عادي
دينيس جونسون أفضل من ترجم الأدب العربي للإنجليزية

أخطاء طباعية في أعمال نجيب محفوظ

23:08 مساء
قراءة 4 دقائق
محفوظ وديفيز - غلاف

القاهرة – «الخليج»

أصدر المركز القومي للترجمة كتاب دينيس جونسون ديفيز «ذكريات في الترجمة.. حياة بين خطوط الأدب العربي» ترجمة د. عفاف عبد المعطي، والكتاب تتصدره مقدمة كتبها نجيب محفوظ، يؤكد فيها أن دينيس «فعل أكثر مما فعله أي مترجم في ترجمة الأدب العربي الحديث للإنجليزية والترويج له، ولطالما بحث عن كتاب جدد مثيرين للاهتمام، كما عمل جاهداً لا ليترجم رواياتهم ومسرحياتهم وقصصهم القصيرة وشعرهم فحسب، بل سعى لإيجاد ناشرين لهذه الترجمات أيضاً».

كان المترجم الكبير قد تعرف إلى محفوظ عام 1945 في القاهرة، وترجم قصة من مجموعة «همس الجنون» تم بثها في البرنامج الأوروبي بالإذاعة المصرية، ويذكر أنه قرأ «زقاق المدق» في ندوة يحضرها طه حسين ولويس عوض، ولم يجد أحداً قد «سمع نهائيا عن محفوظ أو روايته» تبعاً لرواية ديفيز نفسه.

يكشف ديفيز (1922 – 2017) عن علاقته بما يتعلق بنجيب محفوظ في كثير من الأمور، مثل الجائزة التي أطلقها باسمه قسم النشر بالجامعة الأمريكية بالقاهرة، وتمنح سنويا لأفضل رواية في ذكرى ميلاد محفوظ، سنوياً، فعندما فاز بجائزة نوبل عام 1988 اقترح ديفيز على الجامعة الأمريكية إنشاء جائزة سنوية باسم محفوظ لأفضل رواية باللغة العربية، ثم لسنوات ظل الاقتراح طي النسيان حتى وصل مارك لينز إلى منصب مدير النشر بالأمريكية، فوضع ديفيز المقترح بين يديه، فتحمس له.

قرر لينز أن تكون الجائزة مكونة من ميدالية فضية تحمل صورة محفوظ، إضافة إلى مكافأة مالية ألف دولار، فضلا عن ترجمة النص، ثم نشره بقسم النشر بالجامعة الأمريكية، وذهب الاثنان لزيارة محفوظ، فرحب بالفكرة، وانسحب ديفيز عندما استشعر بأن أعضاء لجنة التحكيم ينبغي أن يكونوا من المصريين والعرب.

ضمن المآسي التي حدثت مع محفوظ ما رصده ديفيز حين كان يستعد لترجمة إحدى قصص نجيب محفوظ، الذي اتصل به ليعلق على تلك المشكلة، فقال له كاتبنا الكبير: «حدث إهمال ما في تصحيح النص» وحل المشكلة بتوفير سطر كامل حذفته الطبعات العربية، إذ لا أحد فيما يبدو، لاحظ بشكل حاسم الجزء المفقود من القصة، تحدث مثل هذه الأخطاء – الكلام لديفيز – لأن الناشرين العرب في مصر، لا يجدون غضاضة في الاستعانة بالمحررين للنص الذي سوف ينشرونه، وبصرف النظر عن التأكد من الأخطاء، التي تتسلل إلى النص المطبوع، قد يقترح المحرر على الكاتب إجراء بعض التغييرات به.

رحلة ابن فطومة

حين كان ديفيز يترجم رواية «رحلة ابن فطومة» وجد فجأة أن اسم البطل قد تغير في منتصف الرواية، لذا اتصل بمحفوظ لمناقشة ذلك معه، فضحك محفوظ بشدة ثم أردف: إذاً ما الاسم الذي يمكنني أن أدعوه به؟ فقال له ديفيز: اختر ما تفضله فيهما، وأجاب محفوظ ضاحكاً: إنها مجرد تناقضات وأخطاء طباعية تؤكد احتياج النشر العربي إلى محررين، وهي الملاحظة التي طاردت أغلب أعمال محفوظ، حتى الوصول إلى ناشره الأخير، الذي كتب أن الأعمال ستصدر بعد ضبطها وتنقيحها، ما أثار لغطاً كبيراً حول الناشر.

كثيرون يتحدثون عن نوبل محفوظ وأنهم كانوا وراء منحه الجائزة الكبرى في الأدب، لكن ديفيز يضيء جانبا من الموضوع، فأثناء زيارته للقاهرة، تلقى مكالمة من صديق، عبر عن رغبته فيها بأن يلتقي زوجة السفير الفرنسي في تونس، أثناء زيارتها للقاهرة، وهي تريد مقابلته لأمر مهم، والتقى بها فعلا، وبادرته بأن لجنة نوبل تتطلع إلى منح الجائزة إلى كاتب عربي، وأن هناك قائمة بعدة أسماء مرشحة للفوز، وتتضمن القائمة أسماء: أدونيس، يوسف إدريس، الطيب صالح، نجيب محفوظ.

وسألته: هل هناك كاتب عربي آخر يستحق الترشيح بخلاف هؤلاء؟ وتناقشا عن مزايا كل مرشح فقال لها إن أدونيس ليس شاعراً شعبياً، ثم إن قراره بالبعد عن اسمه العربي مفضلاً عنه اسم «أدونيس» لم يحبه العرب، وهناك جانب فعلي، وهو أن شعره فوق مستوى تلقي عقول عدد من القراء، ويحظى يوسف إدريس بشهرة واسعة بين القراء العرب، لكنه لم يحظ بقدر كاف بترجمة نصوصه في الإنجليزية والفرنسية، هاتان اللغتان المعروفتان لأعضاء لجنة التحكيم.

أما الطيب صالح ففي تلك الأثناء لم يصدر له سوى «موسم الهجرة إلى الشمال» و«عرس الزين» وبعض القصص القصيرة المتاحة في اللغتين الإنجليزية والفرنسية، وهذا العدد القليل جدا حال دون ترشيحه للجائزة، وبعد مناقشات بات جليا أن محفوظ هو الأفضل، رغم أن ديفيز كان يتمنى أن يفوز بها الطيب صالح.

وعن ترجمة رواية الطيب صالح «موسم الهجرة إلى الشمال» يحكي ديفيز أنه قابل الطيب في لندن في الفترة من 1954 إلى 1969 ورغم أنهما عملا في ال«بي بي سي» فإنهما لم يكونا صديقين، وبعد ترجمة عدة قصص له، أخبره «الطيب» بأنه يعمل على رواية جديدة، وأتيح لديفيز أن يتلقى مسودة العمل.

يرى ديفيز أن يوسف إدريس كاتب ذو موهبة عظيمة، ويذكر أن روايته «الحرام» ترجمت إلى الروسية، وطبع منها أكثر من مليون نسخة، وهو ما لم تحظ به كتاباته في الترجمة الإنجليزية، ويعترف بأن ترجمة الأدب العربي لا تلقى اهتماماً من الناشر الإنجليزي، الذي لم يبد حماسة لنجيب محفوظ نفسه، إلا بعد حصوله على «نوبل».

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/4jtrdmvk

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"