«كوب 28».. مؤتمر التقييم والتنفيذ

00:03 صباحا
قراءة 3 دقائق

أربعة أيام تفصلنا عن الحدث الأهم عالمياً بشأن الجهود التي يبذلها العالم للحفاظ على بقاء الكوكب صالحاً للمعيشة، وبقاء الإنسان قادراً على العطاء والتطور. فعلى أرض الإمارات تنطلق الخميس المقبل فعاليات مؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ «كوب 28»، ويستمر لأسبوعين، يجتمع خلاله قادة العالم وعلماء البيئة والمناخ لوضع النقاط على الحروف والتباحث في أزمة تغير المناخ التي أفرزت كوارث وأزمات تطارد البشرية في مختلف أنحاء الكوكب، وتتخذ أشكالاً مختلفة، كالزلازل والبراكين والأعاصير والفيضانات والارتفاع في درجات الحرارة والبرودة والذوبان الجليدي والارتفاع في مناسيب البحار والمحيطات بما يهدد بابتلاع مدن وجزر وتغيير في الجغرافيا وهجرات بشرية من مناطق إلى أخرى، وهو ما يسهم في زيادة النزاعات والحروب.

المؤتمر سيقام في مدينة إكسبو دبي والتي استضافت العالم قبل عامين من خلال معرض إكسبو الذي استعرضت فيه الإنسانية ثقافاتها المتنوعة وإنجازاتها التي شكلت العالم المعاصر، وابتكاراتها التي ستغير ملامح المستقبل، ورؤاها للرفاه والاستقرار والسلام.. وبعد أيام معدودة تستضيف دبي العالم ثانية للبحث في قضية المناخ والاحترار والاحتباس وكيفية خفض درجة حرارة الكوكب بمقدار 1.5 درجة.

منذ عام 1995 والعالم يبحث سنوياً في قضايا التغير المناخي، الدورة ال 27 شهدت حماساً من بعض الدول لإنقاذ الكوكب وتهرب دول أخرى من تحمل مسؤولياتها ووعود من دول بلا تنفيذ، ولذا فإن «كوب 28» هو الأمل، بعد أن علت الصرخات والتحذيرات من الغليان الحراري الذي عانته البشرية خلال السنوات الماضية وبلغ الذروة في يوليو/تموز وأغسطس/آب الماضيين، الأمل الذي ينطلق من دولة الأمل، الإمارات، صاحبة الجهود الواضحة في مجال المناخ، وصاحبة السياسات الرامية إلى تحقيق الاستدامة، وصاحبة الإنجازات المحاصرة للانبعاثات الكربونية والغازات الدفيئة والوقود الأحفوري، وصاحبة الاستثمارات الضخمة في مجالات الطاقة المتجددة والنووية والنظيفة، وصاحبة المبادرة الاستراتيجية للحياد المناخي 2050 والتي تمثل محركاً وطنياً يهدف إلى خفض الانبعاثات والحياد المناخي بحلول 2050، لتكون أول دولة في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا تعلن هدفها لتحقيق الحياد المناخي.

«كوب 28» تريده الإمارات وتريده الأمم المتحدة فاصلاً، ولذا سيتم خلاله التركيز على تقييم ما تم إنجازه في المؤتمرات السابقة، والتقييم هو الوسيلة لوضع الحقائق أمام العالم، الكل تكلم والكل طرح أساليب للحد من التغير واستعادة الأمن المناخي المفقود، وكثيرون يعتقدون بأنهم بالكلام قد أدوا مهماتهم، لكن التقييم هو الذي سيسلط الضوء على ما تم إنجازه فعلياً وما بقي حبراً على ورق.

عالمنا اليوم أصبح متخماً بالأزمات والكوارث، وكأن الكوكب قد ضاق بنا، وليس التغير المناخي هو الكارثة الوحيدة التي تهدد وجودنا، لكن لدينا أزمة أخرى وهي الحروب والنزاعات التي تنتشر في قارات الدنيا المختلفة وتفرز أزمات اقتصادية ومعيشية واجتماعية تنال من الاستقرار الإنساني وتسهم في زيادة الكراهية ونشر التطرف والإرهاب.

ولذا، فقد خصصت الإمارات خلال المؤتمر يوماً «للإغاثة والتعافي والسلام»، وهو أول حدث من نوعه يجري في مؤتمرات الأطراف، وهدفه رصد العلاقة بين التغير المناخي والسلام والأمن، فكلما ازداد المناخ تطرفاً كلما ازداد الإنسان تململاً وتطرفاً وكلما ازداد الاستقرار هشاشة، وهو ما ينعكس قلاقل أمنية ونزاعات بين الأفراد والجماعات والدول والشعوب، ناهيك عن الأضرار البيئية التي تزيد من تفاقمها الحروب بسبب المواد الكيماوية والفوسفورية والدمار وكل ما تخلفه الصراعات العسكرية على الأرض.

لقد خصصت الإمارات هذا العام كله للمناخ؛ حيث قرر صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله، «عام 2023 عاماً للاستدامة» تحت شعار «اليوم للغد». المؤتمر تريده الإمارات جسراً للحوار العالمي والتعاون الدولي لأجل مستقبل أفضل، ولذا اختارت أن يعبر شعاره عن «عالم واحد».

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/3vewhrb5

عن الكاتب

كاتب صحفي، بدأ مسيرته المهنية عام 1983 في صحيفة الأهرام المصرية، وساهم انطلاقة إصداراتها. استطاع أن يترك بصمته في الصحافة الإماراتية حيث عمل في جريدة الاتحاد، ومن ثم في جريدة الخليج عام 2002، وفي 2014 تم تعيينه مديراً لتحرير. ليقرر العودة إلى بيته الأول " الأهرام" عام 2019

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"