الفكرة السائدة عن النوم عند البعض من الناس تتمحور حول ارتباطه بصفتي الكسل والخمول، ونحوها من الكلمات السلبية التي لا تعكس حقيقة هذه الهبة العظيمة، إذ يقضي الإنسان نحو ثلث حياته نائماً، ولهذا يجب تصحيح تلك الفكرة.
في هذا العصر المحمل بالتقنيات الحديثة، باتت الأعمال والمهام الوظيفية غير محصورة بساعات محددة ولا حتى مكان ما، حيث تطاردنا من خلال وسائل الاتصال الحديثة، وهناك من يعمل بجد ويحاول اللحاق بها، وعدم ترك أي مهمة عمل، ومع مثل هذه الحالة تجده يستقطع من ساعات الراحة ومنها ساعات النوم، لإنجاز المزيد من تلك الأعمال، ويقضي باقي ساعات اليوم في بعض الترفيه مثل مشاهدة التلفاز أو في علاقات اجتماعية، وعندما يتوجه إلى الفراش من أجل النوم، تكون الساعة عند الثانية أو الثالثة صباحاً، وعليه الاستيقاظ في السابعة على أبعد تقدير، ويتكرر هذا السيناريو يومياً، غير مبالٍ بالآثار الجانبية.
هناك أبحاث تنشر بين وقت وآخر مستمرة في التأكيد أن النوم ليس مجرد إحساس بالنعاس والكسل، بل هو السبب الحقيقي في استمرار عجلة التنمية والتطور، فإن كان هناك خلل في نومنا بطبيعة الحال ستكون هناك اضطرابات وعوائق في مسيرتنا الحياتية. جاء في موقع «sleep foundation» مقال علمي للاستشاري الحاصل على شهادة البورد في طب النوم والطب الباطني، وهو المدير الطبي لمركز إنديانا المتخصص في النوم الدكتور أبيناف سينج، قال: «النوم بعد التعرض لصدمة نفسية أو خوف أو قلق مفيد من أجل خفض الاضطراب النفسي، وتقليل الشعور بالسلبية والاكتئاب بشكل كبير، وهذا جاء بعد نتائج دراسة علمية أكدت أن النوم بعد تجربة قاسية كان له تأثير مثل المناعة، بالإضافة إلى تقليل الذكريات المؤلمة وأعراض القلق التي قد تظهر بعد الصدمة».
ويمكن القياس على مثل هذه الدراسة أبحاث علمية كثيرة عن النوم والتي تتحدث عن فوائده، عندها ستتغير طريقتنا في ترتيب أوقاتنا وسنعلم حاجتنا للنوم العميق وفق الساعات الكافية يومياً والتي لا نوليها الكثير من الاهتمام، بل بات بيننا ما يشبه العرف والمقولات التي تنبذ النوم وتصف من يأخذ حقه اليومي من النوم بأنه كسلان أو غير منتج. يقول الفيلسوف الألماني إيمانويل كانت: «ثلاث تساعد على تحمل مشقات الحياة: الأمل، والنوم، والضحك».
[email protected]
www.shaimaalmarzooqi.com
https://tinyurl.com/49m7m7hf