عادي
حميد الشامسي رئيس جمعية الإمارات للأورام لـ الخليج:

5 شائعات تُهدد حياة مرضى السرطان وملاذها «التواصل الاجتماعي»

01:43 صباحا
قراءة 6 دقائق
بروفيسور حميد بن حرمل الشامسي
علاجات متطورة تقدمها الدولة للمرضى المصابين بالأورام السرطانية

حوار: عدنان عكاشة
حذر البروفيسور حميد بن حرمل الشامسي، رئيس جمعية الإمارات للأورام، مقرر الجمعية الخليجية للأورام، أستاذ تخصص الأورام بجامعة الخليج الطبية، في حوار مع «الخليج»، من 5 شائعات تدور حول الأمراض السرطانية، تجد مُتنفساً لها ورواجاً في وسائل التواصل الاجتماعي.

(الخليج) رصدت الشائعات، التي تتمحور حول علاج «السرطان»، وواجهت بها البروفيسور الشامسي، أحد أبرز الناشطين في مُحاربة تلك الشائعات في «السوشيال ميديا». وتالياً نص الحوار...

كيف ترُد على من يُروجون لمقولة إن «العلاج الكيماوي» يقود المريض إلى موتٍ محتوم، وهي الشائعة الأولى، وربما الأكثر انتشاراً؟

- معظم مرضى السرطان يموتون صحيح، لكن ذلك يحدث في حال كانوا في المرحلة الرابعة، حيث يكون الورم انتشر في الجسد، والمريض سيموت بغض النظر، سواء أخذ العلاج الكيماوي أم لا، لكن هذا العلاج، بإذن الله، عز وجل، يُطيل عُمر المريض، وسبب الوفاة هو استفحال المرض السرطاني. في حين أن بعض الناس لديهم انطباع بأن المريض أخذ «الكيماوي» ثم مات، وهم لا يعلمون الحقيقة، حيث أسهم هذا العلاج في إبقائه على قيد الحياة، بإضافة سنة أو سنتين أو ثلاث إلى عُمره، بإرادة الله، وهم فارقوا الحياة بسبب استفحال المرض، لا أكثر.

وفي هذا السياق، أجرينا دراسة متخصصة، باللغة الإنجليزية، عن المعلومات المغلوطة والشائعات، التي تدور حول «السرطان» في وسائل التواصل الاجتماعي.

ثقافة وتكتُّم

ما مدى خُطورة الشائعات المُتداولة حول العلاج الكيماوي و«السرطان»، وما هي بواعثُها؟

- السرطان أحد أكثر الأمراض التي تدور حولها الشائعات، ومن هنا أهمية هذه الرؤية وهذا الحوار، وهي شائعات تعود إلى ضعف ثقافة مجتمعاتنا في الأمراض السرطانية، بجانب التكتم الشديد من قبل المصابين وأسرهم حول حقيقة الإصابة، أضف إلى ذلك أن معظم الحالات التي يجري تداولها، ل«وفيات السرطان»، من دون تداول قصص النجاح المُستحق لتعافي المرضى الذين يتمكن الأطباء والمنشآت الصحية الوطنية من علاجهم من الأورام السرطانية ويتم شفاؤهم.

الشائعات المشبوهة واقع، وهي من أخطر التحديات التي تواجهنا كمُختصين في حقل علاج السرطان والأورام، لأن كثيراً من تلك الشائعات يُؤدي إلى تردد بعض المرضى في تلقي العلاج من «الورم»، سواءً الكيماوي أو غيره، ويُشجعهم على عدم تلقي الإجراءات الطبية السليمة، ما يؤدي إلى تأخير في تشخيص المرضى المصابين وعلاجهم.

حقيقة مُغيبة

ما هي رُدودُكم على «الشائعة» الأولى، التي تستهدف «العلاج الكيماوي»، علمياً وطبياً؟

- هذه الشائعة تستهدف وتُشكك في العلاج الكيماوي وتُحذر منه، على أساس أنه مادة حارة تحرق الجسم، وهذا غير صحيح، بل إن كثيراً من العلاجات الكيماوية وغير الكيماوية هي عبارة عن أدوية مُستخلصة من النباتات، وهي معلومة يجهلها كثير من الناس.

ملايين المرضى

ويعتقد الكثيرون أيضاً أن مريض السرطان الذي يخضع للعلاج الكيماوي، ستكون نهايته المحتومة الموت، بسبب هذا العلاج، وهي معلومة ليست صحيحة، فهناك ملايين المرضى، الذين عانوا السرطان حول العالم، وعولجوا ب«الكيماوي» بنجاح كبير جداً، لكن مرةً أخرى، يجري تداول وترويج قصص وفيات مرضى السرطان، دون تداول قصص نجاح العلاج والشفاء.

علاجات ذكية

مُشكلة أخرى مُرتبطة بعلاج الأورام السرطانية، وهي أن معظم الناس لا يعلمون أن هناك علاجات كثيرة ليست «كيماوية»، وهي العلاجات الذكية والمُوجهة والمناعية، ويخلطون بين الصنفين من العلاج، الكيماوي وغيره، ويعتقدون أن أي علاج عن طريق «الوريد» هو علاج كيماوي، ولكن الواقع العلمي يُؤكد أن هناك أدوية حديثة كثيرة جداً، تُستخدم مع أو دون العلاج «الكيماوي»، فيما يستمر الخلط بين المرضى وأسرهم، ما يقود إلى التردد في تلقي العلاج المناسب، اعتقاداً منهم أن المريض سيأخذ العلاج الكيماوي فقط.

مرة أخرى ليس هناك أي خطأ في أخذ العلاج الكيماوي، لكن تلك الاعتقادات السائدة تُفضي إلى التردد في تلقي العلاج السليم، طبياً وعلمياً.

الصورة

تأخير العلاج

أحد أكبر التحديات التي نواجهها في حقل علاج الأورام السرطانية، هو تدخل أفراد المجتمع، من غير المتخصصين، في الخطط العلاجية لمرضى السرطان، مثلاً: يطلب الأطباء من مريض أو يقترحون عليه أخذ «خُزعة» من كتلة في الثدي أو الغدة الدرقية، حتى يجري التشخيص والتأكد من عدم جود ورم سرطاني، فيبادر أفراد غير مُختصين، من عائلة المريض أو من المجتمع، إلى نصيحته بعدم القبول بأخذ «الخُزعة» منه، ويُحذرونه من هذا الإجراء الطبي، اعتقاداً منهم وإيمانًا ب(الشائعة الثانية)، المُتداولة على نطاق واسع، وهي أن أخذ «الخُزعة» يُسبب انتشار «السرطان»، وللأسف فإن الكثير من مرضى السرطان وحالات الاشتباه في الورم يترددون أو يمتنعون عن القبول بأخذ «الخُزعة» منهم، بسبب تلك «الشائعة» التي تؤدي إلى تأخير كبير جداً في تشخيص المرضى، وفي الخطط العلاجية.

ماذا عن «الشائعات الغذائية» في إطار علاج السرطان؟

- من سلسلة الشائعات التي تدور بين أفراد المُجتمع حول «السرطان» وعلاجاته، الشائعة الثالثة، وهي من أخطرها، والتي تضر أيضاً صحة المرضى بشكل كبير جداً، وهي تحض مريض السرطان على الامتناع عن تناول السكر واللحم والدواجن والأسماك والبروتين والحليب والخبز، وكل هذه أغذية مُهمة وأساسية في التغذية الصحية، ما يُؤدي إلى صيام المريض عن الأكل المُهم له ك«مريض سرطان»، الأمر الذي يُصيبه بضعف البنية، وصولاً إلى عدم القُدرة على تحمُّل العلاج، سواءً كان جراحياً أو إشعاعياً أو كيماوياً أو مناعياً.

العلاج في الخارج

هل بعضهم يُشجع المرضى على العلاج في الخارج، ويُنفرهم من العلاج داخل الإمارات؟

- هذه هي الشائعة الرابعة حول علاج «السرطان»، وهي من الإشكاليات والعقبات، التي تعترض عملنا وتُعيق دورنا كأطباء مُتخصصين ومُعالجين ل«السرطان»، وتدعو بعض المرضى إلى الامتناع عن تلقي العلاج داخل الدولة، اعتقاداً منهم أو بناء على نصيحة من الأهل أو الأصدقاء، بالانتظار ومحاولة السفر إلى الخارج، لتلقي «خطة علاجية» أفضل وخدمات صحية أكثر تطوراً، لتعزيز فرص تعافيهم من «السرطان»، وبالطبع هذا خطأ كبير جداً، لأن الدولة شيدت أحدث المُستشفيات، ووفرت أفضل الخبرات الطبية، والتكنولوجيا المُتطورة والأدوية الحديثة المُتخصصة في علاج «السرطان».

ولا بد أن نحذر، فقد مرت علينا حالات كثيرة سافرت من الإمارات إلى دول أخرى، بغرض تلقي العلاج من الداء الخبيث في الخارج، حيث جرى علاجهم ب«بروتوكولات قديمة»، بسبب عدم توفر العلاجات الحديثة في تلك الدول، والمتوفرة في الإمارات بكل اعتزاز وثقة.

في انتظار «الوهم»

ومرت علينا حالات أُخرى لمرضى سرطان امتنعوا عن بعض العلاجات، ما أدى إلى تدهور صحتهم ووفاتهم، بسبب انتظارهم لتقييم حالاتهم في مستشفيات ومراكز طبية خارج الدولة، علماً أن التأخير ليس من مصلحة المريض، حيث يؤدي إلى انتشار «الورم» ومن ثم الوفاة، وفي بعض الحالات الموت خلال أيام قليلة، في حال عدم بدء العلاج المُناسب.

الطب البديل أم الحديث

ما هي «الشائعة الخامسة»؟

- من أكثر الشائعات رواجاً وخُطورةً، وهي المُتعلقة بالإحجام عن العلاج من «السرطان» بواسطة الطب الحديث، والتوجه إلى العلاجات البديلة، أو ما يُعرف ب«الطب البديل» القائم على الأعشاب، وقد شهدت شخصياً على حالات مرضية عديدة امتنعت عن العلاج الحديث، واختارت الطب أو العلاج البديل و«الأعشاب»، وهو ما أدى إلى تدهورها وتطور المرض.

قصص مؤلمة

هل من نماذج أخرى عايشتها، تضررت أو فقدت حياتها، نتيجة الإصغاء لنصائح العامة وغير المُتخصصين؟

- نعم، توفي مريض بالسرطان رفض العلاج الجراحي والكيماوي، وأصغى إلى نصيحة أصدقائه باستخدام «الأعشاب»، توفي بعد أقل من سنة على تشخيصه، رغم أنه كان مُصاباً بسرطان من النوع الذي يمكن علاجه بنسبة نجاح عالية، 90-95%، توفي وترك أطفالاً أيتاماً خلفه. هل سيتكفل أصدقاؤه بأطفاله الآن..!! المعلومات الطبية الخاطئة، على ألسنة غير المُتخصصين، لها آثار مدمرة.

وإحدى الحالات، التي اطلعت عليها، امتنعت تماماً عن العلاج الكيماوي والعلاجات الحديثة والجراحية، ما انتهى إلى مُفارقة المريض للحياة، على الرغم من أن المرض كان في بدايته، وكان من المُحتمل علاجه بشكل كامل وسليم.

رفض «الخُزعة»

كما رفضت حالات أخرى أخذ «الخُزعة» منها، ومع مرور الوقت، أدى ذلك إلى انتشار وزيادة حجم الورم السرطاني، ما يُفقد الأطباء القدرة على السيطرة على المرض، بعد تفشيه في جسم المريض.

تخريج الناجحين في قهر السرطان

قال البروفيسور حميد بن حرمل الشامسي، رئيس جمعية الإمارات للأورام: نبذل جهوداً كبيرة ودؤوبة في توعية الناس ومحاربة الشائعات حول «علاج السرطان»، وفي هذا الاتجاه نظمنا، في يونيو الماضي، أول «حفل تخريج» في العالم، على نمط «جامعي»، ل50 متعافياً من المرض الخبيث، لتعزيز الوعي بأهمية العلاج الكيماوي من السرطان، وتسليط الضوء على دوره ونجاحه في علاج كثير من المرضى.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/tct6chjp

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"