ريادة الأعمال بروح الابتكار (1- 2)

22:14 مساء
قراءة 4 دقائق

حليمة العويس *

ارتقت دولة الإمارات، المعروفة باقتصادها القوي وبيئة أعمالها الديناميكية، على سلم الازدهار العالمي سريعاً بفضل مساهمات الشركات العائلية. وفي عصر يتسم بالتقدم التكنولوجي السريع، يواجه مشهد الأعمال التقليدية منعطفاً حاسماً.

وتكتسب الدعوة إلى ريادة الأعمال القائمة على الابتكار زخماً قوياً كمحفز لإعادة تشكيل الاقتصادات المستقبلية للأسواق التقليدية مثل دولة الإمارات. ومن المرجح تحويل 200 مشروع تجاري عائلي إلى شركات كبرى بحلول عام 2030، بقيمة سوقية تتجاوز 150 مليار درهم (40.84 مليار دولار).

يسلط هذا المقال الضوء على التحديات والفرص المرتبطة بتحويل أفكار الأعمال التقليدية الناجحة إلى مشاريع أكبر حجماً ومتقدمة تقنياً، من خلال التركيز على دور الشركات العائلية في عملية التغيير المرتقبة. ووفقاً لبيانات وزارة الاقتصاد، فإن ما يصل إلى 90 في المائة من الشركات الخاصة في الدولة هي شركات عائلية، يعمل فيها أكثر من 70 في المائة من القوى العاملة في القطاع وتساهم بحوالي 40 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي.

وشهدت دولة الإمارات نمواً اقتصادياً كبيراً على مر السنين، ويعزى جزء كبير منه إلى الشركات العائلية. وكانت هذه الشركات جزءاً لا يتجزأ من عملية التنمية في اقتصاد البلاد، حيث ساهمت بشكل كبير في الناتج المحلي الإجمالي. وتهدف المبادرة الإماراتية الجديدة إلى مضاعفة مساهمة الشركات العائلية في الناتج المحلي الإجمالي إلى 320 مليار دولار بحلول عام 2032. ومع تطور المشهد الاقتصادي، هناك حاجة ملحة لإشراك أصحاب الشركات التقليدية والعائلية في جهود الاستعداد للاقتصادات المستقبلية.

برزت دولة الإمارات العربية المتحدة في السنوات الأخيرة، كقوة اقتصادية عالمية، حيث شهدت نمواً ملحوظاً في مختلف القطاعات. وكان الدافع الجدير بالملاحظة لهذا التوسع الاقتصادي هو المساهمة الكبيرة للشركات العائلية في الناتج المحلي الإجمالي. وتلعب هذه الشركات التي تديرها عائلات دوراً محورياً في تشكيل المشهد الاقتصادي لدولة الإمارات، الذي يشمل قطاعات مثل العقارات والتمويل والتجزئة. ولم تغذ مرونتها وقدرتها على التكيف مع ديناميكيات السوق المتغيرة عملية التنمية الاقتصادية المحلية فحسب، بل ساهمت أيضاً في وضع دولة الإمارات كلاعب قوي على الساحة الدولية.

ومع استمرار الإمارات في تعقب ومتابعة مشهد اقتصادي سريع التطور، هناك إدراك متزايد لضرورة إشراك أصحاب الشركات التقليدية والعائلية بشكل فعال في التخطيط الاستراتيجي للمستقبل. ويتضمن ذلك تزويدهم بالأدوات والرؤى اللازمة لاحتضان التقدم التكنولوجي، والاستفادة من اتجاهات الأسواق الناشئة، وتعزيز الابتكار في عملياتهم. وتتخذ الحكومة، بالتعاون مع جمعيات الأعمال والمؤسسات التعليمية، تدابير استباقية لتسهيل انتقال الشركات العائلية إلى عصر جديد من الاستدامة الاقتصادية.

ولضمان النمو المستدام للشركات العائلية، هناك ضرورة للمغامرة خارج القطاعات التقليدية وتبني التقنيات الناشئة. وتتيح الصناعات الرئيسية مثل الذكاء الاصطناعي، والتكنولوجيا الحيوية، والتكنولوجيا الزراعية، وعلوم الفضاء، والطاقة المتجددة فرصاً واعدة للتوسع. ومع ذلك، فإن التحول من الصناعات التقليدية إلى الصناعات القائمة على المعرفة يشكل تحدياً كبيراً يتمثل في التردد في اتخاذ المبادرة.

وفي مشهد الأعمال التجارية العالمية سريع التطور، أصبحت القدرة على التكيف مع التقنيات الناشئة ذات أهمية متزايدة لتحقيق النمو المستدام للشركات العائلية. من هنا تواجه الشركات العائلية في دولة الإمارات، التي كانت متجذرة تقليدياً في القطاعات التقليدية، ضرورة تحويلية تتمثل في الحاجة إلى المغامرة بما يتجاوز المألوف وتبني التقنيات الناشئة. وهذا التحول ليس مجرد خيار استراتيجي بل هو شرط أساسي للحفاظ على القدرة التنافسية في عالم يشكل الابتكار القوة الدافعة فيه لتحقيق التقدم الاقتصادي.

يقدم مشهد التقنيات الناشئة عدداً لا يحصى من الفرص للشركات العائلية الراغبة في الخروج من ملعبها الذي ألفته. ويبرز الذكاء الاصطناعي، والتكنولوجيا الحيوية، والتكنولوجيا الزراعية، وعلوم الفضاء، والطاقة المتجددة كصناعات رئيسية لا تعد بالمكافآت المالية فحسب، بل تعد أيضاً بالفرصة للمساهمة بشكل هادف في التقدم المجتمعي والبيئي.

وفي حين أن الفرص المتاحة في التقنيات الناشئة وفيرة، فإن التردد في اتخاذ المبادرة يشكل تحدياً كبيراً للشركات العائلية. وكثيراً ما ينبع هذا التردد من الخوف من المجهول، والتعقيد الملحوظ لهذه التكنولوجيات، وخطر الفشل المحتمل. في بيئة يكون فيها المألوف مريحاً، تتطلب القفزة إلى المجهول تحولاً في العقلية والاستعداد لقبول المخاطر المحسوبة.

استراتيجيات مقاومة التردد:

1- التعليم والتوعية: يعد تزويد أصحاب المصلحة في الشركات العائلية بالتعليم الشامل حول التقنيات الناشئة أمراً بالغ الأهمية. ويمكن لفهم الفوائد والمخاطر والآثار الطويلة الأجل المحتملة لتبني التكنولوجيا، أن يخفف من حدة الشكوك.

2- البرامج التجريبية والاستثمارات الصغيرة: بدلاً من الدخول في استثمارات كبيرة وعالية المخاطر منذ البداية، يمكن للشركات العائلية أن تفكر في البدء ببرامج تجريبية واستثمارات صغيرة الحجم. ويسمح هذا النهج بجس النبض واكتساب الخبرة العملية وبناء الثقة تدريجياً.

3- الشراكات الاستراتيجية: يمكن للتعاون مع اللاعبين المخضرمين أو الشركات الناشئة في قطاعات التكنولوجيا ذات الصلة، أن يخفف من المخاطر ويزود الشركات العائلية برؤى قيمة. ولا ننسى أن الشراكات الاستراتيجية تسهل أيضاً نقل المعرفة وتقاسم الموارد.

4- الحوافز وبرامج الدعم: يمكن للحكومات والاتحادات الصناعية أن تلعب دوراً محورياً في تشجيع الشركات العائلية على تبني التقنيات الناشئة. ومن الممكن أن يؤدي تقديم حوافز مثل الإعفاءات الضريبية أو المنح أو برامج الدعم، إلى تخفيف العبء المالي وتحفيز الابتكار.

5- قصص النجاح ونماذج القدوة: إن عرض قصص نجاح الشركات العائلية التي انتقلت بسلاسة إلى قطاعات التكنولوجيا الناشئة يمكن أن يلهم ويحفز الآخرين. كما أن تحديد نماذج الأدوار داخل كل قطاع يمكن أن يوفر الإرشاد والتوجيه ويقدم الدليل على جدوى مثل هذه المشاريع.

* نائب رئيس المجلس الاستشاري لإمارة الشارقة، عضو مجلس إدارة غرفة تجارة الشارقة، عضو مجلس إدارة بنك الاستثمار، الرئيس التنفيذي لشركة سلطان بن علي العويس العقارية.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
http://tinyurl.com/t3zatc4r

عن الكاتب

نائب رئيس المجلس الاستشاري لإمارة الشارقة، عضو مجلس إدارة غرفة تجارة الشارقة، عضو مجلس إدارة بنك الاستثمار، الرئيس التنفيذي لشركة سلطان بن علي العويس العقارية

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"