عادي

عذب الكلام

23:30 مساء
قراءة 3 دقائق

إعداد: فوّاز الشعّار

لُغتنا العربيةُ، يُسر لا عُسرَ فيها، تتميّز بجمالياتٍ لا حدودَ لها ومفرداتٍ عَذْبةٍ تُخاطب العقلَ والوجدانَ، لتُمتعَ القارئ والمستمعَ، تُحرّك الخيالَ لتحلّقَ بهِ في سَماءِ الفكر المفتوحة على فضاءات مُرصّعةٍ بِدُرَرِ الفِكر والمعرفة. وإيماناً من «الخليج» بدور اللغة العربية الرئيس، في بناء ذائقةٍ ثقافيةٍ رفيعةٍ، نَنْشرُ زاوية أسبوعية تضيءُ على بعضِ أسرارِ لغةِ الضّادِ السّاحِرةِ.

في رحاب أمّ اللغات

حركة الحرف في بعض الكلمات تُحدثُ فرقاً كبيراً، لفظة «كلام» مثالاً: كَلام بفتح الكاف: الحديثُ مفردها كَلِمَة. وبكسرها كِلام: الجُروح مفردها كَلْم. وبضمّها كُلام: الأرض اليابسة.

قال قُطرب:

تَيّمَ قَلْبي بالكَلامْ

في الحَشا مِنْهُ كِلامْ

فَسِرتُ في أَرضٍ كُلامْ

لكيْ أنالَ مطلبي

وللشاعر خليل مطران، عن جمال العربية:

يابْنةَ الضَّادِ أَنْتِ سِرُّ مِنَ الحُسْ

نِ تَجلَّى عَلى بَنِي الإِنْسانِ

كُنْتِ في الْقَفْرِ جَنَّةً ظلَّلَتْها

حالِياتٌ مِنَ الْغُصونِ دَواني

لُغَةُ الفنِّ أنتِ والسِّحْرِ والشِّعْ

رِ ونُورُ الْحِجا وَوَحْيُ الْجَنانِ

دُرَرُ النّظْمِ والنَّثْر

خَيالٌ يَعْتَريني

البُحتُري

(بحر الوافر)

خَيالٌ يَعْتَريني في المَنامِ

لِسَكْرى اللَّحْظِ فاتِنَةِ القَوامِ

لِعَلْوَةَ إِنَّها شَجَنٌ لِنَفْسي

وبَلْبالٌ لِقَلْبي المُسْتَهامِ

إِذا سَفَرَتْ رَأَيْتَ الظَّرْفَ بَحْتاً

ونارَ الحُسْنِ ساطِعَةَ الضِّرامِ

تَظُنُّ البَرْقَ مُعْتَرِضاً إِذا ما

جَلا عَنْ ثَغْرِها حُسْنُ ابْتِسامِ

كَنَوْرِ الأُقْحُوانِ جَلاهُ طَلٌّ

وسِمْطِ الدُّرِّ فُصِّلَ في النِّظامِ

سَلامُ اللهِ كُلَّ صَباحِ يَوْمٍ

عَلَيْكِ وَمَنْ يُبَلِّغُ لي سَلامي

لَقَدْ غادَرتِ في جَسَدي سَقاما

بِما في مُقْلَتَيْكِ مِنَ السَّقامِ

لَئِنْ قَلَّ التَّواصُلُ أَوْ تَمادَى

بِنا الهِجْرانُ عامًا بَعْدَ عامِ

فَكَمْ مِنْ نَظْرَةٍ لي مِنْ قَريبٍ

إِلَيْكِ وزَوْرَةٍ لَكَ في المَنامِ

من أسرار العربية

الفرقُ بينَ الضَّرِ (بفتح الضاد) والضُّرّ (بضمّها) الأولى: خلاف النّفع، والثانية: الهُزال وسوء الحال. أمّا الضّرّاء، فهي المَضَرّة الظاهرة. والبأساء ضَرّاء مع الخَوْف. وأصلها البأسُ وهو الخَوْفُ، يقال: لا بأسَ عليكَ، أي لا خَوْفَ. وبَيْن الجَدُّ والجُدُّ والجِدّ: الجَدُّ أبو الأبِ، وأبو الأُمِّ، جمعه أجْدَادٌ وجُدودٌ... والجَدُّ: الحظّ والرّزق،

والجِدّ إِنما هو الاجتهاد في العمل. والجُدُّ: شاطئ النّهر والجُدَّة أَيضاً؛ وبه سمِّيت المدينة التي عند مكة. وبَيْن القِسْط والقُسط والقَسط: بالكسر العَدْلُ، والحِصَّةُ من الشيء، والمِقْدَارُ، والرِّزْقُ.. وبالضمّ عُودٌ هِنْدِيٌّ وعَرَبِيٌّ، مُدِرٌّ، نافِعٌ للكَبِدِ، والمَغَصِ. وقُسُطُ الرِّجْلِ، بضمتين: مُسْتَقِيمُهَا بِلا أَطَرٍ. وقَسَطَ يَقْسِطُ قَسْطاً، بالفتح، وقُسوطاً جارَ، وعَدَلَ عن الحَقِّ، وقَسَطَ الشيءَ فَرَّقَهُ. ويقال: قَسَّطَ على عِيالِه النفَقةَ تَقْسِيطاً إِذا قَتَّرَها؛ قال الطرمَّاح:

كَفَّاه كَفٌّ لا يُرَى سَيْبُها

مُقَسَّطاً رَهْبةَ إِعْدامِها

هفوة وتصويب

كثر يخلطون في القراءة بين «شِمال»، (بكسرِ الشّين)، و«شَمال» (بفتحها)؛ والصّواب: الشِّمالُ: نقيضُ اليَمِين، والجَمْع أَشْمُلٌ وشَمائِل وشُمُلٌ.. وشَمَلَ به: أَخَذَ به ذاتَ الشِّمال؛ ومنه قول زهير:

جَرَتْ سُنُحاً، فَقُلْتُ لها: أَجِيزِي

نَوىً مَشْمُولةً، فمَتى اللِّقاءُ؟

مَشْمُولةً أَي مأْخُوذاً بها ذاتَ الشِّمال.

والشِّمال: الطَّبْع، والجَمع شَمائل؛ قال عَبْد يَغُوث:

أَلَمْ تَعْلَما أَنَّ المَلامَةَ نَفْعُها

قَلِيلٌ وما لَوْمي أَخي مِنْ شِمالِيا

أمّا الشَّمَالُ، فهي: ريح تَهُبُّ من يَسار القِبْلة، وهي باردة. وغَدِيرٌ مَشْمولٌ: نَسَجَتْه ريحُ الشَّمَال أَي ضَرَبَته فَبَرَدَ ماؤه؛ قال كَعْب بن زهير:

شُجَّت بِذي شَبَمٍ مِن ماءِ مَحنِيَةٍ

صافٍ بِأَبطَحَ أَضْحى وَهُوَ مَشْمولُ

من حكم العرب

لِكُلٍّ مَكانٌ لا يَسُدُّ اخْتلالَهُ

مَكانُ أخيه في جَزُوعٍ ولا جَلدِ

هَلِ العَيْنُ بَعْدَ السَّمْع تكْفِي مكانَهُ

أمِ السَّمْعُ بَعْد العَيْنِ يَهْدِي كما تَهْدي

البيتان لابن الرومي، في رثائيّته المعروفة، بعد وفاة ولده؛ يقول إنَّ لكلّ شيء في هذه الدنيا مكانَه ومكانَته، ولا شيء يحلّ مكان آخر.. فإذا فقدنا ما نُحِبُّه أو مْنْ نُحبُّه.. فما يزال لدينا ما نُحِبُّه ومَنْ نُحِبُّه، لكن لا يعوّضان المفقودين.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
http://tinyurl.com/3xh36cxj

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"