عادي
عبدالله عمران.. 9 سنوات على الرحيل

الخليج.. مواقف شجاعة وثوابت راسخة

00:52 صباحا
قراءة 4 دقائق
  • انطلقت في 19 أكتوبر 1970 وخرجت ذائعة الصيت قوية الحضور
  • واجهت تحديات مهنية وسياسية ولم تحد يوماً عن مواقفها
  • اعتمدت المصداقية والجرأة وتصدر عنها مطبوعات متنوّعة
  • تحمل هموم العرب ومشكلاتهم، وتوقهم إلى الوحدة

عندما فكر الراحلان تريم عمران تريم وشقيقه عبدالله عمران تريم، رحمهما الله، في تأسيس منبر إعلامي قوي في الشارقة، يكون الصوت المعبر عن قضايا أهلها، ومنطقة الخليج كلها، لم يكن الأمر هيناً، أو ممكناً، ولم يكن متقبّلاً بسهولة من القائمين على تسيير الشؤون المجتمعية آنذاك، بالسماح لبوق صحفي، يكشف هذا الأمر أو ذاك، من مجريات الواقع المعيش، بل ويندد ويشجب، ويطالب بحلول، أو يطرح رؤى ووجهات نظر.

ولكن بالإرادة، والتصميم، وبقرار لا يقبل التراجع، أو مجرد التردد، قررا المضي قدماً في تحقيق حلمهما الكبير، مع تحمّلهما التبعات كافة، في ضوء إصرارهما على النجاح، رغم ما كان يراه عدد من أصدقائهما ومعارفهما، من أن ذلك صعب عليهما، في ضوء انتكاسات قد تعرقلهما، أو إحباطات قد تطيح بمشروعهما، ولكنهما ثابرا وتحمّلا، وتقدما والأمل يحدوهما، فكانت جريدة «الخليج»، التي خرجت بازغة الصيت، قوية الحضور منذ يومها الأول، في 19 أكتوبر عام 1970، ولاتزال.

في التفاصيل عن قصة الجريدة التي اعتمدت الصدقية، والجرأة والشجاعة، التي تطورت لاحقاً إلى مؤسسة دار «الخليج للصحافة والطباعة والنشر».

وعقب عودة تريم وعبدالله عمران، من القاهرة عام 1968، وقبيل قيام الاتحاد، فكّرا في العمل الصحفي، وكانا قبل ذلك أصدرا «الشروق»، وهى مجلة سياسية شهرية، كانت تطبع في الكويت، لعدم وجود مطابع مؤهلة في الشارقة والإمارات المتصالحة، وكانت المادة الصحفية التي تكتب في الشارقة، بالأسبوع الأخير شهرياً، تنقل إلى الكويت، وتعود مجلة مطبوعة. ومع النجاح الذي حققته المجلة، جاء التفكير في «الخليج»، التي مرت بالرحلة نفسها لمجلة «الشروق» من تجهيز المادة الصحفية في الشارقة، إلى طباعتها في الكويت.

1
احتفال الخليج في ذكري صدورها

عراقيل ومنغصات

وواجهت «الخليج» الكثير من العراقيل والمنغصات، منها مطالبات للحكومة الكويتية من أصحاب صحف في الكويت، بوقف إصدارها، لخشيتهم منها، وبالفعل توقفت «الخليج»، و«الشروق» عن الصدور بعد عام ونصف العام على صدورهما، بسبب الكلفة المادية الكبيرة، وإصرار تريم وعبدالله عمران، على تجنّب تمويلهما من جهات تحيطها الشبهات، كما تعرضت للكثير من التحديات المهنية، والسياسية، عند خروجها للنور إلا أنها لم تحد يوماً عن مواقفها.

تحديات مختلفة

كما واجها تحدياً من الناحيتين اللوجستية أو السياسية، حيث لم يكن هناك مجال لطبع الصحيفة إلّا خارج الإمارات، كما أن الضغوط البريطانية جعلت المهمة مسيرة شاقة ومرهقة، فضلاً عما تسببت فيه من إزعاج شاه إيران، لتأكيدها عروبة الخليج، والجزر الإماراتية، فحاول إغراءهما بالمال، لعلمه بالكلفة الكبيرة التي يعانيها جرّاء إصدارها في الكويت، وشحنها بالطائرة يومياً إلى الشارقة، لكنهما رفضا، وأصرّا على استقلاليتها.

كما عانى الشقيقان، رحمهما الله، انزعاج المعتمد البريطاني في الإمارات المتصالحة آنذاك، لجرأة الخطاب القومي للجريدة، فطالب بإغلاقها، لتأثيرها في الجهود التي تبذلها بريطانيا في حل مشكلة الجزر، فردّ أصحاب الجريدة بأن بريطانيا احتلت المنطقة نحو 150 عاماً، وجعلتها في طيّ النسيان، لا تعليم، ولا صحة، ولا خدمات، بحيث أضحت وقتها مناطق متناثرة فقط، يغمرها الفقر والتخلف.

التوقف فالعودة

وفي تلك المرحلة، كانت المساعي تجري لتأسيس دولة الإمارات، فانشغل الشقيقان بها، حيث شاركا في نشاط لجان المفاوضات الخاصة بذلك، وحين قيام الاتحاد كان من الصعوبة بمكان عليهما، الجمع بين مسؤولية إصدار الجريدة، والمهمات الوطنية الجديدة، فتوقفت «الخليج» عن الصدور في فبراير 1972، ومن ثم تولى الدكتور عبدالله عمران مسؤولية وزارة التربية والتعليم، وبعدها وزارة العدل، على مدى ثمانية عشر عاماً، ومن ثم عاود الحنين الأخوين، إلى العمل الصحفي، فعادا إلى إصدار جريدة «الخليج» من جديد عام 1980. وبتوالي تميزها، ونجاحاتها، وإصدارها مطبوعات يومية، وأسبوعية، وشهرية، أضحت «دار الخليج للصحافة والطباعة والنشر» من كبريات المؤسسات الصحفية العربية، والمؤسسات الصحفية في الإمارات، ومنطقة الخليج، والعالم العربي.

وعمل الشقيقان، على مدار السنوات، على تطوير الدار، والنهوض بمكانتها، وتنويع إصداراتها، إلى أن توفي المغفور له، تريم عمران، في 16 مايو 2002، فتولى الدكتور عبدالله عمران، رئاسة مجلس إدارة «دار الخليج»، ومجلس إدارة «مركز الخليج للدراسات» الذي يصدر تقارير سنوية، وكتباً متنوعة، وترأس مجلس إدارة مؤسسة تريم عمران تريم للأعمال الثقافية، والإنسانية.

تقدير مستحق

وفي تقدير مستحق للراحل الدكتور عبدالله عمران، لدوره الإعلامي البارز في المنطقة، ولكونه من أبرز قيادات العمل الإعلامي العربي، على مدى أكثر من أربعين عاماً، اختير شخصية العام الإعلامية 2009، وبعد وفاته أصدر صاحب السموّ الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، مرسوماً بتحويل «مؤسسة تريم عمران للأعمال الثقافية والإنسانية»، إلى «مؤسسة تريم وعبدالله عمران للأعمال الثقافية والإنسانية».

وكان الراحل عبدالله عمران، دائماً ما يؤكد مواقف صحيفة «الخليج»، حيث قال يوماً «ظلت «الخليج» كعهدها على امتداد عمرها تحمل هموم العرب، ومشكلاتهم، وتوقهم إلى التوحّد في خضمّ الأعاصير التي تضرب بكثير من بلدانهم، إدراكاً منها لعظم المسؤولية التي أخذتها على نفسها في إيصال الحقيقة إلى قرّائها، وفي الدفاع عن قضاياهم، وتبنّي طموحاتهم؛ «الخليج» صحيفة اليقين، تستلهم فكر مؤسسها الرمز، والمعلم تريم عمران، رحمه الله، ونستذكر معه عمراً من العطاء، والتضحية، ذاهبة في تحقيق الوعد، إلى حده الأقصى، مستمدة من قِيَمِه الفرصة المتجددة لمواسم الحصاد، ومستلهمة مما غرس، فأينع ثمرة المسؤولية».

الصورة
1
التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/28xmvr9c

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"