قال لي أحد الأصدقاء: أنتم يا مشايخنا تقولون لا يجوز بيع وشراء الكلاب والقطط السود وما شابهها، ولكن نراها في أقفاصها في الأسواق للبيع، فما هذا التناقض؟.
قلت له: أنت تسألني عن حكم الشرع في هذه الأشياء أم عن سياسة الأسواق ولوائح تنظيم البيع والشراء فيها؟
نعم.. يقول جابر بن عبدالله رضي الله عنه: «نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ثمن الكلب والسنّور» (رواه أبو داوود والترمذي).
وفي فتاوى اللجنة الدائمة بالرياض: «لا يجوز بيع القطط والقردة والكلاب وغيرها من كل ذي ناب من السباع، لأن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن ذلك وزجر عنه، ولما في ذلك من إضاعة المال».
لكن يبدو أن هناك أكثر من فهم حول الحديث الوارد، لذلك يرى علماء آخرون بأنه لا حرج في بيع القطط الأهلية غير المتوحشة إذا كان ينتفع بها.
يقول الإمام النووي رحمه الله تعالى: «بيع الهرّة الأهلية جائز بلا خلاف عندنا نحن الشافعية، وبه قال جماهير العلماء».
أما الذي قال بعدم الجواز فاحتج بحديث أبي الزبير قال: «سألت جابراً عن ثمن الكلب والسنّور، فقال: زجر النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك» (رواه مسلم)
لكن يقول الإمام النووي: «الهرّ طاهر ينتفع به ووجد فيه جميع شروط البيع بالخيار فجاز بيعه كالبغل والحمار».
أما الحديث فيقصد الهرّة الوحشية فلا يصح بيعها لعدم الانتفاع بها، كما أن النهي للتنزيه (أنظر المجموع ج9 ص 229)
أقول: إن الأحوال اليوم قد تغيّرت، والفتاوى يجب أن تتغير أيضاً بتغير الأحوال لتراعي متقلبات الزمن، فالناس إذا سدّدت أنت عليهم الطريق المشروع، انصرفوا إلى غير المشروع بقوة ولم يقفوا عند الحلال والحرام.
لذلك فإن الأصل في الأشياء الإباحة ما لم يرد نص بالتحريم، فالكلب ورد فيه النص لكن يستثنى فيه أيضاً كلب الصيد وكلب الحراسة في كثير من أحكامه.
والهرّ كذلك ورد فيه نص لكن اختلف فيه العلماء حسب فهمهم للحديث أو حسب المراد من الهرّ: الأهلي أو الوحشي الذي لا ينتفع به.
وفي زماننا كما قال السائل تباع الحيوانات والطيور والزواحف والحشرات للزينة على سبيل المثال فما حكم هذا النوع من البيع؟.
وفي الحديث عن أنس رضي الله عنه قال: «كان النبي صلى الله عليه وسلم أحسن الناس خُلقاً، وكان لي أخ يقال له أبو عمير، قال: «أحسبه فطيماً، وكان إذا جاء قال له: يا أبا عمير ما فعل النغير، والنغير طير كان يلعب به» (رواه البخاري)
نعم... ومثل هذا الحديث يفتح باباً واسعاً أمام الفقهاء، كأن يجيزوا اتخاذ الطيور من أجل الزينة وتسلية الأطفال بها في البيوت والحدائق العامة.
وقد قال الحافظ ابن حجر في فتح الباري: «في هذا الحديث جواز لعب الصغير بالطير، وجواز ترك الأبوين ولدهما الصغير يلعب بما أبيح اللعب به، وجواز إنفاق المال فيما يتلهّى به الصغير من المباحات، وجواز إمساك الطير في القفص ونحوه، وقص جناح الطير، إذ لا يخلو طير أبي عمير من واحد منهما.
وكذلك حديث أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «دخلت امرأة النار في هرّة حبستها لا هي أطعمتها وسقتها ولا هي تركتها تأكل من خشاش الأرض» (رواه البخاري وأحمد).
قال ابن حجر: «وإذا جاز هذا في الهرّة جاز في العصافير ونحوها».
د. عارف الشيخ
http://tinyurl.com/ysndyans