«كوب 28» ومواجهة تحدّيات المناخ

00:08 صباحا
قراءة 3 دقائق

تستضيف الإمارات النسخة الثامنة والعشرين من مؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغيّر المناخ، هذا المؤتمر الذي ازدادت أهميته في السنوات الأخيرة، بعد أن أصبح التغيّر المناخي تهديداً قوياً لمستقبل البشرية، وقضية من أهم القضايا العالمية، التي تحوز على إجماع، تفتقد إليه الكثير من القضايا المهمة ذات الطابع العالمي، فالانعكاسات السلبية والخطيرة للتغيّر المناخي تطول الجميع، ولا سبيل منفرد لمواجهتها، ما يجعل السعي الجماعي لمواجهة ما تفرضه هذه الأزمة الكونية السبيل الممكن الوحيد للتعامل معها.

في منطقة الشرق الأوسط، تعدّ الإمارات دولة رائدة في بناء الشراكات، وذلك بفضل ما تمتلكه من إمكانات كبيرة في مستويات عديدة، خصوصاً في المستوى التنظيمي، الذي أصبح تجربة ملهمة للكثير من الدول، ليس في المنطقة وحسب، بل على مستوى العالم، مستندة إلى شبكة ضخمة من البنى التحتية الأساسية، بما فيها البنى المتعلقة بأنظمة المعلومات، بالإضافة إلى تحوّلها نقطة جذب لخبرات وكفاءات عابرة للجنسيات، ثم المبادرات المتتالية لإنجاح أعمال المؤتمر. ما يجعل من هذه الممكنات قيمة مضافة، ليس فقط على صعيد تأمين نجاح الفعاليات العديدة التي تتضمّنها أجندة المؤتمر، بل أيضاً على صعيد تطوير وتنفيذ المهام المشتركة بين الدول والمؤسسات والهيئات والجمعيات التي تشارك في أعمال المؤتمر من جهة، ومعنية بتنفيذ الخطط والمشاريع والتوصيات التي ستنتج عن المؤتمر من جهة ثانية.

هناك تحدّيان رئيسيان أمام مؤتمر الأطراف منذ دورته الأولى في برلين عام 1995، وهما خفض الانبعاثات، والحدّ من الاحتباس الحراري، وفي هذه المسيرة التي تقارب ثلاثة عقود، كانت هناك محطتان بارزتان، الأولى في طوكيو عام 1997، حيث وقّع المشاركون على «بروتوكول كيوتو» للحدّ من انبعاثات غازات الدفيئة، وقد أصبح هذا البروتوكول قانوناً ملزماً في عام 2005، أما المحطة الثانية، فهي «اتفاق باريس»، في عام 2015، حيث تمّ الاتفاق على «العمل لتفادي تجاوز ارتفاع درجة حرارة الأرض 1.5 درجة مئوية، والعمل على التكيّف مع التداعيات القائمة بالفعل للتغيّر المناخي».

منذ انعقاد النسخة الأولى من مؤتمر الأطراف عام 1995 وحتى اليوم، زاد عدد سكان الأرض نحو 2,5 مليار إنسان، أي أكثر من 40% من عدد السكان الذي كان موجوداً، وهذا الارتفاع السريع، كانت له العديد من المتطلبات، في مقدمتها زيادة استهلاك الوقود الأحفوري، لتلبية احتياجات الصناعة والنقل والتدفئة والإنارة، وغيرها من الضروريات الأساسية في حياة البشر، وهو ما سرّع من مشكلة المناخ، وزاد من تعقيدها، كما زاد من التحديات في مواجهتها، فعلى سبيل المثال لا الحصر، كان تأمين الأمن الغذائي أولوية قومية، تسبق في ضرورتها الأولويات الأخرى، وهو ما يتطلّب استهلاك أكبر للوقود، وبالتالي زيادة الانبعاثات السامّة، وارتفاع درجة حرارة الأرض، ما فاقم من حدّة التغيّر المناخي.

التحوّل من استهلاك الوقود الأحفوري، والاعتماد على الطاقة النظيفة، الذي يعدّ الهدف الأكبر لمؤتمر الأطراف، يواجه مشكلات كبيرة، تبدأ من ضرورة تأمين موارد مالية كافية لإنجاز هذا التحوّل، مع الأخذ بالحسبان أن ارتفاع تكاليف إنتاج الطاقة النظيفة من شأنه أن ينعكس سلباً على تكاليف الإنتاج لكلّ الصناعات والأنشطة التجارية والمختبرات والمستشفيات والنقل والاستخدامات المنزلية والشخصية، ما يرفع من حدّة المنافسة في الأسواق، ومن أسعار البضائع، الأمر الذي قد يدفع نحو دورة ركود اقتصادية عالمية، في الوقت الذي يعاني فيه العالم اليوم مشكلات التضخم، وضعف القدرة الشرائية على مستوى عالمي.

في المستوى الإيجابي، هناك نظرة جديدة بدأت تفرض نفسها انطلاقاً من البيئة، تتعلّق بضرورة وجود مستوى متقدّم من الشراكة، تفرضه ضرورة التضامن لتحقيق إنجازات في الحدّ من التغير المناخي، وهو ما يجعل من الضروري إعادة النظر في طرق التنافس العالمية، وإيجاد صيغ مختلفة عن السائد، فالكوكب كلّه في مركب واحد، وإنقاذه يتطلب روحاً جديدة، تقوم على احترام الحياة على كامل الكوكب، والالتزام بتأمين شروط عيش أفضل للأجيال المقبلة.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/bdejaa4v

عن الكاتب

إعلامي

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"