عادي

عبدالله عمران.. 8 أعوام على الرحيل وأنت في القلب والوجدان

00:14 صباحا
قراءة دقيقتين

ثماني سنوات مرت على رحيل الدكتور عبد الله عمران تريم، أحد رجالات الوطن الأوفياء، صاحب المنجز العظيم والحضور الكبير، وهو - رحمه الله- كغيره من الكبار الذين عندما نتصفّح أوراق التاريخ ونقرأها نجد أن منجزهم يحتاج إلى مجلّدات، لا لأنهم يختلفون عن غيرهم، بل لأنهم أرادوا أن يكونوا كباراً بأفعالهم ومواقفهم.
مثل هذه الشخصيات تذكرنا دائماً بأن الخدمة الحقيقية هي بذل النفس إلى حدّ التفاني من أجل الآخر، وأن يكون العطاء بغير حدود وبدون مقابل.
عبد الله عمران من كبار من تحمّلوا المسؤولية التاريخية والأمانة في الكتابة، لأن ما يخلفه الكاتب من نتاج فكري هو صحيفة أعمال وسيرة ذاتية تظل مرافقة له، فقد كان مسكوناً بمحبة الوطن ومحبة الإنسان الذي ينتمي إليه، والمتمسّك بالقيم.
اليوم لا نتذكّر إنساناً عادياً، بل رمزاً من رموز الإمارات، ورمزاً من رموز الوطن العربي، لأنه من صنّاع التاريخ وحرّاسه، والمحافظ على القيم والمبادئ التي تسهم في رقيّ الشعوب ورفعتها، وتضعهم على الطريق الصحيح لبلوغ التطور الإنساني والحضاري.
لا نستطيع أن ننطق بتلك الكلمة المؤلمة «ذكرى وفاة»؛ فالوجدان والمشاعر والأحاسيس، والسيرة العطرة التي ضمّخ بها كل من عرفه، لا تكاد تصدّق أنه رحل.. إنّه لم يرحل إلّا جسداً، وهذا قدر الله وإرادته اللذان لا رادّ لهما، أما تلك السنوات الست والستون التي ملأ بها وجدان الذين تعاملوا معه، من قرب، أو بوسائل أخرى، فهي راسخة باقية بما تركه، رحمه الله وأسكنه فسيح جنّاته.
عبد الله عمران غاب عنّا قبل ثماني سنين، هذا الغياب الذي فجعنا، لأنّه كان داهماً مفاجئاً، ولأنّ الراحل كان في أوج عطائه وإبداعه.. هذا الرجل الذي لم يعرفه أحد، إلّا أشاد بمناقبيّته وأخلاقه العالية ودماثته، وسخائه في كلّ المهام التي اضطلع بها، منذ شبابه الأوّل، ثم عمله مدرساً، وتعيينه مديراً للمعارف في الشارقة، لنحو ثلاث سنوات.
والمهام الجسام التي أوكلت إليه لم تأتِ إلّا لثقة قيادة الدولة بهذا الرجل وحصافة رأيه وحنكته، فالوزارتان اللتان شغلهما من الوزارات التي تشكّل فارقاً مهماً في حياة الناس جميعاً، فالعدل أساس الملك، والتـــربيـــة أســـاس التقــــدّم والحضـــــارة.
أمّا المنجز الذي وصلت تأثيراته إلى الوطن العربي كله، فكان هذا المشروع السياسي والثقافي المعرفي والتنويري.. تأسيس جريدة الخليج، التي شيّد صرحها مع شقيقه الراحل تريم عمران تريم رحمه الله.. وقد احتفلنا بيوبيلها الذهبي قبل مدة وجيزة، وكم كان الراحلان، لو قُدّر أن يكونا بيننا، سيسعدان بهذا الاحتفال، وهذا الوسام.
ذكراك ستبقى تعطّر أيامنا، لأنها لم تمحَ، ولن تمحى عبر الأيام والسنين..
«دارك» تحنّ إلى كبيرها ومدبر شؤونها.. لكننا على طريقك سائرون، وبهدي أفكارك مستمرّون.. ونسأل الله العليّ القدير أن يغمرك بواسع رحمته، ويسكنك فسيح جنّاته.

1
التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"