الحكومة الموحدة والانتخابات مطلبان عاجلان

01:07 صباحا
قراءة 3 دقائق

كمال بالهادي

عادت الخلافات بين الليبيين حول مسألة إجراء الانتخابات، بالرغم من الآثار الكارثية لإعصار «دانيال» الذي ضرب مدينة درنة. وبالرغم من وجود مطالب ملحّة بضرورة توحيد البلاد.

 خلال لقائه رئيس مجلس الدولة محمد تكالة، قال المبعوث الأممي عبدالله باتيلي إنّه يجب أن تتوصل مجموعة 6+6 لاتفاق من دون تأخير على القضايا الانتخابية الخلافية، وصياغة قوانين انتخابية قابلة للتنفيذ. وشدد على أنّ النواب والدولة يجب أن يستأنفا اتصالاتهما بهدف تسريع استكمال تلك القوانين، مضيفاً «توافقت آراؤنا على ضرورة أن تأخذ الأطراف السياسية في ليبيا العبرة من اللُّحمة التي أظهرها الليبيون من جميع أنحاء البلاد كي يضعوا خلافاتهم جانباً».

 وفي حديث المبعوث الأممي باتيلي فيه أكثر من رسالة، فالرجل مازال يتحدث عن خلافات وعن ضرورة تجاوزها والحرص على أن تستكمل اللجنة القانونية إعداد القوانين الانتخابية، وكأنّ الأمر مازال يتحمّل تأخيراً أو خلافات في البلد يمكن أن يعيش سيناريوهات أكثر كارثية مما حدث في درنة إذا ما تواصل اللعب بالبلاد سنوات أخرى. 

 والخلافات السياسية ليست وحدها هي التي تعطل التوجّه نحو انتخابات عامة يشارك فيها الجميع من دون إقصاء، فهناك خلافات مالية بين الطبقة السياسية الليبية وهذه الخلافات لم تعد تقتصر على ثنائية الشرق والغرب، بل وصلت إلى حد العاصمة طرابلس، فعبد الحميد الدبيبة يريد أن يستثمر كارثة درنة ليستفيد من الأموال المجمّدة في الخارج، ولكن رئيس المجلس الرئاسي محمد المنفي رفع الفيتو في وجهه عندما قال إنّ الأموال المجمّدة، لن يسمح بإنفاقها إلاّ بوجود حكومة منتخبة، وأكد بوضوح إنّ السلطات المنتخبة وفق دستور دائم هي من تملك التصرف في الأموال الليبية المجمدة. وإن الدعم الدولي في كل مراحله يحتاج إلى مؤسسة ليبية مختصة وموحدة تحظى بثقة المتضررين. 

 تأتي هذه التصريحات بعد أن كان الدبيبة استنجد بالبنك الدولي مطالباً إياه بالمساهمة في إعادة إعمار ليبيا، حتى تكون حكومته هي المتصرفة في الأموال التي سيتم رصدها. وهذا يشير إلى أن الدبيبة لا ينوي ترك السلطة قريباً حتى وإن توافقت الأطراف الليبية على تشكيل حكومة وحدة وطنية مهمتها الأولى والأخيرة تنظيم الانتخابات. وأمام هذا الموقف ردّ المرشح الرئاسي سليمان البيوضي قائلاً إن الدبيبة يحاول إقحام البنك الدولي في إعادة إعمار درنة، وأنه يريد رهن ليبيا بأموال البنك الدولي حتى يستمر في السلطة. وأشار إلى أن رئيس حكومة طرابلس، يعتقد أن دعوته قد تعطل مؤتمر الحكومة الليبية المدعوم من أهالي الضحايا بأن يكون مشروع إعادة الإعمار برقابة دولية ولكن بأموال وطنية ليبية.

 مسألة التشكيك في وحدة الشعب الليبي لم تعد تلك القشة التي يمكن أن تقصم ظهر هذا الشعب مجدداً كما استغلتها النخبة السياسية المتصارعة بين الشرق والغرب، وكارثة درنة أظهرت للجميع مدى وحدة هذا الشعب، ومدى تضامنه، الأمر الذي أحرج فعلياً هذه الطبقة السياسية التي ألزمها الصمت طوال أيام النكبة التي مازالت متواصلة، ولكن حب الهيمنة والنفوذ سارع بتجدد الخلافات حول موعد الانتخابات، والخطوة الأولى التي يجب على الليبيين أن يقوموا بها قبل الذهاب إلى انتخابات هي حسم معركة التقسيم من خلال التوصل إلى حكومة موحدة تنجز أعمالها من طرابلس العاصمة وعودة مجلس النواب أيضاً إلى طرابلس، ووضع كل الأجهزة الأمنية والعسكرية تحت إمرة وزارتي داخلية والدفاع، وتعيين وزيري داخلية ودفاع لقيادة معركة الاستقرار الأمني. وهذا لن يكون إلا بتوافق بين مجلسي النواب والاستشاري، وأي تأخير في هذا الأمر سيعني تورط الجميع في استدامة الوضع المزري لجميع الليبيين.

 ويبدو أنّ هناك مؤشرات إيجابية تأتي من العاصمة طرابلس نفسها، فعضو مجلس الدولة ناجي مختار، قال إنه سيتم تشكيل حكومة موحدة قريباً، وذلك بعد حصول توافق نهائي بين كتلتين كبيرتين في المجلس ومجلس النواب على تشكيلها، بتنسيق دولي، موضحاً أن هناك كتلة أكثر من 85 عضواً داخل مجلس الدولة تدعو لتشكيل حكومة موحدة في ليبيا، وتحتاج فقط إلى 65 صوتاً لتمرير أي مشروع قرار في المجلس. وإن هناك إجماعاً من كل أعضاء المجلس بأن تشكيل الحكومة الموحدة يجب أن يتم بإرادة ليبية وبموافقة دولية.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/y68u444n

عن الكاتب

كاتب صحفي وباحث في قسم الحضارة بجامعة تونس

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"