«بايدنوميكس» و1000 خطوة نحو الفشل

21:16 مساء
قراءة 4 دقائق

أندرو موران *

تبنّى الرئيس الأمريكي جو بايدن وإدارته نهج توماس إديسون في تقييم السياسة العامة، القائم على أن مسؤولي البيت الأبيض لم يفشلوا، بل اكتشفوا 1000 طريقة غير ناجحة. لكن على عكس إديسون، الذي قدم للبشرية واحداً من أعظم الاختراعات في التاريخ، لا يمكن لنهج «بايدنوميكس»، أو أجندة بايدن الاقتصادية، التباهي بأي نجاحات فعلية بعد ما يقرب من ثلاث سنوات في الحكم، إلا إذا اعتبرنا أن إنفاق المال وتضخم مستويات الدين العام يُعد انتصاراً.

ومع اقتراب الدورة الانتخابية لعام 2024، بدأ فريق إعادة الانتخاب حملاته التسويقية الداعمة لتلك الأجندة، التي يركز فيها بايدن على أهمية دعم الطبقة الوسطى عوضاً عن الشركات الكبرى وأصحاب رؤوس الأموال الضخمة، والتشديد على أهمية دفع هؤلاء مستحقاتهم الضريبية. لكن الشعب الأمريكي لم يعد قانعاً على ما يبدو بحديث الإدارة ولا واثقاً بوعودها.

في حديث سابق، قال الرئيس أمام حشد من الناس في شيكاغو «إن عبارة بايدنوميكس مرتبطة بالمستقبل، ومجرد طريقة أخرى للتشجيع على استعادة الحلم الأمريكي». لكن ردة فعل الكثير من الأمريكيين على خطاب بايدن كانت تبني نكتة جورج كارلين الشهيرة: «لهذا يسمونها الحلم الأمريكي، لأنك يجب أن تكون نائماً لتصدق ذلك».

وفي حديثه داخل مصنع في ولاية كارولينا الجنوبية، أشاد بايدن بإصلاحاته الاقتصادية، موجهاً سهامه إلى خصومه الجمهوريين، معتبراً أن هذا النشاط الاقتصادي تغذيه استثمارات غير مسبوقة من جانب الدولة وإجراءات تحفيز أقرتها رغم الانقسام داخل الكونغرس. وقال الرئيس الأمريكي: «الاستثمارات تنجح، والمصانع تُبنى، وفرص العمل تُستحدث في الأرياف الأمريكية وكافة أرجاء الولايات المتحدة».

ويرى فريق حملة بايدن الانتخابية أن بالإمكان استقطاب جزء من جمهور ترامب عبر الترويج لنجاحات الرئيس الديمقراطي، لا سميا على صعيد الصناعات التي يصب جزء كبير منها في مصلحة الطبقات الوسطى والشعبية. في المقابل، سخر السيناتور تيم سكوت ومرشح الولاية لتمثيل الحزب الجمهوري خلال الانتخابات الرئاسية المقبلة من خطاب بايدن، وكتب عبر منصة إكس «الزيارات الترويجية لن تخفي الأضرار اللاحقة باقتصادنا جراء بايدنوميكس».

في غضون ذلك، كشف مسح «سي إن بي سي» الاقتصادي لعموم أمريكا في يوليو أن تصنيف الموافقة الاقتصادية لبايدن بلغ 37% فقط، ارتفاعاً من 34% في إبريل/ نيسان. وأفاد استطلاع لرويترز/ إبسوس أن 42% من ناخبي الرئيس قالوا إن الاقتصاد كان «أسوأ» مما كان عليه في عام 2020. ووجدت دراسة حديثة أيضاً لشبكة «سي بي إس نيوز» أن 34% فقط يوافقون على طريقة تعاطي بايدن مع الاقتصاد. كما أظهر مسح حديث لشبكة «سي إن إن» أن نصف الأمريكيين يرون أن الاقتصاد في حالة ركود وتدهور.

وقال باتريك موراي، مدير معهد استطلاعات الرأي بجامعة مونماوث المستقلة: «كان الرئيس يروج لأجندته الاقتصادية، لكن الرأي العام لم يكترث حقاً، ولم يعد الأمريكيون يمنحونه الكثير من الثقة عندما يتعلق الأمر بالاقتصاد». وبالفعل برزت تصريحات سيئة للغاية من قبل الإدارة الأمريكية، لدرجة أنها تعرضت مراراً للتحقق من صحتها. من تأكيد البيت الأبيض الخاطئ أن التضخم يتراجع، إلى الإعلان المضلل بأن الاقتصاد خلق أكثر من 13 مليون وظيفة جديدة، وغيرها من البيانات الرسمية على صفحات الرئيس ونائبته عبر منصات التواصل، والتي كانت تسلط الضوء على المكاسب المفترضة التي حققتها «بايدنوميكس».

مؤخراً، روّج بايدن وهاريس لثلاثة تشريعات مهمة ضمن الوصفة الاقتصادية للنظام الأوسع وهي: قانون الحد من التضخم، وقانون الرقائق والعلوم، وقانون الاستثمار في البنية التحتية والوظائف. وعلى الرغم من التصريحات التي تفيد بأن هذه القوانين أدت إلى انخفاض التضخم، ودعم قطاع التصنيع في البلاد وأهداف «صنع في أمريكا»، إلا أن الواقع مختلف تماماً عما ينقله الديمقراطيون في واشنطن إلى الشعب الأمريكي، فالتضخم لا يزال جامحاً وأعلى كثيراً مما كان عليه عند وصول بايدن، والصناعات التحويلية في حالة ركود، ورؤية «أمريكا أولاً» مسروقة أدبياً على ما يبدو من أجندات «ترامبونوميكس»!

قد يفسر هذا سبب عدم تمكن الجمهور من الالتفاف حول أجندة بايدن الاقتصادية، لأنه بينما تدافع الإدارة عن اقتصاد «قوي محموم»، فإن الشعب الأمريكي على الأرض لديه رأي آخر، وقد خبِر ذلك بشكل أفضل. فالأمريكيون يرون أسعار البنزين تتجه نحو 4 دولارات للغالون مرة أخرى، وأسعار السوبر ماركت مستمرة في الارتفاع، ومثلها تكاليف الإسكان. في المقابل، تتآكل القوة الشرائية بسبب «بايدنفلايشن»، أي التضخم في عهد بايدن.

مع تبقي أقل من 14 شهراً على موعد الانتخابات المقبلة، لم يعد هناك متسع من الوقت أمام الإدارة الأمريكية لإضفاء طابع مؤسساتي على رؤيتها الكبيرة والجريئة لاقتصاد أمريكي نافع وصديق للبيئة. وإن لم يفز الرئيس الحالي بولاية ثانية، أو إن تراجعت أعداد الديمقراطيين في الكونغرس لأقل ما هي عليه اليوم فسيتجاهل الجمهوريون سريعاً الكثير من مبادرات بايدن الرئيسية.

* محرر الاقتصاد في «ليبرتي نايشن»

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/4dxb7m8j

عن الكاتب

محرر الاقتصاد في «ليبرتي نايشن»

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"