عادي
شركات تقنية عالمية لـ الخليج:

مراكز البيانات الخضراء تواكب توجهات الاستدامة في الإمارات

22:18 مساء
قراءة 7 دقائق
دبي تفتتح أكبر مركز بيانات أخضر يعمل بالطاقة الشمسية في العالم

دبي: حمدي سعد

تهيمن دولة الإمارات على حجم الاستثمارات في مراكز البيانات الإقليمي فيما يتوقع أن يصل السوق في المنطقة وشمال إفريقيا إلى 10.4 مليار دولار عام 2028، بمعدل نمو سنوي مركب 20.4% وبحصة إنفاق تتراوح بين 6-8% من إجمالي الإنفاق على تكنولوجيا المعلومات والاتصالات وفقاً لأحدث تقرير أعدته RationalStat لأبحاث السوق.

وتتصدر الإمارات وجهة استثمارية أولى لمراكز البيانات الخضراء أو المستدامة، مع احتضانها لاستثمارات كبيرة للاقتصاد الرقمي وما يضمه من قطاعات الاتصالات وتقنية المعلومات، لاسيما في المدن الذكية والذكاء الاصطناعي والحوسبة السحابية وغيرها والتي أسهمت في تغيير صورة الاستثمارات في الدولة.

أكد مسؤولو شركات متخصصة في مراكز البيانات وتقنية المعلومات أن القوانين والاستراتيجيات المحفزة للاستدامة، فضلاً عن توجهات الاقتصاد المعرفي والتحول الرقمي التي تتبناها دولة الإمارات هي المحفز الرئيسي للاستثمار في مراكز البيانات الخضراء والتقليدية عامة مدعومة بالبنية التحتية التكنولوجية القوية.

وقدرت بعض الدراسات حجم سوق مراكز البيانات الخليجي بنحو1.362 مليار دولار عام 2022، ومن المتوقع أن يصل إلى نحو 5.238 مليار دولار عام 2028، مسجلاً معدل نمو سنوي مركب بنسبة 20.8% خلال الفترة 2022-2028.

ويمثل سوق مراكز البيانات الخضراء في الشرق الأوسط وإفريقيا نحو 10% من إجمالي سوق مراكز البيانات في المنطقة و لا يزال مشغلو المراكز مساعيهم إلى اعتماد عمليات فعالة لتحقيق أهداف الاستدامة.

ووفقاً لدراسة جديدة أجرتها Arizton Advisory & Intelligence، بلغ إجمالي الاستثمار في سوق مراكز البيانات الخضراء العالمي 35.58 مليار دولار عام 2021 ومن المتوقع أن ينمو الاستثمار بمعدل نمو سنوي مركب يبلغ 7.6%.

الصورة

مستقبل الصناعة

وقال أحمد الخلافي، مدير عام شركة «اتش بي إيه» في الإمارات وإفريقيا: أصبحت مراكز البيانات الخضراء مستقبل الصناعة بسبب: المخاوف البيئية، حيث تستهلك مراكز البيانات التقليدية كميات كبيرة من الطاقة، ما يسهم بشكل كبير في انبعاثات الكربون ومع تزايد المخاوف البيئية، تتعرض الشركات لضغوط لتبني ممارسات مستدامة. مراكز البيانات الخضراء، المصممة مع الاستدامة في جوهرها، والمدعومة بمصادر الطاقة المتجددة مثل الطاقة الشمسية أو طاقة الرياح، تقلل بشكل كبير من البصمة الكربونية لهذه المرافق.

وأضاف الخلافي، قامت دولة الإمارات باستثمارات كبيرة في مصادر الطاقة المتجددة بطاقة الشمس والرياح، كجزء من التزامها بتنويع مزيج الطاقة لديها، وخفض انبعاثات الكربون، والانتقال نحو مستقبل أكثر استدامة.

وأوضح أن من أبرز مزايا مراكز البيانات الخضراء: كفاءة الكلفة: فعلى الرغم من أنه قد تكون هناك تكاليف أولية مرتبطة بإنشاء مراكز بيانات خضراء، فإنها غالباً ما تكون أكثر فاعلية من حيث الكلفة على المدى الطويل. يمكن لمصادر الطاقة المتجددة أن توفر أسعاراً مستقرة ويمكن التنبؤ بها، ما يقلل من تأثير تقلبات أسعار الطاقة على تكاليف التشغيل.

كذلك من أهم المزايا: الامتثال التنظيمي الذي تفرضه العديد من الحكومات فيما يتعلق بانبعاثات الكربون ويمكن لمراكز البيانات الخضراء أن تساعد الشركات على الامتثال لهذه اللوائح، وتجنب الغرامات والعقوبات المحتملة، إضافة إلى المسؤولية الاجتماعية للشركات والتقدم التكنولوجي الذي يجعل تنفيذ الحلول الخضراء أسهل وأكثر فاعلية من حيث الكلفة.

ويقول الخلافي: في حين أنه قد تكون هناك تحديات في التحول من مراكز البيانات التقليدية إلى مراكز البيانات الخضراء، فإن الفوائد طويلة المدى من حيث الاستدامة البيئية، وتوفير التكاليف، والتصور العام تجعل مراكز البيانات الخضراء خياراً قابلاً للتطبيق وجذاباً لمستقبل قطاع التكنولوجيا.

وتابع الخلافي: تمتلك البيانات القدرة على أن تكون محركاً مهماً لاقتصاد المعرفة في دولة الإمارات، حيث تسهم في التنمية الاقتصادية ولتحقيق إمكانات البيانات بشكل كامل، ستحتاج دولة الإمارات إلى زيادة الاستثمار في البنية التحتية للبيانات، وتعزيز المعرفة بالبيانات والتعليم، وتعزيز قوانين حماية البيانات القوية لضمان الخصوصية، وتشجيع التعاون بين القطاعين العام والخاص.

3 مسارات رئيسية

وقال جاد حداد، رئيس القطاع الرقمي في الهند والمنطقة وإفريقيا بشركة «أوليفر وايمان»: «يسهم قطاع تقنية المعلومات والاتصالات في 2.3% من إجمالي انبعاثات الغازات العالمية، وعلى الرغم من أن مراكز البيانات ليست أكبر مساهم في الانبعاثات بهذا القطاع، فإنها تعد المساهم الأسرع نمواً فيه.

وإدراكاً من مقدمي الخدمات السحابية العالميين البارزين لهذه النقطة، فقد قدّموا التزامات رسمية بشأن استدامة مراكز البيانات، تشمل تشغيلها بالكامل باستخدام مصادر الطاقة النظيفة، إمّا بحلول عام 2025 أو 2030.

وأضاف: إن لدى مراكز البيانات ومقدمي الخدمات السحابية 3 مسارات رئيسية بإمكانهم الاختيار من بينها للتوجه نحو تحقيق أهداف الطاقة النظيفة التي رسموها لأنفسهم؛ الأول يتمثل في بناء محطات خاصة بهم للطاقة النظيفة، مثل مزارع الطاقة الشمسية أو الرياح، فيما يمكنهم أيضاً تركيب الألواح الشمسية أوتوربينات الرياح في ممتلكاتهم، ما يتيح لهم التوفير في تكاليف الطاقة، لكنه خيار يتطلب استثماراً أولياً كبيراً.

ويتمثل المسار الثاني في توقيع الشركات واتفاقيات شراء طويلة الأجل للطاقة مع أحد مطوري مشاريع الطاقة المتجددة، ما يسمح لهم بشراء الطاقة مباشرة من ذلك المشروع ودعم تطوّره في المقابل. أما المسار أو الخيار الثالث فيكمن في شراء شهادات الطاقة المتجدّدة الدولية، باعتبارها وسيلة لتعويض استخدامهم للكهرباء. وأوضح حداد أنه وعلى الرغم من أن الطاقة النظيفة عنصر أساسي في استدامة مراكز البيانات، تبقى هناك تحديات أخرى يجب أخذها في الاعتبار، مثل أنظمة التبريد ومعالجة المياه وتدوير الحرارة وتخزين البيانات وكفاءة الرقاقات والنفايات الإلكترونية.

نفايات إلكترونية

من جانبه قال زكريا حلتوت، المدير التنفيذي لشركة «إس إيه بي» في الإمارات: تلعب مراكز البيانات دوراً متزايداً مع انتقال العملاء إلى الحوسبة السحابية ويتطلب تشغيل الحلول في هذه المراكز تجهيزات عديدة مثل المعالجات والذاكرة وأجهزة التخزين وأنظمة التبريد وغيرها ما ينتج عن استخدامها انبعاثات كربونية ونفايات كهربائية وإلكترونية.

ويجب على العملاء في كثير من الأحيان الإبلاغ عن استخدام الطاقة والمقاييس الأخرى في تقارير الاستدامة الخاصة بهم لقيادة التحول نحو الطاقة النظيفة، وتستخدم «إس إيه بي» الطاقة المتجددة لتشغيل منشآتها، بما في ذلك مراكز البيانات المشتركة الخاصة بها والخارجية.

التحول الأخضر

بدوره قال علي شبدار، المدير الإقليمي لشركة زوهو في منطقة الشرق الأوسط وإفريقيا: إن الحاجة إلى مراكز البيانات المستدامة أصبحت ملحة، حيث باتت المؤسسات والشركات أكثر وعياً تجاه ممارساتها لاستهلاك الطاقة وترشيد الموارد.

ومع استضافة دولة الإمارات لمؤتمر «كوب 28»، تفتح المحادثات حول الاستدامة عالماً من الفرص الجديدة لدولة الإمارات على وجه الخصوص والمنطقة عموماً.

وعلى مدار العقد المقبل، يمكننا توقع الإعلان عن مزيد من السياسات واللوائح والقوانين والمعايير الجديدة لتعزيز تبني التحول الرقمي الأخضر والبنية التحتية المستدامة، بما في ذلك تأسيس مراكز البيانات الصديقة للبيئة وكذلك دعم تحول الشركات الصغيرة الحجم نحو الاقتصاد الأخضر. ومع تطبيق هذه السياسات والأفكار على أرض الواقع، سيتعين على مقدمي الخدمات التكنولوجية- الذين لم يسبق لهم أن تبنوا الحلول المستدامة- إعادة التفكير في خططهم المستقبلية.

وأضاف شبدار، يحمل قطاع مراكز البيانات الخضراء فرصاً كبيرة، حيث يقدر حالياً حجم سوق مراكز البيانات الخضراء العالمية بنحو 68 مليار دولار وفي المرحلة المقبلة، من المتوقع أن ينمو هذا السوق بمعدل نمو سنوي مركب قدره 20 % لتصل قيمته إلى 420 مليار دولار في العقد المقبل وأعتقد بأن الإمارات بالتحديد ستكون في طليعة البلدان على صعيد نمو الاستثمارات في مركز البيانات المستدامة.

وتابع: تعد دولة الإمارات سوقاً رئيسية وينطوي مفهوم الاقتصاد المعرفي على الاستفادة من الإمكانات الفكرية، حيث تصبح المعرفة القوة الدافعة التي تقود تطور الاقتصاد على جبهات عديدة مثل التكنولوجيا، والتجارة، والصناعة، والبحث العلمي، والرعاية الصحية وغيرها.

ومن شأن الكميات الهائلة من البيانات المتاحة حالياً بفضل التكنولوجيا، أن يسهم في توفير الوقود الفكري الضروري لازدهار الاقتصاد القائم على المعرفة من خلال تمكين اتخاذ القرارات المستنيرة وتعزيز مستويات الإنتاجية والابتكار.

وكشف شبدار عن أن «زوهو» لديها خطط لتأسيس مراكز بيانات في دولة الإمارات ضمن التزام الشركة مع قوانين حماية البيانات المحلية ومواصلة توفير تجارب سريعة وآمنة لعملائنا كما تواصل الشركة تطوير حلولها القائمة للاستجابة لمتطلبات الأعمال دائمة التغير.

الصورة

60 % توفير التكاليف

بدورها قالت نعمت الجيار، مدير مركز التميز للذكاء الصناعي وعلم البيانات في كلية الرياضيات وعلوم الحاسوب في جامعة «هيريوت وات بدبي»: تعد دولة الإمارات الدولة الأولى في الريادة في منطقة الخليج العربي في تأسيس مراكز البيانات.

ووفقاً ل «MarkNtel Advisors»، من المتوقع أن ينمو سوق مراكز البيانات في الإمارات بمعدل نمو سنوي مركب يبلغ نحو 4.1% خلال الفترة من 2021 إلى 2026.

وأضافت: من المتوقع أن ينمو سوق مراكز البيانات الخضراء عالمياً إلى 140.3 مليار دولار بحلول عام 2026 بمعدل نمو قدره 19.1% وتحرص دولة الإمارات دائماً على تبني أحدث التقنيات، وهو ما تجلى بوضوح في التطور السريع لشبكات الجيل الخامس وموجة التحول الرقمي لدعم رؤية الحكومة بالنظر إلى الاعتماد المتزايد على الاقتصاد الرقمي.

وأوضحت: وفقاً لتقرير «موردورإنتيليجنز» بلغت قيمة سوق مراكز البيانات الخضراء 53.19 مليار دولار في عام 2020 ومن المتوقع أن تصل قيمتها إلى 181.91 مليار دولار بحلول عام 2026، مسجلاً معدل نمو سنوياً مركباً بنسبة 23.01% خلال فترة التوقعات (2021 - 2026).

وأشارت الجيار إلى أن مركز البيانات الأخضر يمكن أن توفر ما يصل إلى 60% في كلفة الأجهزة وزيادة بنسبة 32% في كفاءة استخدام الطاقة إذا تمت إدارته بشكل مناسب.

تنظيم استهلاك الطاقة

أدى القلق بشأن النسبة المئوية المتزايدة لاستهلاك الطاقة من قبل مراكز البيانات إلى تنبيه الحكومات على مستوى العالم لتنظيم استهلاك الطاقة، وهو العامل الأساسي لقيادة سوق مراكز البيانات الخضراء ومن المتوقع أن يزداد نمو سوق مراكز البيانات الخضراء نتيجة للمزايا التي نشهدها في حال تطبيق تلك الاستراتيجيات والتقنيات الحديثة مثل المدخرات طويلة الأجل وعائد الاستثمار. وتعد مراكز البيانات الخضراء مستقبل القطاع في السنوات المقبلة؛ حيث إنه يمكن للتقنيات الخضراء الجديدة أن تساعد مراكز البيانات التقليدية على أن تصبح أكثر استدامة وكفاءة في استخدام الطاقة.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/ye24ektk

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"