عادي
دخلت بتريث.. والبداية كانت مصنع بطاريات المحمول

كيف وصلت «بي واي دي» إلى عرش صناعة السيارات الكهربائية؟

23:20 مساء
قراءة 4 دقائق
1
سيارة أوتو 3 الكهربائية من «بي واي دي» في المعرض التجاري للسيارات الكهربائية في فارنبورو (رويترز)

إعداد: خنساء الزبير
قد يكون التقليل من شأن المنافس في السوق بداية لانتصاره، حيث يزخر كل مجال بمفاجآت لم تكن في الحسبان، فكم من شركة صغيرة لم تأخذ الشهرة الكافية ختمت عامها المالي بتقييم كبير وإيرادات وأرباح لم تكن متوقعة.

تلك الحالة تنطبق على المركبات الكهربائية الصينية «بي واي دي»، التي استخف بها الملياردير الأمريكي إيلون ماسك في وقت من الأوقات وركن إلى عدم تطور التكنولوجيات التي تعمل بها، وضحك على فكرة أنها ستكون في يوم من الأيام منافساً لإنتاج شركته «تيسلا» التي تربعت على عرش الصناعة.

هنا تتضح أهمية معرفة المنافس جيداً، على غرار مقولة «اعرف عدوك» التي قالها قديماً الجنرال الصيني «سون سو» في كتابه «فن الحرب».

فعلى عكس ما توقعه ماسك، وربما الكثيرون، لم تتحطم شركة «بي واي دي» بل تفوقت على شركة تيسلا في الربع الأخير من العام الماضي لتصبح أكبر صانع للسيارات الكهربائية، حيث باعت المزيد من السيارات التي تعمل بالبطاريات مقارنة بمنافستها الأمريكية.

تنويع المجال

برغم أن شركة «بي واي دي» تُعرف الآن بأنها عملاق السيارات الكهربائية، فإن أذرعها تمتد إلى العديد من المجالات، بدءاً من البطاريات وحتى التعدين وأشباه الموصلات، وهو سبب كبير وراء نجاحها.

وأسسها الكيميائي، وانغ تشوانفو، في 1995 بمدينة شنتشن جنوب الصين، مركز التكنولوجيا الضخم بالبلاد. وبدأت ب 20 موظفاً ورأسمال قدره 2.5 مليون يوان صيني، ما يعادل حوالي 351,994 دولاراً.

وفي عام 1996 بدأت في تصنيع بطاريات أيونات الليثيوم، وهو النوع الموجود في الهواتف الذكية الحديثة، وتزامن ذلك مع تنامي استخدام الهواتف النقالة، واستمرت في إمداد نوكيا وموتورولا ببطارياتها في عامي 2000 و2002، وهما اثنتان من الشركات العملاقة في صناعة الهواتف المحمولة في ذلك الوقت.

وفي عام 2002 تم إدراج شركة «بي واي دي» في بورصة هونغ كونغ، بعد نجاحها في صناعة بطارية الليثيوم.

الصورة

نقطة تحوّل

ظلت الشركة على هذا الوضع حتى عام 2003 عندما استحوذت على شركة تصنيع سيارات صغيرة تدعى «شيان شينشوان أوتوموبيل».

وبعد ذلك بعامين، أطلقت سيارتها الأولى «F3» وكانت من طراز الاحتراق الداخلي، ثم في عام 2008 أطلقت F3DM التي تمثل أول دخولها بمجال السيارات الكهربائية، وكانت مركبة كهربائية هجينة. وفي ذات العام، تلقت الشركة من شركة بيركشاير هاثاواي، التابعة للملياردير الأمريكي وارن بافيت، استثماراً بقيمة 230 مليون دولار، وهو ما دعم طموحات «بي واي دي» بسوق المركبات الكهربائية.

واصلت المضي بمجال السيارات الكهربائية، وهو المكان الذي سطرت فيه تاريخها كشركة مصنعة للبطاريات، ففي عام 2020 أطلقت الشركة بطارية «بليد» التي يرى الكثيرون أنها ساعدت في تحفيز نمو الشركة بالسيارات الكهربائية.

وتلك البطارية هي بطارية «الليثيوم وفوسفات الحديد»، والتي كان العديد من صانعي البطاريات يبتعدون عنها في ذلك الوقت لتصورهم أن لها كثافة طاقة ضعيفة.

والتزمت «بي واي دي» بوضع البطارية «بليد» في سيارة هان، وهي سيارة سيدان رياضية، تم إصدارها في 2020، ويُنظر إليها على أنها منافسة لسيارة تيسلا S، واستمرت بوضعها في السيارات اللاحقة التي أطلقتها.

وفي عام 2020 باعت 130,970 سيارة كهربائية تعمل بالبطاريات بالكامل. وفي العام الماضي باعت الشركة 1.57 مليون سيارة كهربائية تعمل بالبطارية.

سر النجاح

التقدم الذي حققته «بليد» كان السبب وراء نجاح «بي واي دي» في مجال السيارات الكهربائية، فهي بذلك لديها استثمارات استراتيجية وأعمال أكثر من مجرد إنتاج السيارات.

وأثبتت «بي واي دي» وجودها كمورد بمجال التكنولوجيا العالية، حيث قامت ببناء المرونة من خلال توفير البطاريات لشركات يصعب إرضاؤها مثل «أبل».

وبعد ذلك أصبح لدى وانغ تشوانفو، مؤسس الشركة، ما يكفي من المال لإنشاء علامة تجارية صينية محلية للسيارات، وكان قادراً على التركيز على الابتكار بتكنولوجيا البطاريات، وهو ما يكفي حتى تتمكن من البيع لشركات صناعة السيارات الأخرى.

وظلت الشركة تبذل قصارى جهدها وتعمل باستمرار على تحسين التصميم والهندسة وجودة مجموعة المركبات التي تنتجها.

وما تم القيام به على مدار ال 15 إلى 20 عاماً الماضية جعلها تتفوق على تيسلا بالربع الرابع من 2023.

ففي البداية لم تقفز مباشرة إلى تصنيع السيارات الكهربائية بالكامل، وظلت تبيع السيارات الهجينة التي قال عنها المحللون إنها كانت مفتاح النجاح الأولي للشركة.

ففي بدايات نشوء سوق السيارات الكهربائية الصينية، اختارت «بي واي دي» إطلاق المركبات الكهربائية التي تعمل بالبطارية والمركبات الكهربائية الهجينة، في ذات الوقت.

وسمحت لها هذه الاستراتيجية بالفوز بالسوق عندما لم تكن البنية التحتية للشحن راسخة، ولم يكن رأي المستخدمين واضحاً تماماً بشأن مزايا المركبات الكهربائية.

ومن ناحية أخرى، فإن خصائص السيارة الكهربائية الهجينة القابلة للشحن، كالكفاءة الاقتصادية العالية وعدم وجود قلق بشأن النطاق، لعبت دوراً مهماً بمساعدة الشركة على الفوز بالسوق.

وأيضاً لا يمكن إغفال جانب الدعم الحكومي، فبالإضافة إلى تكتيكات «بي واي دي» الخاصة بها، ساعدها كذلك الدعم الضخم الذي تقدمه الحكومة الصينية لقطاع السيارات الكهربائية.

فعلى مدى السنوات القليلة الماضية قدمت بكين إعانات مالية لتحفيز مشتري السيارات الكهربائية، وعرضت دعم لهذه الصناعة، وبدأت هذه الإجراءات في 2009 تقريباً، في الوقت الذي كانت فيه الشركة تتطلع إلى تكثيف جهودها بمجال السيارات الكهربائية.

ويُقدّر الدعم الذي تلقته من الحكومة ب 4.3 مليار دولار بين عامي 2015 و2020.وبعد السيطرة على سوق السيارات الكهربائية بالصين، تتوسع الشركة الآن بقوة في الخارج وتقوم ببيع السيارات في عدد من الدول منها الإمارات وتايلاند والمملكة المتحدة.

 

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
http://tinyurl.com/ypwb8c4v

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"