أطفال فلسطين..وظلم الإنسانية

00:58 صباحا
قراءة دقيقتين

د. ناجى صادق شراب
الطفولة تحمل دلالات كثيره تتلخص في البراءة والمستقبل والرغبة في الحياة، ومن الطفولة تتوالد الحياة. وبقدر أن تكون تربية الطفولة وتنشئتها إنسانية بقدر النجاح في حياة يسودها السلام والتعايش. وفى هذا السياق تهتم الدول كافة بأطفالها بتوفير كل أسباب الحياة الصحية والتعليمية السليمة لهم. فالطفولة تعني الأسرة والأسرة تعني المجتمع. ولذلك أُنشئت المنظمات الدولية المختصة بالطفولة وحقوقها.

هذه الدلالات غائبة عن الطفولة الفلسطينية التي تتعرض لحروب دائمة تتسبب في قتلها قبل أن تتنفس وتفتح عينيها على الحياة. والاحتلال نقيض للطفولة، فكيف للاحتلال أن يعتقل الأطفال، حيث إن الصواريخ تقتل الطفولة النائمة أو تدوسها الدبابات.

الأطفال هم الضحية الأولى للحرب الإسرائيلية على غزة التي راح ضحيتها أكثر من عشرة آلاف طفل، إضافة إلى الأطفال الذين باتوا معوقين، فقدوا أياديهم أو أرجلهم. أطفال حرموا من الأب والأم والأخ والأخت والأسرة ففقدوا معنى الحياة، فقدوا البيت والمدرسة والأسّرة وحتى الألعاب.

صادفت هذه الحرب على الطفولة مع احتفال العالم باليوم العالمى للطفولة في 21من شهر نوفمبر(تشرين الثاني)، ففيما يحتفل أطفال العالم مع أسرهم وأصدقائهم فإن أطفال غزة يعيشون جحيم الحرب ومأسيها أو حرموا من الحياة، أو يعيشون في خوف من الحرب والفقر وبرد الشتاء القارص.

ولعل المفارقة أن احتفال العالم هذا العام بيوم الطفولة جاء تحت شعار «لكل طفل كل الحقوق»، إلا الطفل الفلسطيني المحروم من الحد الأدنى من هذه الحقوق بسبب معايير الإزدواجية والإنحياز الغربي.

لقد أكدت الأمم المتحده أن ما قتل خلال شهر واحد من الحرب على غزه يفوق عدد الأطفال الذين قتلوا في 22 صراعاً مسلحاً حول العالم خلال 4 سنوات. كما أشارت أيضاً مؤسسات حقوقية إلى قتل طفل فلسطيني كل سبع دقائق. فيما قال أمين عام الأمم المتحدة أنطونيو غوتيرش إن غزة تحولت إلى «مقبرة للأطفال». هذه الحرب زادت من المعاناة الطويلة التي يعيشها الطفل الفلسطيني، فقبلها عاش جيل من الأطفال أكثر من خمسة حروب راح ضحيتها آلاف الأطفال. وهذا الجيل من الأطفال ولد في حرب هم ضحاياها.

وهنا لابد من تسجيل بعض الملاحظات السريعة. أولاً، لن تكون هذه الحرب هي الأخيرة ما دامت التسوية السياسية لم تتحقق، ولم تقم الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس. ثانياً، لابد من إنهاء الاحتلال بكل صوره، لأن الاحتلال هو السبب الرئيسي لهذه الحرب وغيرها من الحروب. ثالثاً، إن حماية الطفل الفلسطيني مسؤولية دولية وكافة المنظمات الإنسانية. رابعاً، لا يكتمل السلام في المنطقة إلا بقيام الدولة الفلسطينية الديمقراطية. خامساً، لا يمكن المساواة بين الجاني والمجني عليه، ولا بين المحتل والشعب الذى يعيش تحت الاحتلال. فلا بقاء ولا أمن لإسرائيل إلا بأمن وبقاء الفلسطيني على أرضه.

فلا تنشئوا جيلاً من الأطفال يعيش على الكراهية والحقد، ربوا جيلاً يحب السلام.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
http://tinyurl.com/29dk2m89

عن الكاتب

أكاديمى وباحث فلسطيني في العلوم السياسية متحصل على الدكتوراه من جامعة القاهرة كلية الاقتصاد والعلوم السياسية، ومتخصص في الشأن السياسى الفلسطيني والخليجي و"الإسرائيلي". وفي رصيده عدد من المؤلفات السياسية

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"