عادي
ذكراه حاضرة في وجدان محبيه وكل من عرفه

بالفيديو | عبد الله عمران.. عقد على رحيل فارس الكلمة

01:19 صباحا
قراءة 6 دقائق
Video Url
محمد بن زايد وعبد الله عمران

إعداد - جيهان شعيب:

تمضي الأعوام، واحداً تلو آخر، ويوافق اليوم مرور 10 سنوات على وفاة القومي العروبي الدكتور عبد الله عمران تريم، فارس الكلمة.. رجل السياسة والإعلام، الذي صعدت روحه إلى بارئها في 30 يناير / كانون الأول 2014، لتبقى ذكراه حاضرة بقوة في وجدان محبيه وتلاميذه وكل من عرفه، إذ ليس لغياب هذا الرجل، رحيل من الأعين والآذان والقلوب، أو اندثار من وجدان أصدقائه ومحبيه ومرافقيه ومن عايشوه، لا سيما أنه كان يُباري الطيبة طيباً، وتواضعاً، وثقافةً، وفكراً، ورفعةً ودماثة أخلاق، وقبل هذا وذاك كان يحمل وداً غامراً، لكل من حوله، فاعتز به الجميع، وقوبل باحترام وتقدير كبيرين.

دوماً تظل ذكرى الكبار موثقة للأبد في سجلات القلوب، لتشهد على كل ما كان منهم، من طيب أفعال، وأعمال، ورقي مواقف، وجود عطايا، خاصةً أنهم على مدار تاريخ وجودهم، الذي كانت تحتضنه الحياة، كانوا ملء الأماكن، على اتساعها، وهكذا الراحل د.عبد الله عمران، مع شقيقه الراحل تريم عمران تريم، رحمهما الله، وتشهد أركان إمارات الخير بمواقفهما الوطنية الراسخة، ودورهما الذي كان مشهوداً في تأسيس الاتحاد، حيث كانا ضمن الوفد الرسمي لإمارة الشارقة في المفاوضات التي سبقت الاتحاد السباعي، وطالبا حينها بتوحيد إمارات الخليج التسع، عقب خروج الاحتلال البريطاني، مطلع سبعينات القرن الماضي.

محمد بن راشد يسلم عبد الله عمران جائزة الصحافة العربية لشخصية العام في دورة 2009

وحين ظهرت صعوبة قيام الاتحاد التساعي، كانا في مقدمة المنادين بإقامة الاتحاد السباعي، الذي أضحى اليوم دولة الإمارات، وقال تريم عمران حينذاك: «عندما شعرنا بأنه لن يتفق على اتحاد تساعي، طلبنا أن يضم الاتحاد الإمارات السبع، وقلنا فليكن سباعياً، لأن المنطق والواقع يُشيران إلى أن إمارات المنطقة كلها بيوت متجاورة»، فضلاً عن ذلك أسس الراحلان، وقادا مسيرة مؤسسة «دار الخليج للصحافة والطباعة والنشر» التي تولّى الدكتور عبد الله عمران، رئاسة مجلس إدارتها، عقب وفاة شقيقه تريم عمران في 16 مايو أيار 2002.

كلمات كبيرة

لا تزال الذاكرة تلتمع بكلمات وفاء من كبار رجالات الدولة عن الراحل الكبير د. عبد الله عمران، الذي حينما وافته المنية، ودفن في مقبرة جبيل في الشارقة، شملت الجميع حالة من الحزن العميق عليه، كانت مغلفة بصدمة كبيرة لرحيله المفاجئ، وحينذاك نعاه صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة، رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، «رعاه الله»، بقوله: «لقد فقدت بأبي خالد أخاً عزيزاً وصديقاً وفياً عرفت فيه مكارم الأخلاق، وشجاعة الرأي، وصفاء النية، وصدق الانتماء لوطنه والإخلاص لقيادته (...)، ويحسب لفقيدنا الراحل عطاؤه الوطني المتواصل منذ بواكير شبابه، سواء في العمل الحكومي الذي تقلد فيه أرفع المناصب، وأدى أجل المهمات، أو في عمله الإعلامي الذي حمل الاتحاد في قلبه، وأنجز مؤسسة صحافية مرموقة على الصعيدين الوطني والعربي».

سلطان وعبد الله عمران

مسيرة عطرة

بالنظر في سيرة ومسيرة الراحل الدكتور عبد الله عمران تريم، نجد أنه وُلد في إمارة الشارقة عام 1948، وتنقل ما بين مدارس الشارقة والكويت لتلقي تعليمه الابتدائي والإعدادي والثانوي، ثم انتقل إلى جمهورية مصر العربية، للدراسة الجامعية في كلية الآداب جامعة القاهرة، فحصل على ليسانس في التاريخ، فضلاً عن حصوله عام 1986على شهادة الدكتوراه في تاريخ قيام دولة الإمارات العربية المتحدة من جامعة إكستر البريطانية.

ولمدة عامين وفي ثانوية العروبة بالشارقة، عمل الراحل بالتدريس، ثم أضحى من 1968 إلى1971 مديراً لإدارة معارف الشارقة، بعد ذلك شارك في عضوية فريق المفاوضات التساعية والسباعية لإقامة دولة الاتحاد، وتقديراً لدوره في المفاوضات، جرى تكليفه بتولي حقيبة وزارة العدل في أول حكومة اتحادية 1971- 1972، ثم عُين وزيراً للتربية والتعليم بين عامي 1972-1979، وكلّفه حينذاك المغفور له بإذن الله الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، «طيّب الله ثراه»، بتأسيس جامعة الإمارات، فكان أول رئيس أعلى لها، وكان دوره مميزاً في وضع العديد من المناهج، التي ضمنها تعزيز الهوية الوطنية، وتكريس تاريخ المؤسسين الأوائل وتراث الإمارات، علاوة على سعيه لمحو الأمية، وتعليم الكبار، ومحاربة الدروس الخصوصية، وغير ذلك.

نهيان بن مبارك وعبد الله عمران

البنية التشريعية

في عام 1990 عاد د. عبد الله عمران ثانيةً لتولي حقيبة وزارة العدل حتى عام 1997، وخلال تلك الفترة صاغ تشريعات عدة، أثرت بنية الدولة التشريعية، وعمل على تطوير سير إجراءات التقاضي، وتعزيز الوعي القانوني بين أفراد الدولة، وتكريس مبدأ القضاء العادل، المستند على مصداقية وشفافية، ما أكسبه الثقة بين جموع المواطنين، وحظي بمكانة مجتمعية رفيعة لجهوده الوزارية المتميزة، التي تضافرت بالوطنية الحقة، الداعمة للاتحاد من الجوانب كافة.

وخلال تلك الفترة عمل مع نخبة بارزة ومقدرة من رجالات الدولة، حيث رافق الشيخ حمدان بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس مجلس الوزراء ووزير المالية في أول حكومة، وصاحب السموّ الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، الذي كان يشغل منصب وزير الدفاع في ذلك الوقت، والشيخ مبارك بن محمد آل نهيان وزير الداخلية، وأحمد خليفة السويدي وزير الخارجية.

عبد الله عمران مع أخيه تريم

تأسيس «الخليج»

يأتي تأسيس جريدة «الخليج» عام 1970، بمنزلة المرحلة الفارقة في مسيرة الراحلين تريم عمران ود.عبد الله عمران، وتتلخص القصة في أنهما عقب عودتهما من القاهرة عام 1968، وكانا ضمن الوفد الرسمي لإمارة الشارقة في المفاوضات التي سبقت قيام الاتحاد، ففكّرا في العمل الصحفي، بإصدار مجلة سياسية شهرية هي «الشروق»، ولعدم وجود مطابع مؤهلة في الشارقة والإمارات المتصالحة، اختارا الناشر الكويتي فجحان هلال المطيري، الذي كان يماثلهما قومية الفكر العربي، ويمتلك مطبعة حديثة مع زوجته غنيمة المرزوق، ويصدران مجلة أسرية باسم «أسرتي»، ووافق المطيري على طباعة مجلة «الشروق» للشقيقين، فكان تريم عمران يحمل في الأسبوع الأخير شهرياً، المادة الصحفية ل «الشروق» التي تُكتب في الشارقة إلى الكويت، ويعود بها مجلة مطبوعة.

عبد الله عمران وخالد عبد الله عمران

ومع النجاح الذي حققته «الشروق»، فكر الشقيقان في إصدار صحيفة، «الخليج»، التي وُلدت يوم التاسع عشر من أكتوبر عام 1970 إلا أنها ماثلت «الشروق» في الظروف الصعبة التي واجهتها، وإن جاءت التحديات التي خاضتها «الخليج» أكثر تعقيداً، حيث كان منها تحديات مهنية، وسياسية، وحروب عدة، ومنها كلفة كبيرة جراء إصدارها في الكويت، وشحنها بالطائرة يومياً إلى الشارقة، لكنهما أصرّا على استقلاليتها، ولكن مع انشغال تريم عمران الذي توّلى سفير الإمارات العربية المتحدة في القاهرة، ومندوبها الدائم لدى الجامعة العربية، ود. عبد الله عمران بحقيبة وزارة العدل والتربية، وما إلى ذلك، توقفت جريدة الخليج عن الصدور في فبراير 1972، ثم عاودت الصدور في عام 1980.

عبد الله عمران ويوسف الحسن

وتناولت «الخليج» على مدار مسيرتها الكثير من القضايا الشائكة، والملفات الساخنة، وعمل الدكتور عبد الله مع أخيه على تطويرها فأصدر مطبوعات أخرى أسبوعية وشهرية، بلغت في مجملها ست مطبوعات، تم ضمها جميعاً تحت لواء مؤسسة دار الخليج للصحافة والطباعة والنشر، وتولى الدكتور عبد الله قيادة المؤسسة مع أخيه المرحوم تريم إلى أن توفي شقيقه في 16 مايو 2002، ليتولى بعدها رئاسة مجلس إدارة دار الخليج للصحافة والطباعة والنشر، بعد وفاة شقيقه

أداءات رفيعة

قدم الدكتور عبد الله العديد من المؤلفات حول قيام دولة الإمارات العربية المتحدة وحول قضايا أخرى مثل التعليم والتنمية، علاوة على مقالات فكرية وسياسية عدة.

شارك في الكثير من الندوات والمؤتمرات المحلية والإقليمية والدولية في مراكز الأبحاث المتنوعة، وكان عضواً فاعلاً في الكثير من مراكز الأبحاث، والدراسات، والمنتديات الفكرية والاقتصادية والسياسية العربية والمحلية.

عبد الله عمران في أحد مؤتمرات «الخليج» السنوية

اختير شخصية العام الإعلامية 2009 لجائزة الصحافة العربية في دورتها التاسعة خلال حفل ختام منتدى الإعلام العربي، وتسلم جائزته من صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم راعي الحفل، تقديراً لعطاءاته، وخدمته للصحافة الإماراتية خاصة، والعربية عامة.

ترأس مجلس إدارة مؤسسة تريم عمران للأعمال الثقافية والإنسانية، التي من أهم أنشطتها مركز تريم عمران للتدريب والتطوير الإعلامي، الذي توّلى تدريب مئات الإعلاميين في مجالات متنوعة على مدى السنوات.

جائزة تريم وعبد الله عمران للصحافة

ترأس الدكتور عبد الله عمران تريم مجلس إدارة مركز الخليج للدراسات، وكذلك مجلس إدارة مؤسسة تريم عمران تريم للأعمال الثقافية والإنسانية، له مؤلفات عن قيام دولة الإمارات العربية المتحدة، والتعليم والتنمية والكثير من المقالات الفكرية والسياسية

وتأسست الجائزة في الشارقة في دولة الإمارات العربية المتحدة عام 2003 باسم «جائزة تريم عمران الصحفية» بدعم وتنظيم مؤسسة تريم عمران للأعمال الثقافية والإنسانية وتهدف إلى تشجيع وتكريم الكتاب والصحفيين العاملين في الصحافة المحلية الإماراتية، واستمرت الجائزة في دوراتها، تمنح الجوائز للصحفيين في الفئات المختلفة، وبوفاة الدكتور عبد الله عمران تريم في 30 يناير 2014، ووفاء وتكريماً له، أصبح اسم المؤسسة التي تدعم الجائزة «مؤسسة تريم وعبد الله عمران للأعمال الثقافية والإنسانية» التي يرأس مجلس إدارتها خالد عبد الله عمران وأصبح اسم الجائزة «جائزة تريم وعبد الله عمران الصحفية».

علاقة استثنائية

كانت علاقة الشقيقين تريم عمران ود. عبد الله عمران، رحمهما الله، استثنائية المفردات، عميقة المضامين، ووثيقة العرى، وكانا متلاحمين فكراً، ورُؤى، وآراء، وحين رحيل تريم عمران عام 2002، سكن الحزن قلب شقيقه د. عبد الله عمران، وتوالت كلماته عنه، فعقب عام من وفاة تريم، كتب عنه «أحتاجك يا تريم أكثر من أي وقت مضى، أحتاجك قدوة، وأباً، وأخاً، وصديقاً، أحتاجك حركة وعي في وعي، وفي فقداني لحس البواعث، نعم وحدك من يشجعني الآن على ألا أفقد هذا الحس، نم هنيئاً في ملعبك النوراني يا أبا نجلاء، نم بكامل قيافتك، وعذوبتك، وإيمانك الكبير بربك».

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
http://tinyurl.com/4ebdxtc5

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"