انتصار من السجن

00:13 صباحا
قراءة 3 دقائق
2

الإجراءات الزجرية التي اتخذت ضد رئيس الوزراء الباكستاني السابق عمران خان منذ الإطاحة به في إبريل/نيسان 2022، في انقلاب سياسي مدبّر من داخل حزبه، (حركة إنصاف)، واعتقاله، وإصدار إحكام ضده بالسجن 10 أعوام، ثم 14 عاماً، بتهم الفساد، وتسريب وثائق سرية، وقبوله هدايا غير مشروعة، وزواج غير شرعي، ثم منعه وحزبه من المشاركة في الانتخابات التي جرت يوم الخميس الماضي، كلها إجراءات لم تنفع في تقييد الرجل والحدّ من قوته وجماهيريته في أن يتمكن النواب «المستقلون» المؤيدون ل«حركة إنصاف» من الحصول على 102 مقعد من أصل 342 مقعداً هم مجموع أعضاء الجمعية الوطنية (البرلمان)، فيما حصل «حزب الرابطة الإسلامية» بزعامة رئيس الوزراء الأسبق نواز شريف على 73 مقعداً، وحصل «حزب الشعب» الذي يتزعمه بيلاوال بوتو زارداري، نجل رئيسة الوزراء السابقة بنازير بوتو، على 54 مقعداً، وحصلت الحركة القومية المتحدة على 17 مقعداً.

فوز «حركة إنصاف» بالأغلبية البرلمانية يؤكد أن عمران خان نزيل السجن لا يزال الرجل الأول على الساحة السياسية الباكستانية، وأنه من داخل سجنه استطاع أن يُحدث مفاجأة غير منتظرة سوف تقلب المعادلة السياسية في باكستان، وأنه لا يزال يشكل رقماً صعباً لا تستطيع أية جهة أن تلغيه حتى وهو في السجن.

اللافت أن صعود عمران خان من ملعب الكريكيت الذي برز فيه بطلاً قومياً إلى كرسي رئاسة الحكومة لم يكن صدفة، إنما لأن الجيش الذي يدير شؤون البلد من وراء الستار أراد أن يُحدث تغييراً في الهرم السياسي التقليدي، فتمكنت «حركة إنصاف» من الفوز بانتخابات 2018، وجاء عمران خان رئيساً للحكومة إلى أن تم تدبير «انقلاب» ضده عام 2022 بسبب ما قيل عن إفشائه إسراراً تتعلق ببرقية أرسلها سفير باكستان لدى الولايات المتحدة، جاء فيها وفق عمران خان، أن واشنطن كانت متواطئة في مؤامرة لطرده من منصبه في ذلك العام، لكن واشنطن والجيش الباكستاني نفيا هذا الاتهام.

الخطوة التالية بعد أن تم الإعلان عن نتائج الانتخابات، هي تشكيل الحكومة. فمن يشكلها؟

رئيس الوزراء الأسبق نواز شريف الذي عاد في أكتوبر/تشرين الأول الماضي من منفاه في لندن، أعلن أن حزبه سوف يشكل الحكومة الجديدة، وأنه يبحث عن شركاء، وقد بدأ حواراً مع «حزب الشعب» وبعض الأحزاب الأخرى، ويتردد أنه وقّع اتفاقاً من الجيش الذي كان اتهمه بالفساد وأقاله من السلطة عام 2017، رغم أن قائد الجيش اللواء سيد عاصم أعرب عن ثقته بأن تؤدي الانتخابات إلى «الاستقرار والسلام»، وقال: «إن الشعب بحاجة إلى التخلص من سياسة الفوضى والاستقطاب»، لكن هذا لا يعني أن المؤسسة العسكرية تقف على مسافة واحدة من الجميع، ذلك أن طبيعة الحكم منذ استقلال باكستان عام 1947 كان للجيش دور في تحديد المسار السياسي للسلطة، وسبق أن أمضت عدة عقود تحت الحكم العسكري في الخمسينات والسبعينات والثمانينات والتسعينات من القرن الماضي، وفي العام 2008.

هل هناك حظوظ ل«حركة إنصاف» في تشكيل الحكومة رغم أنها تحظى بأغلبية نيابية؟

المحللون يستبعدون ذلك؛ لأن المؤسسة لا تريد تكرار تجربتها مع الحركة، رغم أن رئيسها المؤقت جوهر علي خان أعلن أنها ستسعى إلى تشكيل الحكومة باعتبارها الحزب الأكبر في عدد مقاعد البرلمان، خصوصاً أنه بموجب القانون الانتخابي فإن الحزب الذي يحصل على أغلبية (النصف زائد واحد) من نواب البرلمان (169 نائباً) يقوم بتشكيل الحكومة، وبما أن أحداً من الإحزاب لم يحصل على هذه النسبة، فيمكن تشكيل حكومة ائتلافية من أكثر من حزب؛ لذلك فحظوظ نواز شريف أكبر.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
http://tinyurl.com/yc7bctek

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"