هل تُغيّر الهند اسمها؟

00:04 صباحا
قراءة دقيقتين

د. حسن مدن

ما أكثر ما تُغيّر البلدان أسماء بعض المدن فيها، وكذلك الشوارع، وفي الغالب الأعم فإن بواعث ذلك سياسية، تتصل بتغيير أنظمة الحكم في هذه البلدان، حين يجد نظام لاحق أن تسمية مدينة ما، أو شارع ما مرتبطة بهوى النظام السابق، أو البائد كما يقال عادة، الذي يجب أن تطوى صفحته وكل ما يُذكر به، لكن يحدث أيضاً أن تُغيّر البلدان أسماءها لأسباب مختلفة، بينها السياسة أيضاً، ومن البلدان التي فعلت ذلك، هولندا، حيث قررت الحكومة التخلي عن اسمها القديم، واعتماد اسم «Netherlands» في مسعى إلى تسويقها بصورة مختلفة عن الشائع عنها.

قبل ذلك بكثير، وبالضبط في عام 1935، غيّرت فارس اسمها إلى إيران، وطلبت حكومتها، يومها، من جميع الدول التي ترتبط بها بعلاقات دبلوماسية الإشارة إليها باسمها الجديد، وكانت سيريلانكا تعرف حتى عام 1972 باسم سيلان الذي أطلقه عليها البرتغاليون فترة استعمارهم لها، في القرن السادس عشر، ويقال إن معنى اسمها الجديد هو «الجزيرة المحظوظة»، فيما كانت إثيوبيا تعرف باسم الحبشة، نسبة إلى مؤسسيها المعروفين بالأحباش، حتى غيّر ملكها العاشر هيلاسلاسي اسمها.

تطول قائمة البلدان التي غيّرت أسماءها، وبينها زيمبابوي التي كان اسمها روديسيا حتى عام 1980، وباكستان الشرقية التي أصبح اسمها بنغلاديش، وكان اسم إندونيسيا الهند الشرقية الهولندية، وزائير أصبحت جمهورية الكونغو، وبورما أصبحت ميانمار، وأصبحت يوغسلافيا مجموعة دول، ليختفي الاسم، كما اختفى اسم الاتحاد السوفييتي بعد تفككه إلى مجموعة دول.

الجديد في الأمر هو توجه الهند إلى تغيير اسمها إلى «بهارات»، وهو اسمها القديم الذي عرفت به طويلاً، وكثيرون منّا يحسبون أن كلمة «بهارات» عربية، ولو عدنا إلى المعاجم العربية للاحظنا أن المفردة تحمل معاني أخرى، لولا أننا نجد استخداماً للفعل «بهّر» في جملة مفيدة كالأتية: «بهَّرَ الطَّعامَ: طيّبه بالبُهار والتوابل»، ما يحملنا على الظن، وليس كل الظن إثماً، أن المفردة دخلت إلى قاموسنا من تأثرنا بلغات الهند غير البعيدة عنّا في الخليج العربي، بسبب تجارة التوابل التي عرفتها المنطقة.

وتغيير مسمى الهند إلى «بهارات» التي توصف بأنها مفردة «سنسكريتية» موضوع سجال، وسط أنباء عن حسم منتظر للأمر في جلسات البرلمان في النصف الثاني من هذا الشهر، وفي حال استقرّ الرأي على هذا التغيير، فإن الأمر يتطلب تعديلاً دستورياً، لكن يقال إن حكومة رئيس الوزراء مودي، استبقت ذلك باستخدام التسمية الجديدة في دعوات العشاء المرسلة إلى ضيوف قمة مجموعة العشرين، في خطوة يريد بها الحزب الحاكم «إزالة ما يعتبرها أسماء تعود إلى الحقبة الاستعمارية».

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/yjrdjefm

عن الكاتب

كاتب من البحرين من مواليد 1956 عمل في دائرة الثقافية بالشارقة، وهيئة البحرين للثقافة والتراث الوطني. وشغل منصب مدير تحرير عدد من الدوريات الثقافية بينها "الرافد" و"البحرين الثقافية". وأصدر عدة مؤلفات منها: "ترميم الذاكرة" و"خارج السرب" و"الكتابة بحبر أسود".

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"