إسرائيل والثالوث الديمقراطي الأمريكي

01:04 صباحا
قراءة دقيقتين

د. ناجي صادق شراب

إسرائيل هي الثابت الوحيد في السياسة الأمريكية منذ 1948، فالقاسم المشترك بين الحزبين الجمهوري والديمقراطي هو الالتزام بأمنها وتفوقها. ومع كل انتخابات على المستويين الرئاسي والتشريعي يتجدد هذا الالتزام، كما نرى اليوم في الحرب على غزة. ويتسابق المرشحون في الذهاب بعيداً بالتعبير عن الالتزام بالمال والسلاح. يمكن القول إن الالتزام بأمن إسرائيل يعتبر قضية داخلية أمريكية، وذلك نتيجة الدور الذي يلعبه الإنجليكانيون الذين يزيد عددهم على ستين مليوناً، ويؤمنون بأن عودة المسيح المنتظرة مرتبطة بعودة اليهود إلى فلسطين.

والمفارقة هنا في السياسة الأمريكية، أن علاقات الولايات المتحدة مع الدول العربية والقضية الفلسطينية مرهونة بالموقف من إسرائيل. لقد مرت إسرائيل بمراحل أساسية، ومع كل مرحلة يبرز لنا الدور الذي يلعبه الرؤساء الأمريكيون. أولاً مرحلة التأسيس، ثم مرحلة النشأة، وبعدها مرحلة التثبيت، ثم مرحلة التمكين والتمدد، وأخيراً مرحلة الاعتراف.

أهمية مرحلة حكم الرئيس وودرو ويلسون والذي حكم من 4 مارس/آذار 1913 إلى 4 مارس/آذار 1921، تزامن مع مرحلة التأسيس، والتي تمثلت بوعد بلفور. وما كان لهذا الوعد أن يصدر لولا دعم وتأييد الرئيس ويلسون. وكما أشار المؤرخ الإسرائيلي كوبي برادا إلى أن الحكومتين البريطانية والأمريكية لم تكونا متحمستين لصدور الوعد باستثناء وزير الخارجية البريطانية بلفور من الجانب البريطاني، والقاضي الأمريكي لويس برانديس الذي كان على اتصال بحاييم وايزمان.

أما الرئيس الثاني الذي أعلن اعترافه بإسرائيل بعد 11 دقيقة من إعلانها فكان هاري ترومان، وذلك رغم معارضة مستشاريه. هذا الموقف هو الحاكم لسلوك كل رؤساء الولايات المتحدة، وصولاً للرئيس الحالي بايدن، والثلاثة ينتمون للحزب الديمقراطي. لكن بايدن هو الأكثر تأييداً ودعماً لإسرائيل.

وكما يقول الباحث الإسرائيلي شموئيل روزنران، إن القضيتين الرئيسيتين اللتين تحكمان العلاقة بين الولايات المتحدة وإسرائيل هما، أولاً الالتزام بأمن إسرائيل، وثانياً ضمان تفوقها على كل محيطها. ويقول شموئيل إن الرئيس بايدن عبر عن مواقفه هذه في الكثير من المناسبات، ويروي ما قالته غولدا مائير إلى بايدن عندما كان سيناتوراً من أنه «ليس لنا مكان آخر نذهب إليه»، فرد عليها، «اسمي جون بايدن والجميع يعرف أنني أحب إسرائيل». ووصف بايدن اللقاء بأنه «من أكثر اللقاءات التي لا تُنسى في حياته». وخلال توليه منصب نائب الرئيس باراك أوباما، دعم تزويد إسرائيل في عام 2016 بمليارات الدولارات. والعلاقة بين بايدن وإسرائيل، كما تقول صحيفة «هآرتس»، طويلة ومعقدة. وكانت زيارته لإسرائيل بعد حربها على غزة، وموقفه الداعم لها في حربها، وتبنيه لوجهة نظر إسرائيل، ورفضه وقف إطلاق النار، وتقديم مساعدة بأكثر من 14 مليار دولار، والفيتو الأمريكي في مجلس الأمن، ضد كل مشاريع القرارات المطالبة بوقف القتال.. كلها مواقف تلخص كل التاريخ السياسي لبايدن في دعمه إسرائيل. وبالمقابل تبقى كل الوعود بحل الدولتين مجرد وهم سياسي إذا ظلت الولايات المتحدة هي «الوسيط» في التسوية.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/f4w73jy7

عن الكاتب

أكاديمى وباحث فلسطيني في العلوم السياسية متحصل على الدكتوراه من جامعة القاهرة كلية الاقتصاد والعلوم السياسية، ومتخصص في الشأن السياسى الفلسطيني والخليجي و"الإسرائيلي". وفي رصيده عدد من المؤلفات السياسية

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"