انفتاح

00:06 صباحا
قراءة دقيقتين

نخاف من الانفتاح على العالم أم نخاف على الانفتاح مما يحصل في العالم؟ لننطلق بداية من مفهوم «الانفتاح» وما يعنينا منه تحديداً، فهذا التعبير وهذه الكلمة مطاطة وتستوعب الكثير والكثير من المفاهيم وتبتعد بحدودها إلى حيث تختفي كل الحدود وتتلاشى كل القيم وتغيب المعايير وتسقط المبادئ، لكنها في الوقت نفسه كلمة سحرية ساحرة، يمكنها أن تكون بهيّة كامرأة حسناء أنيقة تتحدث بلغات متعددة، تقرأ ملايين الكتب، تتجمل بالقيم والأخلاق، ترسم حدوداً لنفسها ولا تسمح للآخرين بتجاوزها، متحررة منغلقة في آن، مفاتيح الحرية في يدها تعلم جيداً متى تفتح الأبواب ولمن، ومتى تغلق وتصد من يتخطى حدود أسوار سيّجت بها حديقتها.
نتحدث عن الانفتاح في زمن العالم الواحد، وكأن هذا العالم قد وضع قائمة تحدد مفهوم الانفتاح لتمشي وفقها كل الشعوب، بينما الواقع يقول غير ذلك تماماً، نجد من حولنا الكثيرين ممن جعلوا من الكلمة أرجوحة يتمايلون معها صعوداً ونزولاً، يحلقون عالياً تارة ويهبطون بها إلى الحضيض تارة أخرى.. ليتنا مشينا كلنا على معايير واحدة لتمكننا من الوصول إلى الغاية الأساسية والمنشودة مما تريده البشرية من «الانفتاح» على الآخرين. تلتقي كلمة الانفتاح مع شقيقتها الحرية في نقطة الفراغ حيث لا يعود لأي منهما معنى حقيقي ومفهوم واضح، هناك حيث يتم توظيف هذه وتلك وفق أهواء ومصالح أشخاص ومجموعات ودول.. وحيث تفقد كل منهما أجمل وأسمى معانيها وأدوارها وجوهرها. هل سألت نفسك ما الذي تفهمه من كلمة انفتاح وما الذي تريده منها؟ الحوار الراقي مع الآخر.. انفتاح، التبادل الثقافي بين الشعوب.. انفتاح، الإصغاء للآخر واستيعاب فكره ومشاعره وأهدافه ورسالته وظروفه وماضيه وتاريخه ونشأته وحاضره ومستقبله وتطلعاته وأحلامه ونقاط قوته وضعفه وتراثه ومبادئه وقيمه وإنسانيته.. انفتاح، أن تصل إلى نقطة التقاء تشعر فيها بأنك تتقبل هذا الآخر وتحترم ما هو عليه ونقاط الاختلاف بينكما، ويبادلك هذا الاحترام بنفس القدر ولديه الاستعداد لتقبّل ما أنت فيه وعليه وتقديره لثقافتك وتاريخك وطموحاتك.. انفتاح، أن تسلك درباً تلتقي فيه بألوان مختلفة من البشر، كل يسير بجانب الآخر وفق مبدأ المساواة والأخوة في الإنسانية ودون نوايا خبيثة لزرع فتن هنا ومطبات تعيق وتعطل المسار هناك واحتقار لهذا وتقليل من شأن وقدرات ذلك.. انفتاح، أن تقرأ الآخر فتستوعب فكره ولغته وموروثه وتستطيع نقل فكرك وموروثك ولغتك إليه بنفس قدر الوعي والاحترام دون تنازل أو إحساس بضعف أو تهميش أو تعالٍ وازدراء.. انفتاح.
أخيراً، أن تعيش على هذا الكوكب وأنت مدرك ومقتنع بأنك مجرد إنسان أتيت لتؤدي مهمة وتترك بصمة تضيف إلى هذا العالم وتزيد الأرض جمالاً وازدهاراً وعطاء ثم ترحل ليكمل غيرك المسار، عندها تكون قد وصلت إلى قمة الانفتاح والحرية والإنسانية.
[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
http://tinyurl.com/sxn4ub6f

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"