وراء الأكمة ما وراءها

00:29 صباحا
قراءة 3 دقائق
كلمة الخليج

ليست صدفة أن تبادر 18 دولة غربية بتعليق تمويل وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين «الأونروا» في اللحظة التي زعمت فيها إسرائيل أن 12 موظفاً فيها لهم علاقة بهجوم يوم السابع من تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، دون أن تتأكد من صحة هذه المزاعم، أو دون انتظار التحقيقات التي بدأتها الوكالة في هذا الخصوص، وكأن في الأمر شبهة مؤامرة تستهدفها وتشارك فيها هذه الدول، وهو ما تسعى إليه إسرائيل منذ عقود لتصفية الوكالة، وبالتالي تصفية القضية الفلسطينية باعتبارها شاهدة على مأساة تهجير الشعب الفلسطيني، وناقوساً يذكّر العالم بأن هناك حقوقاً لهذا الشعب تعمل إسرائيل على وأدها من خلال التهويد والتوسع والعنف والحروب والإبادة.

ما يثير الريبة أكثر أن الولايات المتحدة و17 دولة أخرى تسير في ركابها قررت تعليق مساهماتها رغم اعترافها بأنها لم تحصل على معلومات مؤكدة حول المزاعم الإسرائيلية، ومع ذلك فقد اتخذت قرار تعليق التمويل، بل إن الإدارة الأمريكية قررت توجيه أي أموال مخصصة إلى «الأونروا» إلى وكالات أخرى، مثل برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة، أو منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسيف)، أو غيرها من المنظمات، وهو ما كانت تسعى إليه إسرائيل تماماً بأن يتم نقل مهام الوكالة إلى منظمة دولية أخرى.

لم تنتظر هذه الدول تحقيق الأمم المتحدة للرد على التهم الموجهة إلى الوكالة بعد تشكيل الأمين العام أنطونيو غوتيريش لجنة مستقلة مكلفة بتقييم حيادية «الأونروا»، ولا راعت الظروف الإنسانية الخطرة والظروف المعيشية الكارثية التي يعيشها الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، حيث يعتمد نحو مليوني شخص على الوكالة «من أجل البقاء على قيد الحياة»، وفق المفوض العام ل«الأونروا» فيليب لازاريني الذي أشار إلى أن «عقارب الساعة تتجه نحو مجاعة تلوح في الأفق». بل عمدت هذه الدول إلى اتخاذ قرارها بعد يوم واحد فقط من قرار محكمة العدل الدولية الذي يدعو إلى اتخاذ «تدابير فورية وفعالة لتوفير الخدمات الأساسية والمساعدة الإنسانية التي تشتد الحاجة إليها لمعالجة الظروف المعيشية الصعبة لسكان قطاع غزة»، ما يزيد من الشكوك حول خلفية القرار الذي يبدو أنه ليس بريئاً على الإطلاق.

وبسبب ذلك، فإن وكالة «الأونروا» قد تضطر إلى وقف عملياتها مع حلول نهاية الشهر الحالي، وهذا يعني أن نحو 6 ملايين إنسان في القطاع والضفة الغربية وأماكن الشتات في الأردن ولبنان وسوريا سوف يعانون الأمَرين بعد أن ينقطع عنهم شريان الحياة الأساسي.

صحيفة «ذا ديلي بيست» البريطانية أكدت في تقرير لها أن ملف الاستخبارات الإسرائيلية الذي يزعم أن عدداً من موظفي «الأونروا» شاركوا في عملية طوفان الأقصى «لا يتضمن أدلة كافية تدعم صحة هذه الادعاءات»، كما أن شبكة «سي بي نيوز» الأمريكية أشارت إلى أن الادعاءات «تفتقد إلى الأدلة».

لقد بات مصير الوكالة على المحك، لأنها ستفقد مساعدات بقيمة 65 مليون دولار، وكذلك حياة الملايين من الفلسطينيين الذين يعتمدون في تدبير حياتهم اليومية على ما تقدمه الوكالة من دعم، وتتعاظم المعاناة في قطاع غزة، حيث بات أكثر من 1.3 مليون شخص بينهم ما يقرب من 610 آلاف طفل يعيشون في الطرقات أو الشوارع في مدينة رفح، حسب تقرير أخير ل«يونيسيف».

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
http://tinyurl.com/5fw3cfv7

عن الكاتب

كلمة الخليج

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"