع شرعياً فيه.
لكن في الوقت ذاته، شدّد أمين الفتوى على أن يكون ذلك مع شخص تعرفه بشكل شخصي وتثق به، لأن كثيراً من هذه التطبيقات أو ما يشبهها من طرق طلب الأموال مقابل العمرة تكون مجرد أدوات للنصب باسم الدين وغير حقيقية، لذلك يجب على الإنسان أن يتحرى أولاً بشأنها، ولا يعطي أمواله إلا لأناس ثقات.
هل التطبيق مُرخص؟
من جانبه، قال المحامي السعودي نايف آل منسي لصحيفة «الخليج»، إن العمرة من الخارج منظمة بموجب نظام صادر في عام 1420 هجرية، باسم «تنظيم خدمات المعتمرين وزوار المسجد النبوي الشريف للقادمين من خارج المملكة».
وأوضح أن هذا النظام نصَّ على أن «جميع المعتمرين القادمين من خارج المملكة يجب أن تتم عمرتهم عن طريق مؤسسات سعودية»، أي بالتعاون معها وعن طريقها.
أما بالنسبة للتطبيق المثير للجدل في مصر، فأوضح آل منسي أنه إذا كان مرتبطاً بمؤسسة سعودية يتعامل معها، فلا توجد مشكلة قانونية، ولا يعتبر مخالفة، لأنه بذلك يتم عن طريق رسمي، أما إذا كان على خلاف ذلك فهي مخالفة واضحة للنظام.
وأشار نايف آل منسي إلى أن من يقوم بخدمة المعتمرين دون الحصول على الترخيص اللازم من المؤسسات السعودية، يُعاقب بغرامة مالية لا تزيد على 100 ألف ريال، بموجب المادة السابعة فقرة 3.
- هل تطبيقات العمرة مجرّمة قانوناً؟
وعن الموقف القانوني من هذه القضية، قال المحامي المصري أيمن محفوظ لصحيفة «الخليج»، إن ما يعرف ب«العمرة الأونلاين أو الافتراضية» أو قيام شخص آخر بأداء المناسك مقابل أموال، كلها أمور لا تحقق النتيجة المرجوة التي يهدف إليها الدين من هذه الشعيرة المقدسة.
ويرى «محفوظ» أن هذه التطبيقات يكون هدفها النصب وجمع الأموال فقط، مشيراً إلى أنه يجوز رفع دعاوى قضائية في هذا الشأن، لأن هذا سلوك ضار ويندرج تحت اتهامات النصب والتحايل الإلكتروني في قانون الإنترنت الجديد. والعقوبة وفقاً للمادة 336 من قانون العقوبات المصري هي الحبس بحد أقصى 3 سنوات.
وشدد «محفوظ» على تصديه لأي سلوكيات مخالفة للقانون، مشيراً إلى أن هذا التطبيق خطير للغاية، لكن انعدام الوعي أكثر خطورة منه، مضيفاً: «قبل أن أتصدى للادعاء على القائمين عليه والمروجين له قانونياً، يجب أن نهمس في أذن من يتعاملون مع مثل هؤلاء (بأي عقل تدفع أموالاً ليقوم من لا تعرفه بأداء شعيرة دينية عنك أو عن غيرك؟)».
واختتم المحامي المصري حديثه، بأن الضحايا هم من يساعدون أولئك المحتالين على الانتشار، مطالباً من يريد أن يعتمر بالوعي الكافي قبل أن يقع ضحية للاحتيال.
