عادي
الخليج تفتح الملف من مدينة عالمية رسّخت ريادتها (الحلقة 1)

نماذج الذكاء الاصطناعي الواقعية توجّه أنظار العالم إلى دبي

22:57 مساء
قراءة 7 دقائق
دبي: حمدي سعد

وجهت تصريحات سمو الشيخ حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم، ولي عهد دبي رئيس المجلس التنفيذي رئيس مجلس أمناء مؤسّسة دبي للمستقبل في شهر يوليو/ تموز الماضي، الأنظار مجدداً إلى دبي عبر تغريدة لسموه على «X»، قال فيها «أنه ربما من الصدفة أن يكون اختصار الذكاء الاصطناعي (AI) جزءاً من اسم دبي (DUBAI) باللغة الإنجليزية»، ليشدد سموه على أن «الأكيد أن رؤية دبي للمستقبل هي ما تجعل منها أفضل مدن العالم جاهزية للمستقبل وأكثرها إيماناً بفرصه».

أصبحت دبي من أسرع وأفضل مدن العالم تفاعلاً مع التقنيات الجديدة وأكثرها حرصاً على تبني تطبيقاتها الحديثة في مختلف القطاعات الاقتصادية والحكومية. ويشير سمو ولي عهد دبي إلى أن «الحكومات ستكون أمام تغييرات جذرية في كافة مناحي الحياة بفضل هذه التحولات التكنولوجية التي تأتي في طليعتها تطبيقات الذكاء الاصطناعي»، مؤكداً سموه أن «سرعة هذه التحولات تفرض تحديات كثيرة وتتطلب فهماً عميقاً ونهجاً استشرافياً لما سيكون عليه المستقبل وكيف يمكن تحويل هذه التحديات إلى فرص جديدة».

  • مواكبة الثورة الصناعية الرابع

قيادة دولة الإمارات في سباق للتحول إلى الاقتصاد المعرفي، عبر دمج قطاع الاتصالات وتقنية المعلومات ومواكبة الثورة الصناعية الرابعة والذكاء الاصطناعي لتشكيل ملامح المستقبل لترسيخ مكتسبات الدولة ولصالح الأجيال القادمة من أبناء الوطن.

وتأتي الاستعانة بالذكاء الاصطناعي في سياق النهوض بالقطاعات الحكومية في جميع المجالات والخدمات في القطاعات كافة، وضمن استكشاف الفرص الاستثمارية فضلاً عن توظيف الحلول التقنية التي تسمو بجودة الحياة. وتعمل الجهات الحكومية في دبي على تصميم وتنفيذ تجارب استخدام فعلية للذكاء الاصطناعي في العديد من المؤسسات والدوائر لصنع مستقبل أفضل، الأمر الذي يصب في تعزيز التنافسية ونمو الأعمال.

وتواصل دبي مواكبة التغيرات السريعة الطارئة على طبيعة قطاعات الأعمال وبخطى واثقة تنبِّئُنا بالمستقبل عبر الاستعانة بطاقات الذكاء الاصطناعي المهولة وقدراته التنموية مع الثورة الصناعية الرابعة وبهدف تعزيز مكانة دولة الإمارات كمركز عالمي للثورة الصناعية الرابعة، والمساهمة في تحقيق اقتصاد وطني تنافسي قائم على المعرفة والابتكار.

  • «ملتقى دبي للذكاء الاصطناعي»

يستضيف «ملتقى دبي للذكاء الاصطناعي» الذي تنطلق فعالياته يوم الأربعاء المقبل، برعاية سمو الشيخ حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم ولي عهد دبي رئيس المجلس التنفيذي رئيس مجلس أمناء مؤسسة دبي للمستقبل، وبمشاركة أكثر من 70 متحدثاً رئيسياً من كبرى الشركات التكنولوجية والمؤسسات الدولية لاستعراض أبرز الفرص المستقبلية لتطبيقات الذكاء الاصطناعي واستشراف تأثيراتها على مختلف القطاعات الرئيسية.

وستركز جلسات وفعاليات الملتقى الذي تنظمه مؤسسة دبي للمستقبل على مدار يومين في «متحف المستقبل» و«منطقة 2071»، على 5 محاور رئيسية تشمل استعراض مفاهيم وتطبيقات الذكاء الاصطناعي التوليدي، والتعريف بأهم القطاعات والمجالات الأكثر تأثراً بالذكاء الاصطناعي التوليدي، ودور الحكومات والهيئات التشريعية، والعلاقة بين الذكاء الاصطناعي التوليدي والتقنيات الناشئة الأخرى، وأبرز المزايا التنافسية لشركات التقنيات الكبرى والشركات الناشئة.

ويهدف «ملتقى دبي للذكاء الاصطناعي» بشكل رئيسي إلى تسليط الضوء على أهمية تبنّي أدوات الذكاء الاصطناعي التوليدي في القطاعين الحكومي والخاص لتطوير نماذج أعمال جديدة وخلق قيمة إضافية تدعم خطط النمو المستقبلي من خلال دراسة كيفية تأثير التكنولوجيا الناشئة على عالمنا ومناقشة إمكاناتها الواسعة.

  • سوق الذكاء الاصطناعي التوليدي

يأتي «ملتقى دبي للذكاء الاصطناعي» عقب إطلاق «مركز دبي لاستخدامات الذكاء الاصطناعي» بهدف دعم الجهات الحكومية بإمارة دبي في توظيف أدوات الذكاء الاصطناعي التوليدي لتطوير أداء العمل الحكومي وتقديم أفضل الخدمات الحكومية بالاعتماد على التقنيات المستقبلية القائمة على الذكاء الاصطناعي التوليدي والذي من المتوقع أن تنمو قيمته العالمية من 10 مليارات دولار في العام 2022 إلى 110.8 مليار دولار بحلول 2030، وبمعدل نمو سنوي يبلغ 34.3%.

يعتبر الذكاء الاصطناعي التوليدي من أهم القطاعات التكنولوجية هذا العام وفقاً لمختلف المؤسسات الدولية والشركات العالمية مثل «المنتدى الاقتصادي العالمي» و«غارتنر» و«فوربس» و«لينكدإن». وقد خصصت كبرى شركات التكنولوجيا في العالم مثل «ميتا» و«أمازون» و«مايكروسوفت» و«آي بي إم» استثمارات ضخمة في هذا القطاع.

وكانت مؤسسة دبي للمستقبل قد نظمت العام الماضي «ملتقى دبي للميتافيرس» الذي استضاف أكثر من 600 خبير ومتخصص في قطاعات التكنولوجيا من 50 دولة حول العالم، شاركوا في أكثر من 25 ورشة عمل وجلسة حوارية استضافت أكثر من 30 متحدثاً و40 مؤسسة محلية ودولية وشركة تكنولوجية.


«ديوا».. تطوير خدمات ذكية ومختبر للتقنيات

أنجزت هيئة كهرباء ومياه دبي «ديوا» العديد من المشاريع والبرامج التي تعتمد على تقنيات الذكاء الاصطناعي، ما أسهم في التشغيل السلس والسريع والفعال للشبكة، وتحقيق نتائج تنافسية تتجاوز مستوى الشركات الأوروبية والأمريكية في الكفاءة والاعتمادية، وتالياً بعض التطبيقات الفعلية في «الهيئة».

دشنت الهيئة مختبراً للتقنيات الإحلالية، يوفر بيئة محفزة للمهندسين والمبتكرين في الهيئة، لتطوير واختبار التقنيات للثورة الصناعية الرابعة، وآخر يستخدم منهجيات تصميم الأفكار، للمساعدة على تحديد متطلبات العمل وتحدياته والخروج بحلول مبتكرة.

  • «أفاتار» للتواصل

وأدرجت الهيئة تقنية الصورة الرمزية التفاعلية ثلاثية الأبعاد «أفاتار» المتطورة، لتسهيل التعاون بين الموظفين، عبر إتاحة المجال أمامهم للتفاعل المرن والتواصل الميسّر ثلاثي الأبعاد أثناء الاجتماعات، عبر تقنية الفيديو؛ حيث يمكنهم اختيار «الأفاتار» ليمثلهم خلال هذه الاجتماعات.

وعملت الهيئة، مطلع العام الجاري، على إثراء خدماتها بتقنية «تشات جي بي تي»؛ للاستفادة منها في مختلف خدماتها الداخلية والخارجية، لتصبح أول مؤسسة خدماتية على مستوى العالم، وأول مؤسسة حكومية في دولة الإمارات التي تستخدم هذه التقنية الحديثة.

وبعد إطلاقها في شهر فبراير/ شباط، وفي إطار استراتیجیتھا لتوظیف تقنیات الذكاء الاصطناعي في جمیع عملیاتھا وخدماتھا، أعلنت الھیئة بدء الاستخدام التجريبي للتقنیة في إبریل/نيسان على موقعها الإلكتروني، عبر موظفھا الافتراضي «رمّاس» لتحسين تجربة المتعاملين.

وكشفت الهيئة عن أن تقنية «الكرة الذكية» التي تستخدمها، حققت نتائج مهمة في الكشف عن التسريبات غير المرئية في خطوط نقل المياه المدفونة في باطن الأرض، والتي يصعب عادةً اكتشافها باستخدام التقنيات التقليدية، منذ إطلاقها في إبريل/نيسان 2021 وحتى نهاية 2022، أسهمت تقنية «الكرة الذكية» في الكشف عن 43 تسريباً في شبكة نقل المياه في دبي، ما منع هدر 130 مليون جالون من المياه، ووفورات مالية تصل إلى 5.2 مليون درهم.

وبعد استخراج الكرة، يتولى برنامج خاص معالجة المعلومات، باستخدام خوارزميات رياضية، توضح الموقع الدقيق للتسريبات أو جيوب الغاز أو حالات الخلل خلال مرور الكرة داخل الأنابيب، وتسير الكرة داخل الأنابيب بسرعة تصل إلى أكثر من 3 كم في الساعة، أي أنها يمكنها فحص أكثر من 35 كم يومياً، دون التأثير على تدفق المياه.

  • جهاز تحديد المواقع

وسجل المركز براءة اختراعه الثامنة عن جهاز لتحديد المواقع ومسح المناطق الجغرافية، بالاعتماد على بيانات يجمعها باستخدام حساسات متطورة، ويعمل على معالجتها بتقنية المعالجة الحركية في الوقت الحقيقي، ويعمل الجهاز إلى جانب نظام ذكي طوره المركز لقراءة الإحداثيات، خلال ثوانٍ باستخدام تطبيق ذكي، على تعزيز دقة تحديد موقع الكابلات الأرضية، وتوفير الوقت والجهد والتكلفة، إلى جانب تقليل الأيدي العاملة والمحافظة على الأصول.

  • نظام توزيع المياه الذكي

يؤدي تطبيق الهيئة ل«نظام إدارة توزيع المياه الذكي» دوراً مهماً في تحسين كفاءة العمليات التشغيلية الميدانية الخاصة بمراقبة شبكة توزيع المياه في دبي، والتحكم بها عن بعد على مدار الساعة، ما يرسخ تميز الهيئة؛ حيث إن نسبة الفاقد في شبكة المياه التابعة للهيئة تعدّ من أدنى النسب في العالم.


نموذج للخدمات اللوجستية بعقلية الذكاء الاصطناعي

تسعى دبي إلى تعزيز مكانتها وجهة عالمية رائدة في مجال الذكاء الاصطناعي، من خلال التركيز على العديد من القطاعات الحيوية، وتحرص الجهات الحكومة في دبي على توظيف تقنيات الذكاء الاصطناعي لإحداث طفرة تطويرية في أساليب تقديم الخدمات الحكومية، لتحقيق رؤية القيادة بترسيخ دبي أفضل مكان للعيش والعمل، والتسهيل على المستثمرين وقطاعات الأعمال.

وتعمل «جمارك دبي»، بصفة مستمرة على تطوير البرامج وأتمتة الإجراءات الجمركية وتسخير كافة التقنيات المتطورة، لتسهيل العمليات التجارية وزيادة العائد على المردود منها، كما تبنت «جمارك دبي» سياسة استدامة الاستثمار في التقنية والتي حظيت بإشادة واسعة من منظمة الجمارك العالمية، وصندوق النقد الدولي الذي وصف الدائرة بأنها متقدمة عالمياً في اتجاه تطبيق التقنيات الحديثة والرقمنة في تشغيل عملياتها.

ونجحت برامج الدائرة وأنظمتها المتطورة، في إنجاز 14 مليون معاملة جمركية في 6 أشهر، ومع تبني التقنيات الحديثة في العمل الجمركي؛ أطلقت الدائرة منصة التجارة الإلكترونية عبر الحدود بالاعتماد على تقنية البلوك تشين، وهو مشروع لجعل دبي منصة عالمية في التجارة الإلكترونية وجذب الاستثمارات الأجنبية في القطاع وتأسيس مقار لشركات التجارة الإلكترونية في دبي وشركات القطاعات اللوجستية المرتبطة بها.

كذلك، أدخلت «جمارك دبي» تحسينات متطورة بتفعيل خاصية الذكاء الاصطناعي لتطبيق «الإفصاح الذكي» للقادمين، والذي يتيح لهم الإفصاح المبكر قبل القدوم للدولة عبر مطارات دبي عن (البضائع، الأمتعة الشخصية والهدايا، العملات المعدنية، والمبالغ النقدية) الواردة بصحبة المسافر، حيث شملت المرحلة الثانية من التطوير؛ تمكين التطبيق من التعرف إلى السلع المراد الإفصاح عنها بمجرد تصويرها وتحديد الرسوم الجمركية المستحقة عليها، وتفعيل الماسح الضوئي لقراءة وتخزين معلومات السفر دون الحاجة إلى تعبئتها، والاطلاع على خدمات مبنى «مطار دبي الدولي» بتحديد مواقع المطاعم، والسوق الحرة، وبوابات الخروج ومناطق وجود موظفي «جمارك دبي».

  • «دي بي ورلد»

وفي السياق، قال د. محمد رحمة، نائب الرئيس لأنظمة الموانئ والمحطات في «موانئ دبي العالمية - دي بي ورلد»: ساهم تطبيق «موانئ دبي العالمية - دي بي ورلد» المدعوم بالذكاء الاصطناعي في إحداث ثورة في العمليات اللوجستية الشاملة، وأتاح الاستجابة بكفاءة وانسيابية لدعم سلاسل التوريد الرقمية المرنة. وفي هذا الإطار، يعمل نظام «كارجوز»، كمجموعة تطبيقات مدعومة بالذكاء الاصطناعي، على أتمتة جميع عمليات المحطات، بما يُمكّن موظفينا من التركيز على الشحنات الأكثر تخصصاً، واختبار الإجراءات الجديدة، وتدريب الموظفين بدون التأثير في تدفق التجارة العالمية. ومن الأمثلة على ذلك، تطبيق CARGOES Rostering الذي يتيح مراقبة مسارات وأنواع العمليات التي نقوم بها، وإنشاء خوارزمية لإدارة كل هذه المتغيرات بما يتوافق مع الأنظمة المتبعة.

كما يعمل نظام التشغيل «كارجوز CARGOES TOS+»، على إنشاء توأم رقمي للمنطقة الحرة بجبل علي (جافزا)، الأمر الذي يوفر رؤية شاملة ومباشرة لكل عناصر التشغيل في عملياتنا الأساسية، مثل فتح البوابات وتنبيهنا إلى المعدات التي تحتاج إلى الصيانة. ومن ناحية أخرى، يعدّ الذكاء الاصطناعي أداة حيوية لرقمنة تمويل التجارة، وتسهيل وصول الشركات الصغيرة والمتوسطة إلى التمويل وتنويع قاعدة عملاء «موانئ دبي العالمية». وبذلك تساعدنا الابتكارات القائمة على الذكاء، على تشكيل منظومة عمل منسجمة أكثر ذكاء ومرونة وقدرة، تعود بالفائدة على عملائنا والمجتمعات التي نعمل فيها.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/mtc3nbyw

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"