عادي

عذب الكلام

00:33 صباحا
قراءة 3 دقائق
عذب الكلام

إعداد: فوّاز الشعّار

لُغتنا العربيةُ، يُسر لا عُسرَ فيها، تتميّز بجمالياتٍ لا حدودَ لها ومفرداتٍ عَذْبةٍ تُخاطب العقلَ والوجدانَ، لتُمتعَ القارئ والمستمعَ، تُحرّك الخيالَ لتحلّقَ بهِ في سَماءِ الفكر المفتوحة على فضاءات مُرصّعةٍ بِدُرَرِ الفِكر والمعرفة. وإيماناً من «الخليج» بدور اللغة العربية الرئيس، في بناء ذائقةٍ ثقافيةٍ رفيعةٍ، نَنْشرُ زاوية أسبوعية تضيءُ على بعضِ أسرارِ لغةِ الضّادِ السّاحِرةِ.

في رحاب أمّ اللغات

من جماليّات «الجِناس» أن يكون الشّكْل فَرقاً بين الكَلمتين، منه قول الشابّ الظريف:

أَسْمَرَ قَدْ باتَ في مَحَبَّتِهِ

وَجْدي سَميري وذِكْرهُ سَمَرِي

أَقَلُّ ما في جَمالِ طَلْعَتِهِ

أَجَلُّ ما في مَحاسِنِ القَمَرِ

مَنْطِقُهُ في الهَوَى وناظِرُهُ

أَرَّقَني بِالحِوارِ والحَوَرِ

فالجناس في قوله «سَميري وسَمَرِي»، و«الحِوارِ والحَوَرِ»

وقول البُحتُريّ:

ما عَلى الرَّكْبِ مِنْ وُقوفِ الرِّكابِ

في مَغاني الصِّبا ورَسْمِ التَّصابي

سَقَمٌ دونَ أَعْيُنٍ ذاتِ سُقْمٍ

وعَذابٌ دونَ الثَّنايا العِذابِ

الجناس في «الرَّكْب، والرِّكاب»، و«سَقَمٌ، وسُقْمٌ».

دُرَرُ النّظْمِ والنَّثْر

لا يَمْتَطي المَجْدَ

صَفِيِّ الدينِ الحِلِّي

(بحر البسيط)

لا يَمْتَطي المَجْدَ مَنْ لَمْ يَرْكَبِ الخَطَرا

ولا يَنالُ العُلى مَنْ قَدَّمَ الحَذَرا

ومَنْ أَرادَ العُلى عَفْواً بِلا تَعَبٍ

قَضى ولَمْ يَقْضِ مِنْ إِدْراكِها وَطَرا

لا بُدَّ لِلشَّهْدِ مِنْ نَحْلٍ يُمَنِّعُهُ

لا يَجْتَني النَّفْعَ مَنْ لَمْ يَعْمَلِ الضَّرَرا

لا يُبْلَغُ السُّؤلُ إِلّا بَعْدَ مُؤلَمَةٍ

ولا يَتِمُّ المُنى إِلّا لِمَنْ صَبَرا

وأَغْزَرُ النّاسِ عَقْلاً مَنْ إِذا نَظَرَتْ

عَيْناهُ أَمْراً غَدا بِالغَيْرِ مُعْتَبِراً

فَقَد يُقالُ عِثارُ الرِّجْلِ إِنْ عَثَرَتْ

ولا يُقالُ عِثارُ الرَّأيِ إِنْ عَثَرا

مَن دَبَّرَ العَيْشَ بِالآراءِ دامَ لَهُ

صَفْواً وجاءَ إِلَيْهِ الخَطْبُ مُعْتَذِرا

من أسرار العربية

في خِيار الأشياء: سَرَواتُ النَّاسِ. حُمْرُ النَّعَمِ. جِيادُ الخَيْلِ. عِتاقُ الطَّيْرِ. لَهَامِيمُ الرِّجالِ. أحْرارُ البُقُولِ. عَقِيلَةُ المالِ. حُرُّ المَتاعِ والضِّياعِ. مَطَرٌ جَوْدٌ. فَرَسٌ جَوادٌ. دِرْهَمٌ جَيِّدٌ. ثَوْبٌ فاخِرٌ. مَتاعٌ نَفِيسٌ. غُلامٌ فارِهٌ. سَيْفٌ جُرازٌ. أَرْضٌ عَذَاةٌ (إذا كَانَتْ طَيِّبَةَ التُّرْبَةِ، كَرِيمَةَ المَنْبِتِ، بَعيدَةً مِنَ الأَحْساءِ والنُّزُوزِ). ناقَةٌ عَيْطَلٌ؛ إذا كانَتْ طَوِيلَةً في حُسْنِ مَنْظَرٍ وسِمَنٍ؛ قال عَمْرو بنُ كُلثوم:

ذِراعَيْ عَيْطَلٍ أَدْماءَ بِكْرٍ

هِجانِ اللَّوْنِ لَمْ تَقْرَأْ جَنِينا

وفي الرّداءة: الخَلْفُ: القَوْلُ الرَّدِيءُ. الحَشَفُ: التَّمْرُ الرَّدِيءُ. الخَنِيفُ: الكَتَّانُ الرَّدِيءُ. السَّفْسافُ: الأمْرُ الرَّدِيءُ. الهُراءُ الكَلامُ الرَّدِيءُ. المُهَلْهَلَةُ: الدِّرْعُ الرَّدِيئَةُ. البَهْرَج والزَّيْفُ: الدِّرْهَمُ الرَّدِيءُ؛ قال الشاعر:

تَرَى الْقَوْمَ أَشْباهاً إِذا نَزَلُوا مَعاً

وفِي الْقَوْمِ زَيْفٌ مِثْلُ زَيْفِ الدَّراهِمِ

هفوة وتصويب

كثُرٌ لا يفرّقون في اللفظ أو الكتابة بين «خُطّة» (بضمّ الخاء) و«خِطّة» بكسرها؛ والصواب: الخِطُّ والخِطَّةُ: الأَرض تُنْزَلُ مِنْ غَيْر أَنْ يَنْزِلها نازِلٌ قبل ذلك. أمّا الخُطَّةُ، فهي شِبْه القِصَّة والأَمْرُ. يقال: سُمْتُهُ خُطَّةَ خَسْفٍ وخُطَّة سَوْء؛ وقال تأَبَّط شَرّاً:

هُما خُطَّتا إِمَّا إِسارٌ ومِنَّةٌ

وإِمَّا دَمٌ، والقَتْلُ بالحُرِّ أَجْدَرُ

أَرادَ خُطَّتانِ فَحَذَفَ النون اسْتِخْفافاً.

وكذلك بين فعلي «أدانَ» و«دانَ»، فيقول بعضهم «أدانت المحكمةُ فلاناً» بمعنى حَكَمت عليه، وهي خطأ؛ والصواب: «دانَتْه». لأن دانَ يَدينُ: حَكَم وغَلَبَ.

أمّا أَدانَ إدانَةً وديْناً، فمعناها: باعَ إلى أَجلٍ فصار له دَيْنٌ؛ قال أبو ذؤيب: أَدانَ وأَنْبَأَهُ الأَوَّلونَ

بأَنَّ المُدانَ مَليءٌ وَفِيُّ

من حكم العرب

عَلَيْنا لَكَ الإِسْعادُ إِنْ كانَ نافِعاً

بِشَقِّ قُلوبٍ لا بِشَقِّ جُيوبِ

فَرُبَّ كَئيبٍ لَيْسَ تَنْدى جُفونُهُ

وَرُبَّ كَثيرِ الدَّمْعِ غَيْرُ كَئيبِ

البَيْتان لأبي الطيّب المتنبّي، يقول إن إسعاد الأحبّة، يكون بفتح الأفئدة وبذل المحبّة، والابتسامة، فالدمع ليس دلالةَ الوجد، فكثير من النّاس تنحرق قلوبهم ولا تجري منهم دمعة، وكثُر آخرون تجْري دموعهم ولا أثر للحزن في قلوبهم.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
http://tinyurl.com/2sudseje

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"