د. حسن مدن
تتناول الدكتورة تحية عبد الناصر في كتاب صدر لها مؤخراً، باللغة الإنجليزية، موضوع «السيرة الذاتية الأدبية والنضال القومي العربي»، والمؤلفة هي، بالمناسبة، حفيدة الرئيس جمال عبد الناصر، وتحمل اسم جدتها، وتعمل أستاذاً مساعداً للأدب الإنجليزي والمقارن بالجامعة الأمريكية في القاهرة، وسبق أن صدر لها كتاب «الأدب العربي وأدب أمريكا اللاتينية». وقد عرّفنا على كتابها الأحدث عن السيرة الذاتية، الدكتور ماهر شفيق فريد، في عرضٍ وافٍ نشر في جريدة الشرق الوسط منذ فترة قريبة.
في العرض المذكور وردت إشارة إلى وقوف المؤلفة، وهي تحلل نماذج من السيرة الذاتية الأدبية العربية، عند كتاب «الأيام» للدكتور طه حسين، بأجزائه الثلاثة، الذي ينظر إليه ليس فقط بصفته كتاباً رائداً في مجاله، وإنما هو أيضاً من أهم كتب السيرة الذاتية في الأدب العربي حتى اليوم، فضلاً عن استعراضها سيراً ذاتية أدبية أخرى لكتّاب آخرين، مثل لطيفة الزيات، إدوارد سعيد، آسيا جبار، صنع الله إبراهيم، محمود درويش، رضوى عاشور، عالية ممدوح، مريد البرغوثي وغيرهم، لكن ما استوقفنا في العرض إشارة الدكتور ماهر شفيق إلى أن ما أتت عليه تحية عبد الناصر من أن كتاب «الأيام» يتكامل مع كتابات سابقة عن طه حسين، منها الكتاب الرائد (1956) لبيير كاكيا عن الأستاذ العميد وموقعه من النهضة الأدبية المصرية، وكتاب سوزان طه حسين «معك» وكتاب «العمى والسيرة الذاتية» (1988) للباحثة فدوى ملطى – دوجلاس.
هذه الإشارة تحفز التفكير في العلاقة بين كل من السيرة الذاتية التي يكتبها الأديب عن نفسه وعن حياته، والسيرة الغيرية التي يكتبها قريبون منه أو باحثون في أدبه وحياته، فيرونه بعيونهم هم، ولو أخذنا «الأيام» لطه حسين مثالاً، لربما جاز لنا السؤال: هل يكمل كتاب زوجته سوزان حسين «معك» جوانب أخرى من حياة العميد لم يغطها هو في «الأيام»؟ نقول هذا دون أن يغيب عن الذهن أن «معك» هو أيضاً سيرة ذاتية لسوزان حسين، ولكن أنى لسوزان أن تكتب سيرتها الذاتية منفصلة عن سيرة طه حسين، هي التي عاشت الجزء الأكبر من حياتها معه، في بلده مصر التي أصرت على أن تدفن فيها، لا في وطنها الأم، فرنسا؟
وما نذكره عن «معك» ربما صحّ على كتب أخرى تناولت سيرة العميد، حتى لو اندرج بعضها في حقل الدراسات الأدبية، ويقودنا هذا إلى تكرار السؤال المعتاد: هل حقاً يقول كاتب سيرته الذاتية كل شيء عن شخصه وحياته، أم تسقط منها تفاصيل، أكان ذلك قصداً أو سهواً؟ هل ثمة سيرة ذاتية تبوح بكل شيء؟
