القاهرة: «الخليج»
كان ألبير كامو يقول: «كل ما أعرفه في حياتي من أخلاق والتزامات الرجال أنا مدين به لكرة القدم» وتعبر هذه الجملة عن أهمية ممارسة كرة القدم وتأثيرها في تكوينه الإنساني والأخلاقي، بل يمكننا أن نقول إن لها تأثيراً ثقافياً كذلك، كما اتضح أن كامو (1913 – 1960) كانت لديه فرصة جيدة لأن يكون حارس مرمى لأحد فرق الهواة خلال فترة المراهقة في الجزائر، قبل أن يستقر في فرنسا ويهب نفسه للأدب والفلسفة.
على الرغم من أن كامو لم يربط بين علاقة الرياضة بالمرحلة التعليمية، فإنه يمكن القول إن المدرسة هي التي أتاحت له تبوؤ مكانة اجتماعية وثقافية مرموقة، وتفيد التقارير أن الروائي أوزفالد دي أندرادي استقبل كامو خلال زيارته القصيرة للبرازيل في عام 1949 وهو الحدث الذي أثار الرأي العام في مدينة ساو باولو إذ كان كامو مهتماً بزيارة أحد الملاعب البرازيلية.
ويمكن التكهن بأن زيارة كامو الغريبة قد تكون مرتبطة بالمكانة الدولية التي اكتسبتها كرة القدم البرازيلية، وذلك لأن المنتخب البرازيلي أثار إعجاب الصحفيين الفرنسيين في نسخة كأس العالم التي أقيمت في فرنسا عام 1938.
الفكرة الأساسية تكمن في أن كرة القدم تعد ميداناً أخلاقياً، يمكن من خلاله تعلم الحقوق والواجبات، وترسيخ القيم وتعاليمها، بالإضافة إلى ممارسة التعاليم التي تجعل الأفراد مميزين طيلة حياتهم، وهذا الكتاب الصادر عن دار العربي للنشر والتوزيع بعنوان «علم كرة القدم البرازيلية فنون المراوغة وأساسيات التدريب» عمل جماعي، ثمرة جهود أكثر من 12 رجلاً، قدموا فيه أفكاراً أصيلة.
كما أن أفكاره نظرية وعملية، ويتميز بالأصالة في ظل تضاعف أعداد الكتب التي تتحدث عن كرة القدم في البرازيل خلال السنوات الأخيرة، ولا يوجد اختلاف ملحوظ بين هذه الكتب.
هذا الكتاب بمثابة دراسة تفصيلية ومرجع قوي لكل من له علاقة بكرة القدم بدءاً من المشجع وحتى اللاعب والمدرب في مختلف الأندية والمؤسسات التعليمية وعند الحديث عن كرة القدم لن تجد أفضل من التجربة البرازيلية في فهم أسس وجوانب كرة القدم، تلك الدولة اللاتينية التي تعد من أكبر مصدري المواهب حول العالم في هذا المجال، والتي تعد كرة القدم جزءاً بارزاً من هويتها الوطنية، وصاحبة المنتخب الوحيد الذي لم يغب حتى الآن عن أي نسخة من المونديال، وصاحب أكبر عدد من مرات الفوز بلقب المونديال.
يتناول الكتاب عدة مواضيع متعلقة بمجال كرة القدم، فنرى نشأة اللعبة وتطورها على مدار التاريخ، وكيف يمكن لها أن تؤثر في ثقافة المجتمع وتطور مظاهر التشجيع، وأبرز لحظاتها في كأس العالم منذ الثلاثينات حتى القرن الواحد والعشرين.
يناقش الكتاب التحديات التي تواجه كل من يعمل في كرة القدم، وخاصة الصعوبات التي تواجه أبرز نجومها، في مسيرة احترافهم، ثم يتناول مشكلة العنصرية التي نشأت بين جماهير كرة القدم والعنف المصور في عدة مباريات.
كذلك يناقش الكتاب إلى أي مدى تهيمن الذكورية على كرة القدم في بعض المجتمعات، وتأثيرها في الأعمال الدرامية والسينمائية، وأيضا أهمية كرة القدم في تطور الألعاب الالكترونية.
وفي النهاية يتناول الكتاب إمكانية ترسيخ تعليم كرة القدم في مختلف المؤسسات التعليمية، كل هذا مع أمثلة تطبيقية من المجتمع البرازيلي، لتشارك أفكارك مع غيرك من عشاق الساحرة المستديرة.
