عادي

قمة العشرين.. نجاح القوة الناعمة الهندية

23:05 مساء
قراءة 4 دقائق
مودي يخاطب القمة

كتب - أحمد البشير:

أثبت رئيس الوزراء الهندي، ناريندرا مودي، أن بلاده في وضع تستطيع سد الفجوات في مجموعة العشرين بين الاقتصادات الكبرى وحل المشكلات العالمية، لكن الكثيرين كانوا متشككين قبل القمة في ظل الانقسامات الخطيرة داخل الكتلة بشأن تداعيات الحرب الروسية الأوكرانية، وتأثيرها في مسار القمة ونتائجها.

تمكّن مودي من تبديد تلك الشكوك، بإعلانه عن اتفاق نهائي، بالإجماع، قبل يوم واحد من انتهاء قمة مجموعة العشرين، يوم الأحد الماضي، والذي تضمن الاتفاق على لغة موحدة حول الحرب الأوروبية والذي وقعت عليه روسيا والصين.

وقال رئيس الوزراء البريطاني ريشي سوناك، إن المجموعة وافقت على رسالة «قوية للغاية»، فيما وصف المستشار الألماني أولاف شولتس، ذلك بأنه «نجاح للدبلوماسية الهندية»، مضيفاً أن «الكثيرين لم يعتقدوا أن ذلك سيكون ممكناً مسبقاً». وقال وزير الخارجية الهندي، سوبراهمانيام جيشانكار، إن الإعلان «يستجيب للوضع كما هو اليوم».

وكان للبيان صياغة أكثر ليونة من بيان مجموعة العشرين، في العام الماضي، وابتعد عن إدانة موسكو بشكل مباشر. وبدلاً من ذلك، استشهدت بميثاق الأمم المتحدة الذي ينص على أنه «يجب على جميع الدول الامتناع عن التهديد باستخدام القوة أو استخدامها سعياً للاستيلاء على الأراضي أو انتهاك سلامة الأراضي والسيادة أو الاستقلال السياسي لأي دولة».

ووافقت جميع الدول على هذا الإعلان، ما سمح للهند بالإعلان عن نجاحها الدبلوماسي.

نجاح لمن؟

ورأى بعض الخبراء أن الاتفاق انتصار لروسيا، فيما اعتبره آخرون إنجازاً للغرب. لكن معظمهم اتفقوا على أن ذلك كان انتصاراً للسياسة الخارجية لمودي، في الوقت الذي يسعى فيه لزيادة نفوذ الهند على المسرح العالمي.

وقال ديريك غروسمان، المحلل المتخصص في منطقة المحيطين الهندي والهادئ، في مؤسسة «راند»، إن بيان الهند يجسّد صوت الجنوب العالمي الناشئ. وهو بمثابة نجاح لنيودلهي، خاصة في سياق المنافسة الاستراتيجية مع بكين، ما يساعدها على أن تصبح زعيمة هذه الكتلة.

وفي القمة، أعلن مودي أيضاً أن المجموعة وافقت على إضافة الاتحاد الإفريقي كعضو دائم، وأحرزت تقدماً في القضايا الرئيسية الأخرى المهمة للدول النامية في الجنوب العالمي.

كيان عالمي جديد

وقال مايكل كوجلمان، مدير معهد جنوب آسيا التابع لمركز ويلسون، في إشارة إلى مجموعة الدول الصناعية السبع الكبرى: «إننا نشهد أخيراً تحوّل مجموعة العشرين إلى كيان عالمي حقيقي، والخروج من ظل مجموعة السبع».

وأضاف: «إنها (القمة) تظهر كدراسة حالة ناجحة للقوى الغربية، وغير الغربية، والجنوب العالمي التي تعمل معاً لتحقيق الأهداف المشتركة».

كما جاءت القمة في وقت تحاول فيه روسيا والصين التركيز بشكل أكبر على مجموعة «البريكس» ذات التفكير المماثل، والتي تتكون من البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب إفريقيا، والتي وافقت في قمتها، الشهر الماضي، على التوسع مع ستة أعضاء جدد.

وقد تغيّب الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، والزعيم الصيني شي جين بينغ، عن قمة مجموعة العشرين هذا العام. وقال وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، الذي حلّ مكان بوتين في القمة، للصحفيين إن «مجموعة العشرين تمر بأزمة» وشبّه «النجاح المطلق» للهند ب«الإصلاح الداخلي».

وقال لافروف: «لقد تجلى ذلك في التنشيط الكبير لأعضاء مجموعة العشرين من الجنوب العالمي مع الدور القيادي للهند، التي سعت بكل وضوح وإصرار إلى مراعاة مصالحها».

اتفاق البحر الأسود

وأضاف لافروف أيضاً أن «روسيا ستعود إلى اتفاق البحر الأسود الذي يسمح لأوكرانيا بتصدير الحبوب في حالة تلبية مطالبها». وانسحبت روسيا من الاتفاق في يوليو/ تموز بسبب عدم تلبية مطالبها المتمثلة في تنفيذ اتفاق يخفف القيود المفروضة على صادراتها من المواد الغذائية والأسمدة.

وقال مايكل شومان، وهو زميل بارز في مركز الصين العالمي التابع للمجلس الأطلسي، إن بكين تسعى إلى حشد الجنوب العالمي حول كتلة تتمحور حول الصين، وكان غياب شي عن الاجتماعات يعني أن مودي وآخرين كانوا قادرين على «الترويج لأفكارهم وأهدافهم الخاصة».

وأضاف أنه بفضل نهجه الدبلوماسي، برز مودي باعتباره «على الأرجح الفائز الأكبر في القمة»، وشخصاً أصبح لاعباً متزايد الأهمية في الشؤون الدولية.

وقال شومان: «لقد أظهر رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي، أنه قوة في العالم النامي أيضاً، ولديه رؤية مختلفة للعلاقة بين العالمين المتقدم والنامي والتي لا تتسم بالقدر نفسه من المواجهة».

قيادة قوية

وقال مسؤول كبير في الاتحاد الأوروبي، تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته لكي يتحدث بصراحة عن المحادثات، إنه كان من المهم عدم إنهاء القمة للمرة الأولى من دون الخروج ببيان نهائي.

وقال للصحفيين في نيودلهي «أعتقد أن قيادة الهند القوية حافظت على مجموعة العشرين وفتحت المجال أمام البرازيل في الرئاسة المقبلة للعمل على القضايا العالمية».

وقبل انعقاد القمة، قال مودي إن الدول النامية يجب أن يكون لها دور أكبر، مشيراً إلى أنها تتأثر بشكل غير متناسب بالعديد من الأزمات، بما في ذلك تغيّر المناخ ونقص الغذاء وارتفاع أسعار الطاقة. ويرى كثيرون أن الهند مهدت الطريق أمام البرازيل وجنوب إفريقيا، وكلاهما من الأعضاء المؤثرين في الجنوب العالمي، لمواصلة السير على نفس المسار نفسه تتولى فيه رئاسة مجموعة العشرين للعامين المقبلين.

وقال كوجلمان: «مع مواجهة العالم للعديد من التحديات التي لا حدود لها ونقص التعددية، فإن هذا النوع من التعاون العالمي الحقيقي هو حاجة الساعة».

كما أعلن قادة مجموعة العشرين أنهم سيدعمون الجهود المبذولة لزيادة القدرة العالمية للطاقة المتجددة 3 مرات بحلول عام 2030، متعهّدين بتسريع العمل لمكافحة تغيّر المناخ.

وجاء في بيان أن المجموعة ستتابع وتشجع الجهود الرامية إلى زيادة قدرة الطاقة المتجددة 3 مرات. وأضاف: «نحن نلتزم بتسريع التدابير لمواجهة الأزمات والتحديات البيئية بما فيها تغير المناخ».

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/msek27ac

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"