عادي

كشف العورة وحكمها في الإسلام

15:38 مساء
قراءة 3 دقائق
كشف العورة وحكمها في الإسلام (أرشيفية)
كشف العورة وحكمها في الإسلام (أرشيفية)

د. عارف الشيخ

سألني أحدهم ذات يوم فقال: ما حكم من كشف عن عورته المغلظة أمام الناس وهو يتحدث معهم على سبيل النكتة؟
فقلت له: إن الفقهاء قالوا في تعريف العورة بأنها: ما يحرم كشفه من الجسم سواء من الرجل أو المرأة، أو بعبارة أخرى: هي ما يجب ستره وعدم إظهاره من الجسم (1).
وأعتقد أن المفهوم من هذه التعريفات أن العورة المغلظة (السوأتان) باتفاق الفقهاء وعقلاء الناس، لا يجوز كشفها للناس إلا للضرورة.
وفي الحديث الصحيح أن صحابياً قال: قلت: يا رسول الله عوراتنا ما نأتي منها وما نذر؟ قال الرسول صلى الله عليه وسلم: «احفظ عورتك إلا من زوجتك أو ما ملكت يمينك»، قال: قلت: يا رسول الله، إذا كان القوم بعضهم في بعض؟ قال: «إن استطعت أن لا يرينّها أحد فلا يرينها»، قال: قلت: يا رسول الله إذا كان أحدنا خالياً؟ قال الرسول صلى الله عليه وسلم: «أحق أن يستحيي منه من الناس»، (رواه أبو داوود وحسّنه الألباني).
أقول: إن العورة المغلظة (القُبل والدبر) سميتا بالسوأتين، وبالعورة المغلظة، لذلك فإن كشفهما من غير حاجة ولا ضرورة ذنب يحتاج إلى توبة واستغفار، واعتقاد أنه من قبيل النكتة وإضحاك الناس، هو استخفاف بالدين، والدين بريء من أمثال هؤلاء، لذلك عليه أن يعزم على عدم العود إلى مثله.
وبالمناسبة إذا كانت العورة تكشف للضرورة كالعلاج مثلاً، باعتبار أن الضرورات تبيح المحظورات، فإن الفقهاء وضعوا ضوابط لهذه الضرورة، لأن قاعدة فقهية أخرى تقول: الضرورة تقدر بقدرها.
وبناء عليه فإن الطبيب لا يكشف من المرأة إلا على قدر الحاجة ولا يجوز التعدي، وإذا وجدت الطبيبة فلا يصح للطبيب أن يعالج المرأة، وإذا كان الطبيب عند الحاجة فلا يخلو الطبيب بالمرأة عند كشفها.
ولعل بعضهم يقول: إن هذا الرجل الذي كشف عورته، كشفها أمام الرجال وليس النساء، أقول: حتى الرجل مع الرجل لا يحل له أن يكشف عورته المغلظة أمامه من غير ضرورة، لأن الرسول صلى الله عليه وسلم، قال: «ما تحت السرة عورة»، (أخرجه أحمد والدار قطني2).
والفقهاء بينوا أن الميت له احترام أيضاً مثل الحي، فقالوا: إن عورة الميت يحرم النظر إليها مثلما لو كان حياً، لأن الرسول صلى الله عليه وسلم قال لعلي: «لا تنظر إلى فخذ حيّ ولا ميت» (رواه أبو داوود، وابن ماجه والطحاوي والحاكم والدار قطني والبيهقي).
يقول الدكتور شوقي علام مفتي مصر: «أجمع الفقهاء على وجوب ستر عورة الميت أثناء غسله، لأن حرمة الإنسان ميتاً كحرمته حياً، ثم ذكر عن ابن البر في التمهيد: السنة في الحي والميت تحريم النظر إلى عورتهما. (3).
إذن فإن الحديث السابق: «لا تنظر إلى فخذ حي ولا ميت»، وإن كان ضعيفاً بهذه العبارة، إلا أن له ما يقويه في أماكن أخرى، فالإجماع على الحرمة.
ويقول ابن عابدين من الحنفية في حاشيته: «وتستر عورته الغليظة فقط» ويقصد عورة الميت (4).
الهوامش:
1- انظر الشرح الصغير من كتب المالكية ج1 ص283، وانظر مغني المحتاج من كتب الشافعية ج1 ص 185.
2- انظر مغني المحتاج ج3 ص129، وانظر المغني ج1 ص413 -414، وانظر الشرح الصغير ج1 ص 388.
3- انظر التمهيد ج2 ص160.
4- انظر رد المختار ج2 ص195.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
http://tinyurl.com/3samr76p

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"