سؤالان حول الحرب على غزة

00:11 صباحا
قراءة دقيقتين

سؤالان يفسران لنا ما يجري في غزة من حرب شاملة هدفها الأساسي تدمير حماس والقضاء على بنيتها العسكرية. فالهدف أوسع وأشمل، ويتعلق بتصفية القضية عبر اغتيال شعب وتشريده بالكامل من أرضه وتشتيته، وهذا يتوافق مع الفكرة الصهيونية القومية الدينية التي تقوم عليها الحكومة الإسرائيلية الحالية.

السؤالان: لماذا قامت إسرائيل الدولة ولم تقم حتى الآن الدولة الفلسطينية رغم توفر كل مقومات هذه الدولة من شعب له حقوقه التاريخية وهويته الوطنية وقرارات الشرعية الدولية وأساسها القرار 181 الأممي الذي نص على قيام دولتين واحدة يهودية على مساحة تقارب 55% من أراضي فلسطين التاريخية، والأخرى عربية حوالى 44%، مع وضع دولي للقدس؟ يبقى هذا القرار له أساسه الشرعي ولا يُلغي بالتقادم.

رغم ذلك، لم تقم هذه الدولة حتى الآن، والسبب الرئيسي هو الاحتلال الإسرائيلي المستمر، وما يصاحبه من استيطان وتهويد في جميع الأراضي بما فيها الأراضي المخصصة للدولة الفلسطينية على حدود 1967، أي ما يعني قبولاً فلسطينياً بدولة على مساحة تقل عن الدولة المخصصة بموجب القرار المذكور، أي 20%. ورغم ذلك لم تقبل إسرائيل حتى بهذه الدولة الصغيرة، وتعلن صراحة عدم السماح بقيام الدولة الفلسطينية تحت ذرائع ومبررات تحكمها القوة والرؤية الصهيونية الدينية القومية لإسرائيل كدولة، وهو ما يعني تهجير وتفريغ الأرض من سكانها. ولعل هذا أحد أهداف الحرب على غزة الآن من خلال اغتيال الشعب لدفعه إلى الهجرة وتصفية القضية الفلسطينية.

الملاحظة الثانية، هي أن هذه الدولة ما كان يمكن أن تقوم من دون التحالف بين الحركة الاستعمارية والحركة الصهيونية، بدءاً من وعد بلفور ووضع فلسطين تحت الانتداب البريطاني وفتح أبواب للهجرة لليهود بمساعدة بريطانية ثم بالتحالف مع للولايات المتحدة.

الملاحظة الأخرى تتعلق بالموقف الأمريكي والأوروبي من قيام الدولة الفلسطينية، فعلى الرغم من أن هناك 139 دولة أعضاء في الأمم المتحدة اعترفت بفلسطين دولة مراقب، فإن الولايات المتحدة وأوروبا لا تعترفان بها، ما يمنح إسرائيل غطاءً سياسياً لاستكمال عمليات الاستيطان والتهويد للأرض الفلسطينية.

يذكر أنه حتى العام 1917 كان عدد اليهود في فلسطين 4%، وفى عام 1937 ارتفع بفعل الهجرة إلى 32%، في حين كان عدد العرب 68%، ولعل هذا السبب في عدم قبول قرار التقسيم وطرح فكرة الدولة الواحدة منذ ذلك الوقت.

في كتاب الدكتور علي الدين هلال «تكوين إسرائيل - دراسة في أصول المجتمع الصهيوني» وغيره من الدراسات، أن مقولة «أرض بلا لشعب لشعب بلا أرض» احتاجت لترجمة بالهجرة، كما النكبة الأولى، وكما نرى اليوم من محاولة لتكرار هذه النكبة في غزة وتهجير أكثر من مليوني نسمة وبنفس منهاج المجازر التي ترتكب. والهدف الرئيسي هو السيطرة على الأرض وتفريغها من سكانها. وهذا هو هدف الحكومة الإسرائيلية اليوم التي تضم متطرفين أمثال بن غفير وسموتريتش.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
http://tinyurl.com/mr2bb7c9

عن الكاتب

أكاديمى وباحث فلسطيني في العلوم السياسية متحصل على الدكتوراه من جامعة القاهرة كلية الاقتصاد والعلوم السياسية، ومتخصص في الشأن السياسى الفلسطيني والخليجي و"الإسرائيلي". وفي رصيده عدد من المؤلفات السياسية

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"