عادي
جماليات إماراتية

إبراهيم العوضي..عاشق التراث

23:30 مساء
قراءة 4 دقائق
إبراهيم العوضي

الشارقة: عثمان حسن

الفنان إبراهيم العوضي، هو أحد رواد الحركة التشكيلية في الإمارات، ومن الأسماء التي لمعت في تركيزها على الجانب التراثي، من بحر ورمل وصحراء، وقد استطاع عبر مسيرته الثرية في التشكيل أن يعكس جوانب مهمة من مفردات هذا التراث، بوصفه موضوعاً إنسانياً وخصباً، فحرص دائما على إبراز ما استطاع من غنى، وأصالة وتنوع في بيئته، في منجز فني وبصري لافت.

استطاع إبراهيم العوضي، أن يعكس جماليات هذا التراث، شكلاً ومضموناً، ففي جانب الشكل على وجه الخصوص، منح العوضي اللوحة التي يشتغل عليها مسحة جمالية وبصرية جديدة، حتى على الرغم من واقعية الشكل الذي صبغ معظم تجربته الفنية التي قدمها بخصوصية تحسب له، فهذه التجربة، حتى وإن انطلقت من الواقعية، فإنها بالضرورة تجربة متحركة، وفيها لمسات متنوعة من مدارس وتجارب فنية راسخة، ما دفع كثيراً من النقاد إلى توصيف هذه التجربة بكونها «تجربة منفتحة بين الواقعية والواقعية المبسطة، والسوريالية، والتكعيبية، والرمزية، وشبه الانطباعية، والتعبيرية».

وقد حضرت الطبيعة الإماراتية في أعمال العوضي مفعمة بتبدلاتها خلال الفصول الأربعة، من خلال اشتغاله على ثيمة اللون، وتدرجاته وانعكاساته بين الإضاءة والظل، الأمر الذي جعله حاضراً بقوة كأحد الأسماء التي لا يمكن تجاوزها.

تنشيط

حرص العوضي على تحريك النشاط الفني في الإمارات، بل لعله من أبرز التشكيليين الذين كانت لهم مبادرات شخصية لتنشيط الفن في إمارات الدولة، في المدارس والمراكز الفنية المختلفة، سواء من خلال مشاركاته كمدرب في الورش الرسمية أو الأهلية أو من خلال مبادراته الشخصية التي خرجت عدداً كبيراً من المتدربين، من الفنانين والفنانات الذين أصبح بعضهم أعضاء في جمعية الإمارات للفنون التشكيلية، وفي هذا الصدد يؤكد العوضي دائماً، الدور الذي يجب أن تلعبه الجهات الرسمية في هذا المجال، بخاصة وزارة الثقافة بوصفها الجهة الأولى والأبرز التي تتولى مهمة الإشراف على كل القطاعات، الفنية والثقافية، وخلال مشواره الفني كان العوضي حريصاً على أن يكون هناك دور متميز للمشرفين والمنشطين الفنيين في كل الدوائر، وأن يكون هناك على الدوام سعي لتطوير هؤلاء المنشطين، فعليهم تقع مسؤولية متابعة الشأن التشكيلي المحلي، وأن يكون الفنان الإماراتي على رأس أولويات هؤلاء الإداريين.

وفي هذا الجانب، يؤكد إبراهيم العوضي ضرورة أن يحرص هؤلاء على متابعة الفنان الإماراتي، وإشراكه في الفعاليات خارج الدولة، وأن يتم وضع مخصصات ومكافآت مجزية للفنانين الإماراتيين، ويعتقد أن هذا يعتبر أسلوباً حضارياً لتقدير الفنون.

دانات

في السنتين الأخيرتين، بدأت التجربة الفنية لإبراهيم العوضي، تمزج بين الواقعية والتجريد، وإلى حد ما «السيريالية»، ويتضح ذلك من خلال تجربة فنية عمل عليها العوضي وبرزت بشكل جلي في عمله الموسوم ب «الدانات»، وأيضاً من خلال جدارية «حضارة الإمارات».

في العمل الأول، استوحى العوضي تراث حياة البحارة، والبحث عن اللؤلؤ، أو ما يعرف ب«تراث الغوص»، تلك الحياة والقصص المحفوفة بالمغامرة والمخاطر. وكان أكثر شيء يخيف الغواصين، كما يؤكد إبراهيم العوضي، وهم يبحثون عن «الدانات»، هو مهاجمتهم من أسماك القرش في قاع البحر، هنا، قدم العوضي عملاً يتناغم مع المدرسة السيريالية على نحو واضح، فقد ظهرت أنياب وعيون القرش بشكلها المخيف في هذا العمل، قريباً من تلك «الدانات» الساحرة التي يغامر الصياد للحصول عليها، وتظهر في العمل تلك المغامرة على نحو مدهش من حيث الشكل، واستخدام اللون، حيث قارب العوضي بين هذه المخاطر، وفرص الحصول على الدانات، في رحلة غالباً ما تنتهي بنهايات سعيدة، رغم المخاطر والصعوبات.. وقد حرص العوضي على إبراز الدانات باللون الأصفر الفاتح، لإضفاء لمسة بصرية وجمالية على اللوحة، ولكسر جمود اللون، كما برزت في اللوحة ألوان الأزرق مغلّفة بالأسود الغامض، في إشارة إلى لجة وغموض البحر، الذي يستحق المغامرة والحصول على هذه الكنوز التي يعتاش منها الصيادون.

أما العمل الثاني، «حضارة الإمارات» فهو عمل مستوحى من العمارة التراثية في الإمارات، والخليج العربي، وفي هذا العمل حرص العوضي على انتقاء مفردات مختلفة من الأبواب والشبابيك، والبراجيل، وكذلك نقوش الجدران، وجاءت اللوحة لتمزج بين المدرسة الواقعية والتجريد، مع لمسة واضحة من اللون البرتقالي الطاغي على سطح اللوحة.

ولا يخفي العوضي في هذه اللوحة تأثره بأسلوب الفنان الإماراتي عبد القادر الريس، الذي امتازت لوحاته التراثية خاصة في «الأبواب والشبابيك» ببصمة خاصة لجهة التكوينات والتفاصيل المعمارية الكثيرة، التي برزت في أعماله، وظهرت لوحة إبراهيم العوضي مشرقة باللون البرتقالي، على نحو واقعي ورومانسي وتجريدي، يظهر في جماليات البراجيل والأقواس، والنوافذ والأبواب، وكما اشتغل العوضي على «الدانات»، فقد قدم في «حضارة الإمارات» لمسة لونية جمالية واضحة على عكس ما كانت تظهر في لوحاته الواقعية السابقة.

ضوء

بدأ اهتمام إبراهيم العوضي بالفن منذ سنوات الطفولة، في نهاية سبعينات القرن الماضي، وقد كان كذلك من الأسماء التي أسهمت في إنشاء جمعية الإمارات للفنون التشكيلية، وأنجز العديد من اللوحات الفنية بالتركيز على ألوان الأكريليك (زيت على قماش) فغاص في مفردات البيئة المحلية، وفي سمائها المفتوحة على البر والبحر والجبل والسهل، التي شكّل من خلالها بانوراما فسيفسائية متنوعة، وكانت له مشاركات فردية وجماعية تجاوزت ال 25 معرضاً.

الصورة
التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
http://tinyurl.com/yrwt282e

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"