العمال وفوائد التكنولوجيا

21:28 مساء
قراءة 4 دقائق

كريستي هوفمان *

إن المطالبة بأن يتقاسم الموظفون بالتساوي فوائد الذكاء الاصطناعي هو الفصل الأخير في قصة طويلة للنقابات التي تتحد معاً لجعل التكنولوجيا تعمل لصالح الجميع. ومنذ فجر الثورة الصناعية، ناضلت النقابات من أجل تطبيق أساليب جديدة تحترم إنسانية العمال وتدعم الحاجة إلى إنشاء بيئة عمل آمنة وبرنامج تعويض مالي عادل.

وكانت هذه هي نفس الأهداف التي كانت لدى نقابتي عندما كنت مديرة متجر في مصنع للمحركات النفاثة في الثمانينات. وقدم صاحب العمل في الشركة التي كنت أعمل فيها تقنية «يتم التحكم فيها رقمياً»، خففت من المهمة الصعبة المتمثلة في إيقاف عجلة المخرطة عن العمال. لقد رحبت بالآلات الجديدة، لأن العمل أصبح أقل عبئاً بدنياً، ولم يتم تسريح أي عامل في هذه العملية.

ولكن كانت هناك مخاوف حقيقية بشأن الاستخدامات المستقبلية لهذه التكنولوجيا، لذلك تفاوضت نقابتنا على إجراءات الحماية. وشمل ذلك إشعاراً مسبقاً قبل إدخال التكنولوجيا الجديدة، ما أعطى النقابة وقتاً لفهم قضايا تتعلق بالوظائف، وأمن الدخل، والصحة والسلامة، وتدريب الموظفين، والتعيينات، والتفاوض بشأنها. وحصلت العديد من النقابات الصناعية الأخرى على نفس الالتزامات.

وبالمثل، وعلى مدى العقود القليلة الماضية، قامت النقابات في بعض الحالات بالحد من تجاوزات الإدارة الخوارزمية، التي تعمل على تسريع وتيرة الإنتاج من خلال خلق بيئات عمل تعتمد على البيانات الكبيرة. ولمواجهة أهداف الإنتاج غير الواقعية وغير الآمنة في كثير من الأحيان تفاوضت العديد من النقابات على فرض قيود على نظم المراقبة والحماية.

وبالمضي قدماً إلى يومنا هذا، نجد العمال ونقاباتهم، وفي بعض الحالات، مجالس العمل، يطالبون بالعديد من هذه المطالب نفسها فيما يتعلق بالذكاء الاصطناعي.

وأدى التقديم السريع للذكاء الاصطناعي التوليدي خلال العام الماضي إلى إطلاق وعود مذهلة حول جعل العمل أفضل وأكثر إنتاجية في العديد من القطاعات، لذا ليس من المستغرب أن يتحدث العمال ونقاباتهم علناً عن مخاوف مشروعة بشأن مستقبل التوظيف في المناطق التي من المحتمل أن تتأثر بالجيل الجديد من الذكاء الاصطناعي.

والواقع أن العاملين في مجالات الإعلام والرعاية والاتصالات وخدمة العملاء وغيرها يضعون أنفسهم الآن في قلب هذه المناقشة.

وكان أعضاء نقابة الكتاب الأمريكية التابعة لاتحاد «يوني» العالمي، أول النقابات العمالية التي احتجت على استخدام الذكاء الاصطناعي التوليدي. وبعد ما يقرب من 150 يوماً من الاعتصام وقّعوا اتفاقية لحماية نزاهة مهنة الكتاب وضمان تعويضاتهم خلال هذه الفترة من التجارب.

كما أن الاتحاد الأمريكي لفناني الراديو والتلفزيون «ساج أفترا» أنهى مؤخراً إضراباً طويلاً بشأن استخدام الذكاء الاصطناعي التوليدي لإنتاج مجسمات رقمية للممثلين من دون حصولهم على تعويضات. وقد رددت نقابات إعلامية أخرى المطالبة باتباع نهج شفاف يدور حول الإنسان، وشددت على أن الذكاء الاصطناعي يجب أن يكون «أداة» تكمل العاملين الحاليين في هذه المهنة.

وتتضمن إحدى الدراسات الكبيرة في العالم حول استخدام الذكاء الاصطناعي التوليدي في مراكز الاتصال أن هذه التقنية الجديدة ساهمت في تخفيض أوقات الاتصال بنسبة 14%، وتحسين رضا العمال، خاصة بالنسبة للوكلاء ذوي المهارات المنخفضة.

ولكن تظل هناك أسئلة رئيسية: هل سيحصل العمال على أجور أعلى لأنهم أصبحوا الآن قادرين على الرد على المزيد من المكالمات؟ وهل سيصبح العمل أكثر إرهاقاً؟

سيتم تحديد الإجابات إلى حد كبير من خلال ما إذا كان العمال قادرين على التفاوض وممارسة السلطة على طاولة المفاوضات.

وخلافاً لما هو عليه الحال في العديد من البلدان، فإن تأثيرات التكنولوجيا تشكل «موضوعاً إلزامياً» للمساومة في الولايات المتحدة، وهناك تاريخ طويل من المساومة بشأن هذه المواضيع. لكن الأمر التنفيذي في حد ذاته لا يعالج العقبات الكبيرة التي تحول دون إنشاء علاقة مفاوضة جماعية في الولايات المتحدة، أو حقيقة مفادها أن عدداً قليلاً جداً من العمال قادرون على ممارسة حقوق المساومة هذه.

وبالفعل، يشير قانون الاتحاد الأوروبي الجديد بشأن الذكاء الاصطناعي إلى هذه القضية من خلال إلزام الشركات بالتحلي بالشفافية مع العمال وممثليهم بشأن إدخال الذكاء الاصطناعي. ويظل الباب مفتوحاً لإضافة المزيد من التشريعات التنظيمية بشأن هذا الموضوع، ومن المتوقع أن تضغط الاتحادات الأوروبية من أجل تعزيز التزام أكثر قوة لتمكين التفاوض بشأن التكنولوجيا.

إن الحكم على نجاح الذكاء الاصطناعي التوليدي فقط من خلال مقاييس الإنتاجية والأرباح غير كاف. ولا ينبغي الترحيب بالتوقعات بإضافة 7 تريليون دولار سنوياً إلى الاقتصاد العالمي أو تعزيز أرباح الشركات بمقدار 4.4 تريليون دولار باعتبارها انتصارات إذا كانت تؤدي فقط إلى تضخيم فجوة التفاوت القائمة، وزعزعة استقرار الديمقراطيات، وتدهور جودة الوظائف.

يجب علينا أن نتأكد أن الذكاء الاصطناعي يفيد الجميع، وأن ضمان تعزيز قدرة العمال على المساومة هو السبيل لتحقيق ذلك.

* الأمينة العامة لاتحاد «يوني» العالمي (المنتدى الاقتصادي العالمي)

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
http://tinyurl.com/4cry7f2n

عن الكاتب

الأمينة العامة لاتحاد «يوني» العالمي (المنتدى الاقتصادي العالمي)

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"